طهران تضع ترامب في مأزق.. مؤيدوه منقسمون بين أميركا أولاً وضرب إيران

طهران تضع ترامب في مأزق.. مؤيدوه منقسمون بين "أميركا أولاً" وضرب إيران

طهران تضع ترامب في مأزق.. مؤيدوه منقسمون بين أميركا أولاً وضرب إيران
ترامب

في اللحظة التي بدا فيها أن الرئيس دونالد ترامب يستعيد زمام المبادرة على المسرح الدولي من خلال جولاته الخليجية ومساعيه لاحتواء الحرب في أوكرانيا برزت قضية إيران كاختبار حاسم قد يعيد تشكيل تحالفاته الداخلية، فالحديث المتصاعد في واشنطن عن دعم محتمل لعملية عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، بمشاركة أميركية مباشرة، فجّر موجة من التباينات داخل المعسكر المحافظ نفسه، لا سيما بين من يؤمنون بعقيدة "أميركا أولاً" التي أتت بترامب إلى البيت الأبيض، وبين من يرون أن دعم إسرائيل لا يقبل المساومة، في مشهد سياسي غير معتاد، وجد ترامب نفسه في مواجهة مع بعض أقرب أنصاره وأبرز منظّريه، ممن يخشون تكرار سيناريوهات التدخل العسكري في الشرق الأوسط، هذه الخلافات لم تعد مجرّد تباينات في الرأي، بل تهديد حقيقي لتماسك قاعدته الانتخابية، وقدرته على فرض أجندته في الداخل والخارج، وهو ما يجعل ملف إيران أكثر من مجرد أزمة دولية عابرة.

*سنمزق أمريكا من الداخل*


مع اقتراب ساعة الحسم بشأن البرنامج النووي الإيراني، يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انقسامًا لافتًا داخل معسكره السياسي، يكاد يكون غير مسبوق منذ وصوله إلى الحكم أول مرة عام 2016.

فبينما تمضي إسرائيل في التهديد بالتحرك العسكري، بما يشمل استخدام قنابل خارقة للتحصينات لضرب منشآت إيرانية نووية تحت الأرض، تزداد الضغوط على واشنطن إما لمساندة هذا التحرك أو لكبحه دبلوماسيًا.

وبين هذا وذاك، تعلو أصوات من داخل التيار المحافظ تحذر ترامب من مغبة التورط في "حرب الشرق الأوسط الثالثة"، وفق تعبير بعضهم.

أحد أبرز هؤلاء هو ستيف بانون، المستشار السابق لترامب والعقل المدبر وراء شعار "أميركا أولاً"، الذي دعا بشكل واضح إلى عدم تكرار كارثة العراق.

وقال في مؤتمر صحفي: "إذا انضممنا إلى هذه الحرب، سنمزق أميركا من الداخل، لقد جربنا هذا الطريق من قبل، ونعرف نهاياته".

ويعكس تحذير بانون تيارًا متناميًا بين القوميين المحافظين الذين يرون أن معركة ترامب الحقيقية هي داخلية: الاقتصاد، الهجرة، إعادة بناء البنية التحتية، ومواجهة الصين، وليس في خوض مغامرات عسكرية باهظة الثمن في الشرق الأوسط.

*إيران.. تهديد وجودي لإسرائيل*


لكن هذا الموقف لا يعكس المزاج العام داخل الحزب الجمهوري بأكمله، فهناك أيضًا جناح قوي يرى في دعم إسرائيل التزامًا استراتيجيًا لا يحتمل التأويل.

ويستند هؤلاء إلى قاعدة محافظة لطالما تبنّت أولويات السياسة الخارجية من منطلقات دينية أو جيوسياسية، ويعتبرون أن التهديد الإيراني وجودي بالنسبة لتل أبيب، وبالتالي لا يمكن تجاهله.

في هذا السياق، قال مارك شورت، مستشار نائب الرئيس السابق مايك بنس: إن ما نشهده "هو شرخ كبير داخل الحزب الجمهوري، لكنه ليس قاتلًا بالضرورة"، مشيرًا أن كثيرًا من أنصار ترامب قد يختلفون معه مؤقتًا، لكنهم سيظلون أوفياء له في نهاية المطاف.

أما ترامب نفسه، فحاول التقليل من شأن هذا التوتر داخل قاعدته، وقال للصحفيين: "قد يكون البعض غير راضين، لكن مؤيدي يحبونني الآن أكثر من أي وقت مضى، هدفي الوحيد هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي". 

وأردف: "أنا لا أسعى إلى القتال، لكن إذا خُيّرت بين المواجهة وترك إيران تصبح قوة نووية، فليكن ما يجب أن يكون".

هذا التصريح وإن بدا حاسمًا، إلا أنه يفتقر إلى توضيح الآليات أو التوقيت، مما يترك الباب مفتوحًا أمام التكهنات، فهل فعلاً يستعد البيت الأبيض لمشاركة في عمل عسكري، أم أن كل ما في الأمر هو تصعيد مدروس للضغط على طهران من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات؟ حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات واضحة.

*انقسام حاد*


في خلفية المشهد، تؤدي استطلاعات الرأي دورًا إضافيًا في تعقيد الموقف، فقد أظهرت أرقام "رويترز/إبسوس" في مارس الماضي، أن 48% من الجمهوريين يؤيدون استخدام القوة العسكرية للدفاع عن إسرائيل، مقابل 28% يعارضون ذلك، بينما جاءت النتائج معكوسة تقريبًا بين الديمقراطيين. 

ما يشير أن حسابات ترامب لا تقتصر على المواقف المبدئية، بل تشمل قراءات دقيقة لميول القواعد الانتخابية مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي عام 2026.

من جهة أخرى، يحذّر خبراء أمنيون، من أن امتلاك إيران للسلاح النووي لن يشكل تهديدًا لإسرائيل وحدها، بل قد يؤدي إلى سباق تسلح إقليمي يشمل السعودية وتركيا ومصر، ما يهدد بانفجار نووي غير مسبوق في المنطقة.