أعلنت كتائب حزب الله العراقي، أمس الأربعاء، مقتل القيادي وسام محمد صابر، المعروف بأبو باقر الساعدي، في ضربة جوية أميركية استهدفت سيارته في بغداد، كما أعلنت مقتل آخر من قياداتها هو أركان العلياوي، مسؤول المخابرات في الجماعة.  

وردت حركة النجباء، إحدى الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، بالتهديد بالثأر من الولايات المتحدة، وقالت: إنها ستجعل قضية الساعدي أولوية لها من اليوم فصاعداً. وفي الوقت نفسه، أصدرت القيادة المركزية الأميركية بياناً أكدت فيه تنفيذ الضربة التي أسقطت القيادي بالكتائب، و وصفته بأنه "منفذ ومخطط لهجمات على القوات الأميركية في المنطقة".  

وأشارت القيادة إلى أنها لن تتوانى عن حماية شعبها ومحاسبة من يهدد قواتها، ونفت وقوع أي خسائر بين المدنيين أو أضرار جانبية. 

وقال مصدر من الفصائل المسلحة في العراق: إن السيارة التي تعرضت للقصف كانت تقل الساعدي والعلياوي، وأن القوات الأمنية حاصرت مكان الحادث وأخمدت النيران التي اشتعلت في السيارة، وأفاد مراسل "وكالة أنباء العالم العربي"، بأنه سمع صوت طائرة مسيرة في سماء بغداد، ونقل عن مصادر من الفصائل قولها: إن "الساعدي" كان يشغل منصب مسؤول الهندسة الصاروخية في كتائب حزب الله، بالإضافة إلى مسؤوليته عن الدعم اللوجستي في الحشد الشعبي. 
 
*العراق لم يُبلغ مسبقًا* 

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أميركي، قوله: إن الولايات المتحدة لم تخطر العراق بالضربة التي قضت على القيادي بحزب الله في بغداد قبل تنفيذها، وأنها أبلغته بعد ذلك، وأضاف المسؤول: أن الولايات المتحدة كانت واضحة في تصريحاتها العلنية ومباحثاتها الخاصة مع العراقيين، بأنها سترد على الهجوم في الزمان والمكان اللذين تراهما مناسبين، في إشارة إلى هجوم بطائرة مسيرة على قاعدة في الأردن أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين، وأوضح أن سبب عدم إخطار السلطات العراقية قبل الضربة هو القلق من تسريب المعلومات العملياتية. 

 
*تظاهرات أمام السفارة الأميركية* 

وعقب الضربة، أصدرت خلية الإعلام الأمني التابعة لوزارة الداخلية العراقية بيانًا قالت فيه: إن فريقًا فنيًا من الأجهزة الأمنية باشر التحقيق في "حادث استهداف سيارة مدنية في منطقة المشتل شرقي بغداد"، وأشار البيان إلى أن الاستهداف أدى إلى احتراق السيارة ومقتل ركابها، وأن التحقيق ما زال جاريًا لتحديد وسيلة الاستهداف.  

وفي السياق نفسه، خرج العشرات من أنصار الفصائل المسلحة إلى شوارع بغداد للتظاهر أمام السفارة الأميركية، بناءً على دعوات وجهتها الفصائل لهم، وقال شهود عيان: إن قوات الأمن منعتهم من الوصول إلى السفارة وفرضت إجراءات أمنية مشددة. 
 
*التحالف الدولي في مهب الريح* 

وكان العراق قد أعلن الشهر الماضي، عقب سلسلة من الضربات الأميركية على جماعات مسلحة عراقية موالية لإيران من بينها كتائب حزب الله، أنه توصل إلى اتفاق مع واشنطن على تشكيل لجنة لبحث مستقبل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بهدف وضع خطة زمنية لانسحاب القوات وإنهاء مهام التحالف.  

وتضم الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق، بالإضافة إلى مئات العسكريين من دول أخرى، وهم يساعدون القوات العراقية على مواجهة تنظيم داعش الذي احتل أجزاء كبيرة من العراق وسوريا في 2014 قبل أن يهزمه التحالف الدولي. 

ويعتبر العراق أن وجود التحالف الدولي أصبح عاملاً لزيادة التوتر والاضطراب في البلاد بسبب الضربات الأميركية على الجماعات المسلحة العراقية التي تشن هجمات على القواعد الأميركية، وهي هجمات ارتفعت حدتها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. 
 
*ضربات أمريكية متتالية* 

وفي يوم الجمعة الماضي، شنت الولايات المتحدة ضربات على عدة مواقع في العراق وسوريا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: إنها تستخدمها قوات الحرس الثوري الإيراني والفصائل المسلحة الموالية لإيران لمهاجمة القوات الأميركية. وأسفرت الضربات الأميركية عن مقتل 17 شخصًا بينهم مدنيون، وفقًا للناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، وذكر مصدر من الفصائل المسلحة، أن الضربات الأميركية استهدفت مقرات لكتائب حزب الله العراق غرب الأنبار وعلى الحدود مع سوريا، واعتبرت الفصائل الضربات الأميركية "عدوانًا" ينتهك كل التفاهمات بين الجانبين ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. 
 
*العنف الأمريكي يهدد بإشعال حرب واسعة* 

من جانبه، يقول علي البيدر المحلل السياسي والأمني العراقي: إن الضربة الأميركية لكتائب حزب الله العراقي تعكس تصعيدًا خطيرًا في التوتر بين واشنطن وطهران على الأراضي العراقية، وتهدد بإشعال حرب واسعة النطاق في المنطقة. 

ويضيف البيدر - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن الولايات المتحدة لم تحترم سيادة العراق ولم تبلغه بالضربة مسبقًا، ما ينم عن عدم الثقة والاحترام بين الحليفين.  

وينتقد"البيدر" سياسة الولايات المتحدة العدائية في العراق، دون أي اعتبار لجهات تملك سيادة على أرض الرافدين، ويدعو إلى حوار بناء بين الجانبين لحل الخلافات وتجنب المزيد من العنف.  

ويختم البيدر تصريحه بالقول: إن العراق يجب أن يكون جسرًا للتعاون والسلام بين الدول الإقليمية والدولية، وليس ساحة للصراع والتدخل.