الملف الشائك.. هل ينهي الأردن عقدة ممتلكات الإخوان؟
الملف الشائك.. هل ينهي الأردن عقدة ممتلكات الإخوان؟

في خطوة جديدة تؤكد نهج الدولة الأردنية في التعامل الحازم مع التنظيمات غير القانونية، صادرت الحكومة الأردنية، أحد مقار جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في العاصمة عمان، بعد ثبوت ملكيته لجمعية الجماعة المنحلة التي صدر قرار حلها رسميًا قبل سنوات.
ووفق ما أكدته وزارة التنمية الاجتماعية، فإن لجنة الحل وضعت يدها على العقار ومحتوياته، بعد التحقق من استئجاره منذ عام 2006 من قبل جمعية الجماعة المحظورة، وبناءً على طلب مالك العقار لاسترداد مستحقاته المتأخرة، أوضحت الوزارة أن المقر كان مشتركًا بين الجمعية المنحلة وحزب سياسي، ويضم مداخل ومرافق مشتركة.
والخطوة تأتي استنادًا إلى أحكام قانون الجمعيات، الذي يخول لجنة الحل التصرف بممتلكات الجمعيات المنحلة، ونقلها إلى صندوق دعم الجمعيات إذا لم تحدد جهة قانونية ترثها عند الحل.
تتبع الأصول.. مهمة صعبة في شبكة مالية معقدة
مصادرة هذا المقر ليست سوى بداية لمهمة أكثر تعقيدًا تواجه السلطات الأردنية، حيث تعمل الجهات المختصة منذ فترة على تتبع ممتلكات وأصول تعود إلى قيادات في جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، بهدف ضرب المنظومة المالية التي اعتمدت عليها الجماعة لعقود.
وتواجه الحكومة تحديات كبيرة في هذا الملف، أبرزها غياب الوثائق الرسمية عن عددٍ كبير من الممتلكات والعقارات، والتي تم تسجيلها بأسماء أفراد تابعين للجماعة بشكل غير مباشر، أو عبر واجهات تجارية وهمية؛ مما يجعل عملية الحصر والاسترداد القانوني أكثر تعقيدًا.
وتقول مصادر مطلعة: إن العديد من العقارات تم إخفاؤها عمدًا خلف ستائر قانونية مزيفة، بهدف التحايل على أي قرار مستقبلي بالمصادرة أو التجميد، مشيرين أن هناك تحقيقات جارية لاستجلاء الحقيقة وملاحقة كل من تورط في إدارة هذه الشبكة السرية من الممتلكات.
تصعيد رسمي ضد الجماعة.. والحل القانوني يتوسع
وإعلان وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، قبل أسابيع عن حل جماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأنها "جمعية غير مشروعة"، شكّل نقطة تحول في المسار القانوني ضد التنظيم.
وهو الإعلان الذي مكن الحكومة من تفعيل الصلاحيات الكاملة المنصوص عليها في القوانين المعنية، وعلى رأسها قانون الجمعيات.
ويقول مراقبون: إن هذا التوجه الحكومي لا يهدف فقط إلى إغلاق مقار الجماعة، بل يستهدف أيضًا القضاء على نفوذها الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تجفيف مصادر تمويلها التي مكّنتها لسنوات من توسيع نشاطها وتجنيد الأنصار داخل المجتمع الأردني.
كما يتوقع، بحسب مصادر رسمية، أن تشهد المرحلة المقبلة قرارات إضافية تتعلق بمصادرة أراضٍ ومبانٍ تابعة لقيادات بارزة في الجماعة، أو تم استخدامها لدعم نشاطها المالي والتنظيمي.
ومن جانبها، تسعى الجماعة الإرهابية – رغم حلها قانونيًا – إلى المناورة للحفاظ على بعض ممتلكاتها، مستفيدة من الفجوات القانونية التي نشأت خلال سنوات طويلة من النشاط غير الرسمي.
كما تستغل عدم وضوح الملكيات العقارية لتأخير قرارات الحجز أو الطعن عليها في المحاكم.
ويقول الباحث في شؤون الاسلام السياسي، سامح عيد: إن خطوة مصادرة مقر جماعة الإخوان المسلمين في العاصمة الأردنية ليست مجرد إجراء عقاري، بل تمثل تطورًا نوعيًا في مواجهة نفوذ هذا التنظيم الإرهابي داخل الأردن، والحكومة الأردنية بدأت تتحرك بجدية تجاه البنية المالية للجماعة، التي كانت لفترة طويلة تشكل مصدر قوتها الحقيقي، وكثير من تلك الممتلكات استخدمت كأدوات لتمويل نشاطات الجماعة، سواء داخل الأردن أو خارجه.
ويضيف عيد - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن جماعة الإخوان مارست لعبة مزدوجة لعقود، فظاهريًا تقدم نفسها كجمعية أو حزب سياسي، لكنها فعليًا تعمل وفق أجندة تنظيمية مغلقة، تتستر خلف واجهات قانونية وشخصيات موالية، بهدف إخفاء مصادر تمويلها وأصولها العقارية، والمعركة الحقيقية مع الإخوان في الأردن هي معركتان: الأولى قانونية، لتفكيك شبكات تمويلهم ومصادرة أصولهم، والثانية مجتمعية، لتجفيف تأثيرهم الفكري والتنظيمي داخل المؤسسات والنسيج الاجتماعي.