حماس تكشف عن استعدادها للتخلي عن حكم غزة وترمي الكرة في ملعب إسرائيل
حماس تكشف عن استعدادها للتخلي عن حكم غزة وترمي الكرة في ملعب إسرائيل

في تطور لافت يعكس تعقيدات المشهد السياسي والميداني في قطاع غزة، أبدت حركة حماس استعدادها للتخلي عن سلطتها الإدارية والسياسية في القطاع لصالح حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وجاء هذا الإعلان في لحظة حرجة مع قرب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الهش بين الحركة وإسرائيل، وسط غياب ترتيبات واضحة لتمديد وقف إطلاق النار أو الدخول في مفاوضات جديدة، حسبما ذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية.
حماس تتخلى عن حكم غزة
وأكد باسم نعيم، المسؤول السياسي البارز في حركة حماس، أن الحركة على استعداد للتنحي عن إدارة قطاع غزة وتسليم السلطة إلى هيئة أو حكومة أو لجنة تكون جاهزة لإدارة القطاع.
وأوضح أن هذا الاستعداد ليس جديدًا، بل تعلن عنه الحركة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إدراكًا منها لحساسية المرحلة وضرورة بلورة رؤية فلسطينية موحدة لمستقبل القطاع.
وقال نعيم إن موقف الحركة ينبع من رغبة حقيقية في إنهاء حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني، لكن دون المساس بحقوق المقاومة أو سحب سلاحها قبل تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، مشددًا على أن السلاح مرتبط بوجود الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية والقدس.
تعثر التهدئة ومأزق المرحلة الثانية
ويأتي تصريح حماس في وقت حساس، حيث من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس يوم السبت، دون وجود أي تفاهمات معلنة بشأن المرحلة الثانية أو تمديد وقف إطلاق النار.
وبينما أعلنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن نيتها إرسال وفد دبلوماسي إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات، أكدت حماس أنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بهذا الخصوص.
وتباينت التقديرات حول نوايا إسرائيل من المشاركة في محادثات القاهرة، حيث رجحت مصادر أن إسرائيل ربما تسعى إلى إعادة التفاوض تحت تهديد العودة للحرب بدلًا من السعي لاتفاق دائم، وهو ما وصفه نعيم بأنه مناورة إسرائيلية للضغط على حماس وإضعاف موقفها التفاوضي.
الخلاف حول الانسحاب من محور فيلادلفيا
ووفقًا لبنود الهدنة التي جرى التوصل إليها في يناير الماضي بوساطة قطرية ومصرية، فإن المرحلة الأولى تنتهي بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق الحدودية بين غزة ومصر، لكن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين صرح بأن إسرائيل ستُبقي على قواتها في محور فيلادلفيا، ما يعكس توجهًا إسرائيليًا بعدم الالتزام الكامل بشروط الاتفاق.
ويُهدد هذا الموقف الإسرائيلي بتقويض فرص الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي يُفترض أن تشمل خطوات نحو وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من القطاع، وإطلاق سراح المزيد من الأسرى والمعتقلين.
تبادل الأسرى والجثامين بين حماس وإسرائيل
واختتمت المرحلة الأولى من الهدنة بعملية تبادل حساسة، حيث أفرجت إسرائيل عن أكثر من 600 أسير فلسطيني، مقابل تسلم جثامين أربعة إسرائيليين قتلوا أثناء احتجازهم في غزة، وجرت عملية التبادل بعد سلسلة من الوساطات المعقدة، وشهدت في لحظاتها الأخيرة اتهامات متبادلة بين الطرفين حول عدم الالتزام ببعض البنود.
وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد كان الخلاف الأكبر بين حماس وإسرائيل في هذه المرحلة مرتبطًا بمستقبل سلاح المقاومة، ففي حين تشترط إسرائيل نزع سلاح حماس كجزء من أي اتفاق دائم، تتمسك الحركة بموقفها الرافض لنزع السلاح إلا في حال قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
الموقف الإسرائيلي من مستقبل غزة
أوضحت إسرائيل أوضحت مرارًا أنها لا تقبل بأي سيناريو مستقبلي في غزة يتضمن وجود حماس في السلطة، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وخطف 250 آخرين. هذا الهجوم كان الشرارة التي أطلقت الحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ 15 شهرًا، وأدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وفق إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، وتدمير واسع للبنية التحتية في القطاع.
وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي لحكم حماس، فإن تل أبيب تدرك أن أي فراغ في السلطة داخل غزة قد يؤدي إلى فوضى أمنية أو عودة المواجهات، ما يضعها أمام معضلة بين التخلص من حكم حماس وضمان عدم انهيار الوضع الأمني في القطاع.
شروط حماس لنزع سلاحها
وفيما يخص مستقبل سلاح المقاومة، أكد باسم نعيم أن حماس مستعدة لأن تتحول إلى حزب سياسي مدني، وأن يتم دمج مقاتليها في جيش فلسطيني وطني، لكن هذا الأمر مشروط بقيام دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها دوليًا. شدد نعيم على أن السلاح بالنسبة لحماس مرتبط بالاحتلال الإسرائيلي، وأن وجود الاحتلال في غزة والضفة والقدس هو الدافع الرئيسي لحمل السلاح.
ويتعارض هذا الموقف مع رؤية حكومة نتنياهو، التي ترى في القضاء الكامل على قدرات حماس العسكرية هدفًا رئيسًا للحرب، حتى لو كان ذلك على حساب استمرار معاناة الأسرى الإسرائيليين في غزة.
الاستعداد للعودة إلى المواجهة
ورغم التزام حماس بالتهدئة الحالية، أكّد نعيم أن الحركة تُواصل استعداداتها لاحتمال عودة المواجهة العسكرية في حال قررت إسرائيل استئناف الحرب. وأوضح أن الخيارات أمام حماس محدودة، فهي إما أن تُدافع عن نفسها أو تُواجه حربًا إسرائيلية شاملة.
واختتم نعيم حديثه بالتأكيد على أن حماس خاضت 15 شهرًا من المواجهة المستمرة، ولن تتردد في الدفاع عن نفسها وعن الشعب الفلسطيني إذا فرضت عليها الحرب من جديد.