مصادر تكشف.. توجهات داخل الحكومة الإيرانية للتفاوض مع الولايات المتحدة بعد الانهيار الاقتصادي

مصادر تكشف.. توجهات داخل الحكومة الإيرانية للتفاوض مع الولايات المتحدة بعد الانهيار الاقتصادي

مصادر تكشف.. توجهات داخل الحكومة الإيرانية للتفاوض مع الولايات المتحدة بعد الانهيار الاقتصادي
إيران

تُواجه القيادة الإيرانية أزمة متفاقمة نتيجة تصاعد الضغوط الاقتصادية وتزايد العقوبات الأمريكية التي أعادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها.


وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أنه على الرغم من رفض طهران العلني للعرض الذي قدمته واشنطن للدخول في مفاوضات نووية، وتشير مصادر رسمية إلى أن هناك توجهًا عمليًا داخل أروقة السلطة في إيران للتفاوض مع الولايات المتحدة بهدف تخفيف العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني المنهك. 

مخاوف داخلية من تفاقم الأزمة الاقتصادية


وأوضح مسؤولون إيرانيون أن تصاعد الغضب الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية دفع القيادة الإيرانية إلى التفكير في إعادة فتح قنوات التفاوض مع واشنطن، رغم العداء المستمر. وقد تفاقمت هذه المخاوف بعد أن أعاد ترامب تفعيل سياسة "الضغوط القصوى" التي تهدف إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية، ما يُهدد الاقتصاد الإيراني الذي يُعاني بالفعل من أزمات خانقة. 

تحذيرات رسمية


حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مرارًا من تدهور الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية أشد من تلك التي مرت بها البلاد خلال حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي. كما أكد أن العقوبات الأمريكية الأخيرة، التي استهدفت ناقلات النفط الإيرانية، فاقمت الأوضاع سوءًا. 


وأعرب أحد المسؤولين الإيرانيين عن قلقه من أن يؤدي الانغلاق الدبلوماسي الكامل إلى تأجيج السخط الشعبي ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي؛ نظرًا لكونه صاحب القرار النهائي في الجمهورية الإسلامية. 

الاقتصاد الإيراني تحت الضغط


وتُشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن إيران تمكنت في السنوات الأخيرة من إيجاد وسائل للتحايل على العقوبات، ما ساهم في تحقيق عائدات نفطية تجاوزت 50 مليار دولار خلال عامي 2022 و2023. ومع ذلك، تظل هذه الإيرادات مهددة بفعل العقوبات الأمريكية الجديدة التي تستهدف ناقلات النفط والكيانات المرتبطة بتجارة الخام الإيراني. 

تفاقم معاناة المواطنين


تُعاني إيران من سلسلة أزمات داخلية تتعلق بنقص الطاقة والمياه، بالإضافة إلى انهيار العملة المحلية وتصاعد المخاوف من هجوم إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية. 


فقد الريال الإيراني أكثر من 90% من قيمته منذ إعادة فرض العقوبات الأمريكية في 2018، ما دفع الإيرانيين إلى اللجوء إلى شراء الدولار والعملات الصعبة الأخرى أو الذهب والعملات الرقمية لحماية مدخراتهم. 


وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل حاد، حيث قفزت أسعار الأرز بنسبة 200% خلال العام الماضي وفقًا لوسائل إعلام محلية. كما شهدت أسعار الإسكان والخدمات الأساسية ارتفاعًا بنسبة 60% في بعض أحياء طهران ومدن كبرى أخرى، ما أدى إلى تزايد الضغوط على المواطنين. 

الغضب الشعبي يتصاعد


شهدت إيران خلال فبراير الماضي ما لا يقل عن 216 احتجاجًا في أنحاء البلاد، شارك فيها متقاعدون وعمال وموظفو قطاع الصحة وطلاب وتجار.


وتمحورت هذه الاحتجاجات حول قضايا اقتصادية مثل تدني الأجور وتأخر صرف الرواتب. 


وأكدت الوكالة الدولية، أنه رغم أن معظم هذه الاحتجاجات كانت محدودة النطاق، يخشى المسؤولون أن يؤدي استمرار التدهور الاقتصادي إلى اندلاع اضطرابات شعبية أوسع نطاقًا. 

خط أحمر نووي


في الوقت الذي تدرس فيه القيادة الإيرانية خياراتها الدبلوماسية، تؤكد طهران أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها في أي مفاوضات مع واشنطن. وتشمل هذه الخطوط رفض تفكيك البرنامج النووي السلمي أو التخلي عن القدرات الصاروخية التقليدية لإيران. 


وأفاد مسؤول إيراني بارز بأنه رغم المخاوف المتزايدة بشأن الضغوط الاقتصادية والغضب الشعبي، فإن طهران لن تتنازل عن حقوقها النووية. 


ومن جانبه، يرى علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، أن القيادة الإيرانية تعتقد أن التفاوض مع ترامب تحت الضغط سيعكس صورة ضعف، ما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر بدلاً من تخفيف التوترات. 


ويبدو أن خامنئي يؤمن بأن المعاناة تحت وطأة العقوبات تبقى أقل خطرًا من الاستسلام للضغوط الأمريكية، ما يعزز تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في إيران.