ليبيا.. سقوط الحافي يجرد الإخوان من سلاح القضاء ويهدد آخر معاقل الإرهاب
يجرد سقوط الحافي الإخوان من سلاح القضاء ويهدد آخر معاقل الإرهاب
في ظل سعي تنظيم الإخوان في ليبيا لاستعادة نفوذه، لا تتوقف المحاولات الإخوانية عن تطويع جميع الوسائل لضمان بقائهم، يستمر في ليبيا جدل الإخوان وسلاح القضاء الذي يحاولون إشهاره ضد خصومهم، وفي وقت كان فيه التنظيم الإرهابي يحاول جر القضاء لمستنقع الأزمة السياسية عبر رئيس المحكمة العليا السابق محمد الحافي، قطع مجلس النواب الطريق عليه بإعفاء الحافي وتكليف آخر مكانه من المقرر أن يستلم مهامه السبت.
إقحام القضاء
البداية كانت عندما أعلن محمد الحافي رئيس المحكمة العليا السابق تفعيل الدائرة الدستورية المختصة في الفصل بالقضايا الدستورية وذلك بعد ضغط من تنظيم الإخوان الذي كان قد جهز دعاوى لرفعها أمام تلك الدائرة ضد قرارات وقوانين صادرة عن مجلس النواب، وهو ما تنظر فيه المحكمة حاليا بالفعل، وهو الأمر الذي اعتبره كثيرون خطوة لإقحام القضاء في الأزمة السياسية الحالية من قِبل الإخوان ومحاولة لاستخدامه ضد خصومهم وعلى رأسهم مجلس النواب، ولاسيما أن للإخوان سابقة في ذلك عام 2014 بعد أن حكمت تلك الدائرة ببطلان انتخاب مجلس النواب لصالح دعاوى رفعها قياديون في التنظيم بعد خسارة التنظيم الانتخابات ذلك الوقت، وخسر القضاء ثقة الليبيين خصوصا أن ذلك الحكم كان سياسيا وصدر تحت تهديد سلاح ميليشيات الإخوان التي تحكم قبضتها على عاصمة البلاد طرابلس مقر المحكمة العليا ودائرتها الدستورية، خلال الفترة الماضية، لم يكتفِ محمد الحافي بالتجاوب لضغط الإخوان بتفعيل الدائرة الدستورية التي ستكون طرفا لا محالة في الصراع السياسي الجديد والحالي، بحسب مراقبين، بل أصبح الحافي هو الآخر طرفا في ذلك الصراع لصالح التنظيم بعد إعلانه أكثر من مرة رفض إجراءات اتخذها مجلس النواب، رغم أن المجلس هو صاحب الاختصاص التشريعي الأعلى في البلاد.
سلاح إخواني
الناشطة السياسية الليبية لبنى القذافي، قالت: إن "الحافي كان أداة بيد الإخوان وبالتالي فإن سقوطه يمثل سقوط مشروعهم في استخدام القضاء"، وأضافت: أن "تنظيم الإخوان لا يتورع للأسف عن استخدام أي شيء حتى لو كان القضاء الذي لا يمكن أن يبني دولة دون أن يكون نزيها"، موضحة أن سبب سعي الإخوان لاستخدام الحافي للحصول على ورقة القضاء سلاحا أن "التنظيم كان يعلم ويدرك أن الحافي لديه طموح سياسي ويحتاج لتحالفات تبلغه ذلك الطموح"، وفي ذلك الوقت بحسب المتحدثة "كان ترشح الحافي لذلك المنصب كشفا للطموح السياسي لدى الرجل وكان بداية سقوط الحافي من أعين الجميع كون الترشح لمنصب كذاك يحتاج لتحالفات سياسية مسبقة، وإن كان الحافي يملكها معنى ذلك أنه لم يكن يعمل قاضيا عادلا بل كان موالياً لطرف من أطراف الأزمة".
مقر المحكمة
من جانبه، يرى عز الدين عويدات، أستاذ القانون في الجامعات الليبية، أن الإخوان لم يخسروا بعد ورقة القضاء بإعفاء الحافي من رئاسة المحكمة العليا، وفسر الأكاديمي الليبي سبب إجابته تلك بالقول: إن تنظيم الإخوان كان يعتمد في خطته إقحام القضاء في الأزمة واستخدامه سلاحا ضد خصومه على أمرين، يتابع عويدات هو رئيس المحكمة السابق محمد الحافي وقد سقط الآن لكن يبقى الأمر الآخر الذي لا يزال في يد الإخوان وهو مقر المحكمة في العاصمة طرابلس، مضيفًا، طالما مقر المحكمة يوجد بمدينة طرابلس فستكون قراراتها خاضعة بطبيعة الحال لضغط الميليشيات الإخوانية التي تسيطر على المدينة، وأضاف عويدات: أن "رئيس مجلس النواب وجه رسالة رسمية لرئيس المجلس الأعلى للقضاء ومستشاري المحكمة العليا أبلغهم فيها أن انعقاد المحكمة العليا في غير مقرها القانوني بطرابلس غير صحيح ويترتب على ذلك بطلان ما تتخذه من إجراءات".
وأوضح أستاذ القانوني الليبي أن "رسالة عقيلة صالح تلك جاءت مبنية على قرار سابق لمجلس النواب اتخذه عام 2014 وينص على إعادة تنظيم المحاكم العليا، كما أن مادته الأولى تنص على أن ينقل مقر انعقاد جلسات المحكمة العليا الليبية إلى مدينة البيضاء بدلا من طرابلس"، وبالنسبة له، فإن "أول من رفض نقل المحكمة من طرابلس هو القيادي الإخواني خالد المشري الذي أصدر في ذلك اليوم بيانا رفض فيه تلك الخطوة في إشارة على نيتهم استخدام القضاء سلاحا.
آخر المعاقل
يذكر أن تواصل جماعة الإخوان الإرهابية عبر أذرعها المسلحة والجماعات المتطرفة المتحالفة معها، عرقلة أي تسوية سياسية في ليبيا، للحفاظ على هذا المعقل الأخير، بعد سقوط حكمها في مصر وتونس، والهزيمة الساحقة التي تعرضت لها في انتخابات البرلمان المغربي العام الماضي، وتعتبر ليبيا آخر معاقل الإخوان، حيث المساحات الشاسعة لتدريب العناصر المسلحة، وإيواء الإرهابيين، فضلا عن سيطرة الجماعة على المصرف المركزي الليبي، وحقول النفط؛ ما يساعدها على الاستمرار في التشبث بهذا المعقل الأخير.