الإبادة اليومية.. دوامات النزوح والموت تتجدد في شمال غزة وكارثة إنسانية غير مسبوقة
الإبادة اليومية.. دوامات النزوح والموت تتجدد في شمال غزة وكارثة إنسانية غير مسبوقة
في العام الماضي، شنت القوات الإسرائيلية هجوماً على شمال غزة، مستهدفةً المناطق المكتظة بالسكان بالقرب من الحدود، بما في ذلك مزارع الفراولة الصغيرة، وادعت القوات أن هناك مقاتلين من حركة حماس يختبئون بين المدنيين في المنطقة؛ مما دفعها لضرب الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء، وكانت تلك إحدى أكثر اللحظات دموية في النزاع، وبعد مرور عام، تتكرر الأحداث بشكل شبه مطابق، حسبما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية".
كابوس الموت والنزوح
وتابعت الصحيفة، أن شمال غزة تواجه اليوم موجة جديدة من الهجمات الإسرائيلية التي تُعد من بين الأعنف في الحملة العسكرية التي استمرت خمسة أسابيع؛ مما أسفر عن نزوح نحو 100 ألف شخص وسقوط ما يزيد عن ألف قتيل، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.
وتشير التقارير إلى تزايد أعداد القتلى لدرجة أن الكلاب الضالة بدأت تأكل الجثث في الشوارع.
يعود تركيز العمليات العسكرية إلى شمال غزة، إذ تقول إسرائيل إنها تهدف إلى عزل مقاتلي حماس في المنطقة عن بقية المجموعات المتواجدة في مدينة غزة.
وزعم مسؤول أمني إسرائيلي، بأن العمليات العسكرية أدت إلى إلقاء القبض على 500 شخص يُشتبه بانتمائهم لحماس وقتل 750 آخرين، وقد حثت القوات الإسرائيلية المدنيين على إخلاء المنطقة، دون أن تتابع حصيلة الخسائر البشرية بين المدنيين.
استراتيجية غير واضحة
ويشير محللون، أن هذا النمط المتكرر من العمليات يعكس إستراتيجية إسرائيلية غير واضحة في النزاع، حيث تستمر في استهداف كبار القادة العسكريين لحماس ومقاتليها وتدمير الأنفاق.
ومع ذلك، يرى البعض أن إسرائيل لم تلتزم بعد بخطة واضحة لتحقيق استقرار ما بعد الحرب، مما يُتيح لحماس الفرصة لملء الفراغ.
ويوضح اللواء المتقاعد غادي شامني، القائد السابق للقوات الإسرائيلية في غزة، أن الاحتلال الكامل يتطلب موارد ضخمة، بينما يُعد النهج الحالي حلاً مؤقتاً يؤدي إلى عواقب وخيمة على السكان.
وأكد أن "الاستمرار في هذا النهج يعني استعادة حماس للسيطرة بمجرد مغادرة القوات الإسرائيلية".
وتشير التقارير إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل حاد مقارنة بالعام الماضي، مع تضرر البنية التحتية ونقص المساعدات الإنسانية وخروج العديد من المنظمات الإغاثية من المنطقة.
وأعلنت لجنة دولية مدعومة من الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، أن المجاعة قد تكون وشيكة في شمال غزة.
في خضم هذه الأزمة، توقفت خدمات الإنقاذ التابعة للدفاع المدني الفلسطيني، وأشارت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى صعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المناطق المتضررة بشدة، ما أدى إلى وفاة العديد من المصابين ممن كانوا يمكن إنقاذهم.
شهادات صادمة
في مستشفى كمال عدوان بجباليا، أصدر مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، نداءً عاجلاً الأسبوع الماضي، مشيراً إلى نقص حاد في الجراحين مع تزايد أعداد المصابين الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية.
وتعرضت المستشفى للقصف ثلاث مرات في خمسة أيام، ما أدى إلى تدمير الإمدادات الطبية التي أرسلتها منظمة الصحة العالمية، بينما بررت إسرائيل الهجوم بأن المستشفى يُستخدم كملاذ لمقاتلي حماس.
وتنقل شهادات سكان من شمال غزة أن المدينة كانت في حالة هدوء نسبي حتى اندلاع القتال مجدداً في أكتوبر الماضي.
ويذكر إسلام أحمد، صحفي مستقل من شمال غزة، أنه قام بتوثيق آثار الانفجارات في أواخر أكتوبر، حيث كان هناك 93 قتيلاً نُقلوا إلى مقبرة جماعية.
ومع استمرار الحملة العسكرية، تتصاعد المخاوف بين الفلسطينيين من نية إسرائيل تهجير سكان شمال غزة بشكل دائم. ومنذ بدء النزاع، دعت إسرائيل السكان للانتقال جنوباً رغم تعرض تلك المناطق أيضاً للقصف.
ويقول بعض المحللين، إن الحكومة الإسرائيلية درست خطة لطرد السكان البالغ عددهم 400 ألف من شمال غزة وإجبار حماس على الاستسلام من خلال قطع الإمدادات الغذائية والمياه.
وفي السياق ذاته، تم توجيه دعوات للمجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة الإنسانية للتدخل، وسط معاناة السكان المستمرة في ظل انقطاع الإمدادات الأساسية وغياب المساعدات الطبية اللازمة، بينما يواجه العديد من المصابين خطر الموت بسبب نقص الرعاية.