إسرائيل وورقة الأقليات.. هل تسعى لتفكيك سوريا من الداخل؟

إسرائيل وورقة الأقليات.. هل تسعى لتفكيك سوريا من الداخل؟

إسرائيل وورقة الأقليات.. هل تسعى لتفكيك سوريا من الداخل؟
الأقليات في سوريا

وسط التعقيدات المتزايدة في المشهد السوري، يعود ملف الأقليات إلى الواجهة، متحولًا إلى نقطة تجاذب بين القوى الإقليمية والدولية. الطائفة الدرزية، التي لطالما تمسكت بموقعها المتوازن داخل النسيج السوري، تجد نفسها اليوم أمام تحديات غير مسبوقة، مع تصاعد التوترات بينها وبين الحكومة في دمشق، ومحاولات إسرائيلية لاستقطابها ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط دق ناقوس الخطر، محذرًا من انجرار الدروز وراء ما وصفه بـ"تحالف الأقليات"، الذي قد يكون مدخلًا لمشاريع تقسيمية تستهدف سوريا على المدى البعيد. في ظل هذه التطورات، يبدو أن الملف الدرزي قد يتحول إلى أداة في لعبة النفوذ الإقليمي، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الطائفة ودورها في التوازنات السورية القادمة.  

تحذيرات جنبلاط: رفض للتدخل الإسرائيلي وتمسك بالهوية العربية
دعا وليد جنبلاط أبناء الطائفة الدرزية في سوريا إلى عدم الانخراط في أي تحالفات تهدد وحدة البلاد، مشددًا على أن "الدروز جزء أصيل من المشرق العربي، وارتباطهم بسوريا هو جزء من هويتهم وتاريخهم".


جاءت تصريحاته في سياق تزايد محاولات إسرائيل لاستمالة الدروز عبر تقديم مساعدات غذائية وإغراءات اقتصادية، وهو ما اعتبره جنبلاط "محاولة مكشوفة لاختراق النسيج السوري تحت شعار حماية الأقليات".  


وأشار جنبلاط إلى أن "إسرائيل تسعى لاستغلال التوترات في سوريا لتمرير أجندتها الخاصة"، مؤكدًا أن أي تعاون درزي مع تل أبيب سيشكل "خيانة للهوية العربية والتاريخ المشترك للطائفة".  

إسرائيل وتكتيك استقطاب الأقليات


تشير التقارير إلى أن إسرائيل تعمل على تعزيز علاقاتها مع الأقليات في سوريا، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى خلق تحالفات طائفية يمكن توظيفها لصالح مصالحها الأمنية والجيوسياسية.


فقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية حديثًا عن إرسال آلاف الطرود الغذائية إلى المناطق الدرزية داخل سوريا، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا حول دوافعها الحقيقية.  


وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن بلاده "ستبقى داعمة للأقليات في المنطقة"، مضيفًا أن "هناك روابط تاريخية بين إسرائيل والدروز".


إلا أن هذه التصريحات واجهت ردود فعل متباينة، حيث يرى البعض أن إسرائيل لا تسعى لحماية الأقليات بقدر ما تهدف إلى استخدامها كورقة ضغط في الصراع السوري.  

التوترات الداخلية بين الدروز ودمشق


في الداخل السوري، تتصاعد التوترات بين الطائفة الدرزية والسلطات الحاكمة، وسط حالة من عدم الثقة المتزايدة. 


فقد أعلن الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي للدروز في سوريا، رفضه القاطع لأي تعاون مع الحكومة السورية، معتبرًا أن "دمشق لم تقدم أي ضمانات حقيقية لحماية مصالح الطائفة".


ومع ذلك، كشفت مصادر مطلعة عن وجود محادثات غير معلنة بين قيادات درزية ومسؤولين سوريين، في محاولة لإيجاد صيغة تفاهم تضمن تهدئة الأوضاع ومنع تحول المناطق الدرزية إلى بؤرة صراع جديدة.  

هلال الأقليات.. مشروع إسرائيلي لفرض نفوذ جديد؟


يرى محللون أن إسرائيل لا تركز فقط على الطائفة الدرزية، بل تسعى إلى تشكيل "هلال أقليات" يمتد عبر سوريا ولبنان، بهدف خلق توازنات جديدة في المنطقة.  


في هذا السياق، قال المحلل السياسي عمار وقاف إن "إسرائيل تدرك ضعف الحكومة المركزية في دمشق، وتحاول استغلال هذا الواقع لإيجاد كيانات موازية يمكنها التأثير من خلالها على مستقبل سوريا".


وأضاف أن "استخدام ورقة الأقليات هو جزء من سياسة إسرائيلية قديمة تهدف إلى فرض ترتيبات سياسية جديدة".  

دعوات إسرائيلية للحوار مع سوريا.. مناورة أم تحول استراتيجي؟
في خطوة غير معتادة، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت إلى فتح قنوات اتصال مع الإدارة السورية، معتبرًا أن "التفاهمات الأمنية قد تكون مدخلًا لحوار أوسع يشمل لبنان أيضًا".  


إلا أن هذه الدعوة تتناقض مع مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تصف دمشق بأنها "حليف للميليشيات المسلحة"، وترفض أي تقارب معها. وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية هذه الدعوات، وما إذا كانت تهدف فقط إلى تحسين صورة إسرائيل دبلوماسيًا.