من هو حسين الشيخ.. نائب رئيس فلسطين للمرة الأولى تاريخيًا

من هو حسين الشيخ.. نائب رئيس فلسطين للمرة الأولى تاريخيًا

من هو حسين الشيخ.. نائب رئيس فلسطين للمرة الأولى تاريخيًا
حسين الشيخ

في خطوة تاريخية غير مسبوقة، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تعيين حسين الشيخ نائبًا له، ليكون بذلك أول فلسطيني يشغل هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، قرار يفتح الباب أمام الشيخ للاقتراب أكثر من رئاسة السلطة، ويشكل تحولًا في معادلة القيادة التي طالما احتكرها مؤسسو حركة فتح و"الحرس القديم" للثورة الفلسطينية، وجاء اختيار الشيخ تتويجًا لقرار سابق من اللجنة المركزية لحركة فتح، منحت خلاله عباس تفويضًا لاختيار نائب له قبل انعقاد جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير، الذي أقرّ رسميًا بوجود هذا المنصب، تعيين الشيخ لا يعزز فقط فرصه لقيادة حركة فتح في أي انتخابات مستقبلية محتملة، بل يضعه أيضًا كأبرز مرشح لخلافة عباس في حال غيابه المفاجئ عن المشهد السياسي لأي سبب، وعلى مدار السنوات الماضية، صعد حسين الشيخ بثبات داخل هرم السلطة الفلسطينية، حتى أصبح اليوم من أبرز صناع القرار السياسي والأمني في المشهد الفلسطيني المعاصر.

*حسين الشيخ.. سيرة نضالية ومسار تصاعدي*

ولد حسين شحادة محمد الشيخ في 14 ديسمبر عام 1960 في مدينة رام الله، وسط أسرة لاجئة هُجّرت من قريتها الأصلية دير طريف قضاء الرملة عام النكبة.

التحق بصفوف حركة فتح في سن مبكرة، وهو الخيار الذي قاده إلى السجن عام 1978، حيث أمضى 11 عامًا خلف القضبان الإسرائيلية، أتقن خلالها اللغة العبرية، وخرج مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1989.

مع اندلاع الانتفاضة، برز اسم الشيخ كأحد قياداتها الفاعلة، حيث انضم إلى القيادة الوطنية الموحدة، وتدرج في مواقع المسؤولية داخل فتح حتى التحق بالأجهزة الأمنية، حاملا رتبة عقيد في جهاز الأمن الوقائي.

ورغم الصراعات الداخلية التي اشتعلت داخل حركة فتح خلال الانتفاضة الثانية عام 2000، نجح الشيخ في الحفاظ على موقعه بين القيادات البارزة للحركة، ما مكّنه لاحقًا من تولي مواقع محورية.



في عام 2007، تولى رئاسة الهيئة العامة للشؤون المدنية، والمسؤولية عن لجنة التنسيق المدنية العليا التي تشرف على العلاقة اليومية المعقدة مع إسرائيل.

ومنذ ذلك الحين، تكرس اسمه كوجه أساسي في إدارة الملفات الحساسة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

*مسيرة حزبية ودبلوماسية متقدمة*


عام 2009، انتخب الشيخ عضوًا في اللجنة المركزية لحركة فتح خلال مؤتمرها السادس في بيت لحم، وأعيد انتخابه في المؤتمر السابع عام 2016، مثبتًا موقعه في الصف الأول لقيادة الحركة.

لاحقًا، كلّفته القيادة بالانضمام إلى وفد المصالحة الفلسطينية، كما أسندت إليه ملفات التفاوض خلفًا لصائب عريقات بعد وفاته عام 2020.

وفي 2022، اختير الشيخ أمينًا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيسًا لدائرة شؤون المفاوضات، ما عمّق دوره الإقليمي والدولي، ووسّع شبكة علاقاته مع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والعرب.

خلال العامين الماضيين، ازداد قرب الشيخ من الرئيس عباس، متوليًا مفاوضات دقيقة تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية، فضلًا عن أدوار غير رسمية في ترتيبات ما بعد عباس.

كما تخلّى عن رئاسة الهيئة العامة للشؤون المدنية في خطوة فُسّرت بأنها لتركيز جهوده على الملفات السياسية الثقيلة.

*نهج براغماتي وموقع متقدم*


مؤخرًا، أسند إليه عباس رئاسة لجنة الإشراف على السفارات الفلسطينية، في إشارة إضافية إلى تعاظم ثقته به.

ويُنظر إلى الشيخ على نطاق واسع، خصوصًا من الجانب الإسرائيلي، كشخصية براغماتية مرنة يمكن التعامل معها، الأمر الذي ساعده على بناء شبكة علاقات مؤثرة في دوائر القرار الدولية.

يتقاطع نهج الشيخ السياسي مع عباس، إذ يراهن كلاهما على المفاوضات، والعمل الدبلوماسي، والمقاومة الشعبية السلمية، كسبيل لتحقيق الأهداف الفلسطينية.

ومع ذلك، لا يتردد الشيخ في الإقرار بوجود حاجة ملحة لإجراء إصلاحات واسعة داخل مؤسسات السلطة.

قبل اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، صرح لمجلة "فورين بوليسي" بأن السلطة عاجزة عن تقديم أفق سياسي أو حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الفلسطينيون، محذرًا من أن غياب البدائل قد يؤدي إلى "الفوضى أو العنف"، في توصيف صريح لطبيعة التحديات القائمة.