الهند وباكستان على شفا مواجهة جديدة... وكشمير في عين العاصفة

الهند وباكستان على شفا مواجهة جديدة... وكشمير في عين العاصفة

الهند وباكستان على شفا مواجهة جديدة... وكشمير في عين العاصفة
هجوم كشمير

شهد خط السيطرة الفاصل في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان تبادلًا لإطلاق النار بين قوات الجانبين، وفق ما أكدته مصادر رسمية، في وقت دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس بعد الهجوم الدموي الذي وقع حديثًا في المنطقة وأدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين.

توتر متصاعد بعد أسوأ هجوم منذ ربع قرن


وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن العلاقات بين الجارتين النوويتين تدهورت إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، بعد اتهام الهند لباكستان بدعم ما أسمته الإرهاب العابر للحدود، وذلك عقب الهجوم الذي نُفذ بأسلحة نارية ضد مدنيين في الجزء الهندي من كشمير ذي الأغلبية المسلمة، والذي وُصف بأنه الأسوأ منذ 25 عامًا.

إطلاق نار على خط التماس دون إصابات


وقال سيد أشفق جيلاني، وهو مسؤول حكومي في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، إن تبادلًا لإطلاق النار وقع على طول خط السيطرة الفاصل، مؤكدًا في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن القصف لم يستهدف السكان المدنيين.


وبدورها، أكدت القيادة العسكرية الهندية وقوع إطلاق محدود للنيران بأسلحة خفيفة، واتهمت الجيش الباكستاني ببدء الاشتباك، مؤكدة أنها ردّت بفعالية. 


ونقلت وكالة رويترز عن ثلاثة ضباط في الجيش الهندي أن الاشتباك تم باستخدام أسلحة خفيفة دون تسجيل أي إصابات، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الباكستاني، ولم يتسنّ التحقق المستقل من الحادث.

تحركات عسكرية واسعة


وأوضحت الصحيفة البريطانية، أنه من المقرر أن يترأس رئيس أركان الجيش الهندي الجنرال أوبندرا دويفيدي اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى في سريناغار، عاصمة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، وذلك بعد أيام من الهجوم الذي أودى بحياة 26 مدنيًا.


ويعد هذا الهجوم تحديًا كبيرًا لرواية رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بشأن استعادة الهدوء في الإقليم، إذ أدى إلى تصاعد التوتر بين البلدين على نحو لافت.


وفي استجابة للهجوم، أطلقت القوات الهندية عمليات تفتيش ومداهمات واسعة تحت شعار "البحث والتدمير"، واستخدمت طائرات مسيرة للمراقبة، كما تم تعزيز الانتشار العسكري في وادي كشمير. وتواصل السلطات ملاحقة ثلاثة مشتبه بهم يُعتقد أن اثنين منهم يحملان الجنسية الباكستانية، بينما الثالث مواطن هندي.


كما أقدمت السلطات في كشمير الهندية على هدم منازل اثنين من المشتبه بهم، أحدهما متهم رسميًا بالمشاركة في الهجوم الذي وقع الثلاثاء.

الأمم المتحدة تدعو لضبط النفس والحوار


وأوضحت الصحيفة أنه مع تصاعد التوترات، دعت الأمم المتحدة الطرفين إلى التحلي بالحكمة وتفادي التصعيد. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي في نيويورك: "نحث الحكومتين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والتأكد من أن الأوضاع لا تتدهور أكثر."


وأضاف أن قضايا كشمير ينبغي أن تُحل سلميًا من خلال حوار هادف ومباشر بين الجانبين.

تصعيد عسكري محتمل


وتزامنت زيارة الجنرال دويفيدي إلى كشمير تتزامن مع تكثيف الأنشطة العسكرية والدبلوماسية. 


وبدأت الهند مناورات جوية وبحرية واسعة أمس الخميس، يُعتقد أنها قد تُمهد لعمل عسكري. وتشمل المناورات الجوية استعراضًا لقدرات مقاتلات "رافال" وأسراب النخبة، بينما أطلقت البحرية الهندية صاروخًا أرض-جو في عرض للقوة.


وكتب المحلل المخضرم سي. راجا موهان في صحيفة "إنديان إكسبريس" أن الهجوم الدموي الذي أودى بحياة مواطنين من 15 ولاية هندية أثار موجة غضب شعبي قد تدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات جريئة، رغم التحديات التي قد تواجهها في ظل قدرات الجيش الباكستاني.

تحرك دبلوماسي واسع يشمل الصين


وفي السياق ذاته، كثفت الهند تحركاتها الدبلوماسية، حيث أطلع وزير الخارجية فيكرام ميسري سفراء 25 دولة، من بينها دول مجموعة العشرين، ودول الخليج، وكذلك الصين. واعتُبر إشراك بكين رغم العلاقات المتوترة إشارة إلى محاولة بناء توافق دولي أوسع.


وقدمت نيودلهي ما قالت إنه "أدلة دامغة على تورط جهات عابرة للحدود"، مشيرة إلى أن جماعة غامضة تُدعى "جبهة المقاومة" تبنت الهجوم، لكنها، حسب المسؤولين الهنود، مجرد واجهة لجماعة "عسكر طيبة" الباكستانية المحظورة أو لتنظيم مشابه. وتنفي إسلام آباد الاتهامات وتصفها بأنها "ادعاءات لا أساس لها"، وتتهم الهند بعدم تقديم أدلة ملموسة.

مودي يتوعد بالملاحقة ويُعلق الاتفاقيات


وتعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعهد في أول خطاب له بعد الهجوم بملاحقة المنفذين وداعميهم. وقال: "أوجه رسالة إلى العالم بأسره: الهند ستتعقب وتعاقب كل إرهابي وداعم للإرهاب حتى لو كان في أقصى بقاع الأرض".


وفي خطوة تصعيدية، علّقت الهند معاهدة تقاسم المياه مع باكستان، وأغلقت المعبر الحدودي الرئيسي، وقلّصت التمثيل الدبلوماسي، وألغت التأشيرات الممنوحة للباكستانيين.


باكستان ترد بقرارات مماثلة 


من جانبها، ردّت باكستان بقرارات مماثلة، فطردت دبلوماسيين ومستشارين عسكريين هنود، وألغت تأشيرات المواطنين الهنود باستثناء الحجاج السيخ، وأغلقت المعبر الحدودي من جانبها.


وأكدت إسلام آباد أن أيّة محاولة من الهند لقطع إمدادات المياه من نهر السند ستُعد "عملًا حربيًا"، وفق ما جاء في بيان رسمي أعقب اجتماعًا نادرًا للجنة الأمن القومي الباكستانية برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف وحضور كبار القادة العسكريين.

صراع مستمر


تجدر الإشارة إلى أن إقليم كشمير مقسم بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947، حيث يُطالب كل طرف بالسيادة الكاملة عليه، رغم أنهما يديران أجزاءً منفصلة منه.


ومنذ عام 1989، تقاتل جماعات مسلحة في الجزء الهندي من كشمير للمطالبة بالاستقلال أو الانضمام إلى باكستان، في صراع أوقع آلاف القتلى، وتسبب في توترات إقليمية متكررة.


وتقول الشرطة الهندية إن المسلحين الثلاثة المسؤولين عن الهجوم الأخير ينتمون إلى تنظيم "عسكر طيبة" المدرج على قوائم الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، وقد رُصدت مكافأة مالية قدرها مليوني روبية هندية (نحو 23500 دولار) لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على كل واحد منهم.