انهيار كامل.. كيف محت إسرائيل الهوية التاريخية الفلسطينية من غزة؟
انهيار كامل.. كيف محت إسرائيل الهوية التاريخية الفلسطينية من غزة؟

تُؤكد تقديرات خبراء فلسطينيين وعلماء آثار بريطانيين أن أكثر من ثلثي المواقع التراثية والثقافية والأثرية في قطاع غزة قد تعرضت للضرر، حيث تضرّر العديد منها بشكل بالغ.
أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن قصر الباشا في غزة، قبل الحرب، صرحًا أثريًا رائعًا بجدرانه الحجرية الذهبية التي تعود إلى 800 عام، وحدائقه الوارفة التي كانت تُوفر الظل للزوار، وقاعاته المقنطرة التي تحتضن مئات القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن.
يقول حمودة الدحدوح، مدير متحف القصر البالغ من العمر 40 عامًا: "كان القصر بمثابة جنة صغيرة على الأرض، أما الآن، فلا حياة هنا، وكل من يأتي يشعر بالحزن ويتذكر كيف كان الحال سابقًا".
إسرائيل محت الهوية الفلسطينية في غزة
وأضافت الصحيفة أنه لم يتبقَّ من القصر سوى أجزاء من جدران وأقواس متفرقة بعد أن دُمر نتيجة القصف الإسرائيلي والمعارك العنيفة في مدينة غزة خلال أواخر عام 2023 وبداية عام 2024، ولم ينجُ المتحف الملحق بالقصر من هذا الدمار.
يستذكر الدحدوح تلك الأيام قائلًا: "عندما اندلعت الحرب، قررت البقاء في غزة مع زوجتي وبناتي الثلاث، وفي ديسمبر 2023، وبينما كنا في منزلنا، وقع انفجار هائل".
وأضاف: "نجا جميع أفراد أسرتي من تحت الأنقاض مصابين بجروح، باستثناء ابنتي ميرفت، البالغة من العمر 12 عامًا، التي انتُشلت جثتها هامدة".
وأشارت الصحيفة إلى أن قصر الباشا هو واحد من عشرات المواقع التراثية التي دُمرت أو تضررت بشدة جراء الحرب، كما أسفرت هذه الحرب الإسرائيلية الوحشية عن استشهاد أكثر من 48 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، قبل وقف إطلاق النار في يناير الماضي بعد اتفاق هدنة انتهت في الأسبوع الأول من الشهر الجاري.
أدى القصف الإسرائيلي المكثف إلى دمار هائل في غزة، حيث لم يتبقَّ سوى أقل من 10% من المنازل دون أضرار، كما تم تدمير شبكات الصرف الصحي، والمرافق الصحية، والمدارس، والجامعات، والطرق، وغيرها من البنى التحتية الأساسية.
على مقربة من قصر الباشا يقع حمام السمرا، وهو حمام تاريخي يعود تاريخه إلى 700 عام ويُعد أحد أهم معالم غزة.
وتابعت الصحيفة أن سالم الوزير، البالغ من العمر 74 عامًا، كان الحارس المسؤول عن الحمام، وقد قضى فترة الحرب في جنوب غزة، حيث اضطر للعيش في الخيام.
يقول الوزير: "في اليوم الأول الذي سُمح لنا فيه بالعودة إلى شمال غزة، لم أذهب إلى منزلي، بل توجهت مباشرة إلى الحمام".
ويتابع: "عندما رأيت ما حدث، شعرت بصدمة كبيرة، فقد دُمر الحمام بالكامل تقريبًا".
إعادة الإعمار
ووفقًا لتقرير صادر عن خبراء فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وعلماء آثار بريطانيين، فإن مجرد حماية المواقع التاريخية المتبقية من مزيد من الضرر - إذا استمرت الهدنة - سيُكلف نحو 33 مليون دولار، وسيستغرق العمل قرابة 18 شهرًا، أما إعادة الإعمار الكاملة، فقد تتطلب تكلفة تصل إلى 10 أضعاف هذا الرقم، وقد تمتد حتى 8 سنوات.