جسر السلام.. مبادرة أمريكية جديدة لوقف إطلاق النار في غزة
جسر السلام.. مبادرة أمريكية جديدة لوقف إطلاق النار في غزة

عبًر البيت الأبيض عن تفاؤل حذر بشأن اقتراح جديد قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يُنظر إليه كجسر محتمل لسد الفجوات المتبقية بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" الأمريكي.
ووفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن هذا الاقتراح يحمل إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي يمهد الطريق لوقف إطلاق النار واتفاق لتبادل الأسرى في قطاع غزة في المستقبل القريب.
ويشير مصدر أمريكي، أن تحركًا طفيفًا من كلا الطرفين قد يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق خلال أيام قليلة.
طموح إنهاء الصراع
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التزامه الواضح بإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني وأكثر من 1600 إسرائيلي، وفقًا لإحصاءات السلطات المختصة.
ومع ذلك، شهدت المفاوضات تعثرًا لأسابيع، تزامنًا مع عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق تهدف إلى تدمير البنية التحتية في غزة واحتلالها.
ويعتقد البيت الأبيض الآن أن الاتفاق بات في متناول اليد، مع إمكانية أن يؤدي إلى وقف مؤقت للقتال في المرحلة الأولى، تمهيدًا لإنهاء الحرب بشكل دائم.
تطورات المفاوضات
على مدار الأسبوعين الماضيين، أجرى المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مفاوضات مكثفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومستشاره البارز رون ديرمر، بالإضافة إلى قادة حماس في الدوحة من خلال رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة باهباه.
وفي يوم الإثنين، أعلنت حماس موافقتها على اقتراح أمريكي يتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، مع إطلاق سراح خمسة أسرى أحياء في اليوم الأول وخمسة آخرين في اليوم الأخير.
ردود الفعل وتحديات التواصل
رفضت إسرائيل الاقتراح الأمريكي بسرعة، فيما عبر ويتكوف عن استيائه، مشيرًا في تصريحات لموقع أكسيوس إلى أن حماس أساءت تفسير العرض الأمريكي، واصفًا موقفها بأنه "مخيب للآمال وغير مقبول".
وأوضح مصدر مطلع، أن الخلاف نشأ عن سوء تفاهم أدى إلى تفسيرات متباينة للاقتراح بين الأطراف الثلاثة: حماس، إسرائيل، والولايات المتحدة.
استئناف المحادثات
على الرغم من هذا الانتكاس، استؤنفت المفاوضات، يوم الثلاثاء، للوصول إلى حل وسط. عقد باهباه اجتماعات إضافية مع كبار مسؤولي حماس في الدوحة، بينما التقى ويتكوف مع رون ديرمر في واشنطن.
وفي يوم الأربعاء، أصدرت حماس بيانًا جديدًا أكدت فيه التزامها بالتوصل إلى إطار عام يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، انسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة، استئناف المساعدات الإنسانية، وإنشاء لجنة تكنوقراطية لإدارة القطاع.
وأشارت الحركة، أن هذا الإطار يتضمن إطلاق سراح عشرة أسرى أحياء وبقايا عدد من الأسرى المتوفين، مقابل إطلاق سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، مع ضمانات من الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وثيقة جديدة من ويتكوف
في اليوم ذاته، ظهر ويتكوف إلى جانب الرئيس ترامب في المكتب البيضاوي، معلنًا أنه أعد وثيقة شروط جديدة للحصول على موافقة الرئيس.
وأعرب عن تفاؤله قائلاً: "أشعر بثقة كبيرة بشأن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار وحل سلمي طويل الأمد لهذا الصراع".
ووفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير، فإن الوثيقة الجديدة لا تختلف بشكل جوهري عن النسخ السابقة، لكنها تشمل تعديلات دقيقة في الصياغة تهدف إلى كسب موافقة كل من إسرائيل وحماس.
تركز التعديلات الرئيسية في الوثيقة على البند المتعلق بالضمانات التي تطالب بها حماس لضمان إجراء مفاوضات جادة حول وقف إطلاق نار دائم خلال الفترة المؤقتة لمدة 60 يومًا، مع التأكيد على أن إسرائيل لن تنتهك الاتفاق من جانب واحد، كما حدث في مارس الماضي.
وقد سعت الولايات المتحدة إلى صياغة نصوص تعزز ثقة حماس في أن الوقف المؤقت سيمهد الطريق لوقف دائم، مع الحفاظ على شعور إسرائيل بأنها لم تلتزم مسبقًا بإنهاء الحرب.
آلية تحرير الأسرى
يبقى الخلاف حول تسلسل وتوقيت إطلاق سراح الأسرى أحد العقبات الرئيسية. تطالب إسرائيل بإطلاق سراح جميع الأسرى العشرة الأحياء في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، خشية عدم التزام حماس بالإفراج عنهم لاحقًا.
في المقابل، تفضل حماس إطلاق سراح الأسرى على مراحل لضمان التزام إسرائيل بالاتفاق وعدم استئناف القتال قبل انتهاء الفترة المحددة.
وأشار مسؤول إسرائيلي، أن هامش التفاوض في الصياغة بات محدودًا، مع أمل في أن تؤدي الضغوط إلى تنازلات من حماس بشأن الضمانات، وموافقة نتنياهو على تسوية حول جدول إطلاق سراح الأسرى.
عوامل دافعة: المساعدات الإنسانية
يرى مسؤولون إسرائيليون كبار، أن أحد العوامل التي قد تشجع حماس على قبول الاتفاق هو الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية التي حاولت إسرائيل إطلاقها مؤخرًا.
وأشار مسؤول إسرائيلي إلى قلق حماس من فقدانها السيطرة على جزءٍ كبير من توزيع المساعدات، مؤكدًا أن التوصل إلى اتفاق سيُعيد توزيع المساعدات إلى النموذج القديم الذي كان يمنح الحركة سيطرة أكبر.
حتى في حال التوصل إلى توافق على المبادئ الأساسية للصفقة، والذي سيمثل اختراقًا كبيرًا بعد شهرين من التعثر، ستظل هناك حاجة إلى مفاوضات إضافية لتسوية التفاصيل، مثل تحديد أسماء الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، ووضع خطة للانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من معظم قطاع غزة.
ويبقى نجاح هذه المفاوضات مرهونًا بالتزام الأطراف بالتفاوض بحسن نية والتغلب على التحديات المتبقية.