محمد البحيري.. مَن هو الإرهابي الغامض الذي أدار معركة الإخوان بالخارج سراً؟
تتواصل الانقسامات بين صفوف جماعة الإخوان
صراع محتدّ مشتعل بين جبهات قيادات الإخوان، على مدار الأشهر الماضية، ليتفاقم لحد تبادل الاتهامات والتهديدات بالقتل لإبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام، ما يكشف تفوق جبهة القيادي والأمين العام محمود حسين حاليا، بينما ظهر في خضم ذلك أدوار خفية لعدد من قادة الجماعة، منهم محمد البحيري، الذي حسم الصراع بخبرته الإرهابية الضخمة.
التاريخ الأسود للبحيري
محمد البحيري، يبلغ من العمر، 80 عامًا، هو أحد قيادات الجيل الأول للإخوان، حيث كان على علاقة وطيدة بمؤسس التنظيم الإرهابي سيد قطب، كما كان أحد المتهمين البارزين في قضية تنظيم 1965 الخاصة بمحاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، بالإضافة إلى عدد من العمليات الإرهابية الأخرى.
وتم اتهامه بمحاولة تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بها بالقوة، والانضمام لتنظيم حركي سري مسلح يهدف إلى تغيير نظام الحكم القائم بالقوة، إضافة إلى اتهامه باغتيال رئيس الجمهورية والقائمين على الحكم في البلاد وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة والتدريب على استعمال الأسلحة والمفرقعات، حيث قضى ٢٥ عاما بالسجن.
بعد خروجه من السجن، تم تكليف الإرهابي الخطير بالإشراف على التنظيم في اليمن، حيث كان مسؤولا عن الجناح العسكري، وعقب ذلك اتجه لقيادة الإخوان في السودان، ونظم الإقامة والمعيشة للعناصر الهاربة من مصر، ونقل بعضهم لتركيا، والصومال، وجنوب إفريقيا، مستغلا علاقاته المتشعبة، وتنقل بين تركيا وبريطانيا لتنفيذ أغراض الجماعة.
وفي بداية التسعينيات سافر إلى لندن، ليدير التنظيم بشكل سري، حيث تولى مهمة إدارة بعض الملفات المالية والاستثمارات التي تخضع للتنظيم الدولي، ويتمتع بمكانة وسيطرة بالغة داخل الجماعة، حيث يلقب بـ"الرجل الغامض" و"كاتم الأسرار" و"رجل الظل" في قيادة التنظيم الإرهابي.
البحيري والإخوان في مصر
بعد ثورة يناير في مصر، عاد البحيري عام 2011 إلى القاهرة، حيث كان حينها عضوا بمكتب الإرشاد، وكان حريصا على حضور الاجتماعات التنظيمية، حيث أشرف على بعض التدريبات الخاصة بالجناح العسكري للتنظيم بصحبة محمود عزت.
تولى البحيري مسؤولية الاستثمارات والتمويل، لذلك كان المتحكم الأكبر في جزء مهم من مصادر تمويل الجماعة، ما جعله مسيطرا على التنظيم الإرهابي وأحد أخطر رجاله.
بعد ثورة 30 يونيو، وهروب محمود حسين من مصر عقب سقوط الإخوان، التقى البحيري ودشنا تحالفا ضخما معا، بعد اجتماعهما في تركيا وقررا تشكيل لجنة لإدارة أزمة الإخوان عُرفت باسم "مكتب إسطنبول".
صراع الجماعة
ومنذ ذلك الحين بات تلميذ الإرهابي الأخطر سيد قطب، يدير الإخوان بصورة كاملة، بينما في الواجهة محمود عزت، ومن خلفه محمود حسين، ولكن مع ظهور إبراهيم منير تغيرت الأمور تماما، بعد القبض على عزت، حيث لاقى الأول دعما من قيادات بارزة في التنظيم الدولي، ولكن إخوان مصر بقيادة البحيري رفضوه بشدة.
ظلت الأزمة كامنة بين صفوف الجماعة، ولكن مع تأججها في سبتمبر الماضي، حاول أنصار إبراهيم منير التخلص من البحيري باعتباره الرأس المنفذ لكافة التحركات التي تتم ضدهم، وفي عام 2019 نجحت الجبهة الأولى في تسريب صوته واتهم خلاله القيادي الإخواني، المحسوب على جبهة منير، أمير بسام باختلاس أموال الجماعة وتسجيل عمارة سكنية باسمه وباسم محمود حسين أمين عام الجماعة، ومحمود الإبياري القيادي فيها.
مَن يستولي على الدعم؟
مع تنامي خطورة البحيري بالتنظيم، حاول منير الإطاحة به ضمن المجموعة التي تم فصلها وتحويلها للتحقيق، في قراره الأسبوع الماضي، مع الأمين العام السابق للجماعة وعضو مكتب الإرشاد محمود حسين، ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبد الوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وعضو مجلس الشورى العام مدحت الحداد، وعضو مجلس الشورى العام ممدوح مبروك، وعضو مجلس الشورى العام رجب البنا.
وخلال تلك الأزمة، أصبح البحيري هو رجل الظل، الذي تمكن من حسم الصراع لجبهته، خاصة كونه مثل جميع قيادات الجيل الأول يميل للعمل السري والتحرك بعيدا عن الأنظار دون لفت الانتباه، ليدير المشهد كاملا.
واشتعل الصراع بين الجبهتين لعدة أسباب، على رأسها الخلاف بشأن مصادر التمويل، التي يسيطر عليها الإرهابي المخضرم محمد البحيري، بينما لم يتمكن إبراهيم منير من الوصول إليها لذلك وجهت له عدة انتقادات بعدم قدرته على جلب الدعم.
وترجع أسباب الصراع الحالي بين قيادات الإخوان، لأسباب مالية وإعلامية، حيث أوقفت الدول الحاضنة لهم دعمهم بعدة طرق، على رأسها الجانب الإعلامي وتحديد أنشطتهم، بجانب تقليص التمويل بشدة، لذلك كان هو حلبة الصراع المشتعلة بين الطرفين.