اليمن يستقبل رمضان في أسوأ أزمة معيشية منذ سنوات
اليمن يستقبل رمضان في أسوأ أزمة معيشية منذ سنوات

يحلّ شهر رمضان هذا العام على اليمنيين في ظل أزمة معيشية خانقة، حيث يواجه المواطنون ارتفاعًا جنونيًا في أسعار السلع الأساسية، في وقت يشهد فيه الريال اليمني انهيارًا متسارعًا أمام الدولار، ما فاقم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، ومع دخول الشهر الفضيل، يجد الملايين أنفسهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، بينما تزداد معاناة الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل في مواجهة غلاء الأسعار وانعدام مصادر الدخل، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث ما يزال الموظفون الحكوميون بلا رواتب منذ سنوات.
تفاقم المعاناة
وفي ظل هذه الظروف، تعيش البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفق تقارير أممية، حيث بات أكثر من 21 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات عاجلة، بينهم ملايين يواجهون خطر الجوع.
ومع حلول رمضان، تزداد المخاوف من تفاقم المعاناة، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، ما دفع العديد منهم إلى تقليص وجباتهم اليومية أو الاستغناء عن بعض الأساسيات.
ارتفاع الأسعار وتدهور العملة
شهدت الأسواق اليمنية موجة غلاء غير مسبوقة منذ مطلع العام الجاري، حيث قفز سعر صرف الدولار إلى 2278 ريالًا يمنيًا، ما انعكس مباشرةً على أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، التي ارتفعت بنسبة 100% خلال عام واحد، وفق تقارير اقتصادية.
ويؤكد المحلل السياسى اليمنى، عبد الكريم الأنسى، أن هذا التراجع الحاد في قيمة العملة المحلية أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية، حيث أصبحت معظم الأسر عاجزة عن شراء احتياجاتها الأساسية.
ويضيف: "مع كل انخفاض في سعر الريال، ترتفع الأسعار بشكل جنوني، ما يجعل من الصعب على المواطنين التكيّف مع هذا الوضع، خاصة مع دخول رمضان، حيث يزداد الطلب على السلع الأساسية.
ويشير الأنسي إلى أن 6.6 مليون يمني لا يحصلون على وجبة واحدة يوميًا، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، ما يعكس حجم الكارثة التي تعيشها البلاد.
انخفاض القدرة الشرائية وتغيّر أنماط الاستهلاك
لم يقتصر تأثير الأزمة على الأسر الفقيرة فقط، بل امتد ليشمل الطبقة المتوسطة والتجار، الذين يواجهون تراجعًا حادًا في الطلب بسبب ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين.
ويقول خالد المظفر، أحد تجار المواد الغذائية في عدن: "كان المستهلك يشتري كميات تكفي أسرته بشكل لائق وانساني، الآن أنا اعرف زبائني جيدًا وأدرك أنهم يشترون ما يكفي لوجبة واحدة يوميًا، بسبب عدم قدرتهم على تحمّل التكلفة، ويضيف أن بعض الشركات لجأت إلى تقليص حجم عبوات المنتجات لتناسب القدرة الشرائية للمستهلكين، لكن ذلك لم يخفف من وطأة الأزمة.
تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة
انعكست الأزمة الاقتصادية على مختلف جوانب الحياة في اليمن، حيث لم يعد بمقدور العديد من الأسر توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها، في حين ارتفعت معدلات الفقر والجوع بشكل غير مسبوق.
في السياق ذاته، يقول محمد شمسان: إن الأحوال الاقتصادية اليمنية أصبحت شديدة السوء، وغير مقبولة للغالبية العظمى من الشعب اليمني، مؤكدًا أن استمرار الصراع يعقد هذه الأوضاع وتزداد سوء.
وحذر شمسان في حديثه لـ"العرب مباشر"، من أن استمرار هذا التدهور قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، مشيرًا أن الأسر باتت تلجأ إلى حلول قاسية لمواجهة الغلاء، مثل تقليل عدد الوجبات اليومية، أو الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي لم تعد كافية لسد الاحتياجات المتزايدة.
وتابع شمسان، الحلول تحتاج تحركات على محاور أبرزها: استقرار العملة المحلية، من خلال تطبيق سياسات نقدية فعالة، وتعزيز موارد الدولة من النقد الأجنبي، وتشديد الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار والحد من التلاعب الذي يقوم به بعض التجار، وتعزيز دور المؤسسات الحكومية في توفير المواد الغذائية الأساسية بأسعار مدعومة، لضمان وصولها للفئات الأكثر احتياجًا، وزيادة الدعم الدولي من خلال توسيع نطاق المساعدات الإنسانية لتشمل الأسر المتضررة من الأزمة.