نتنياهو يواجه الشاباك.. اتهامات بالكذب تهز المحكمة العليا
نتنياهو يواجه الشاباك.. اتهامات بالكذب تهز المحكمة العليا

في تطور قانوني مثير للجدل، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهامات حادة لرئيس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" السابق رونين بار، واصفًا إياه بالكاذب في إفادة مكتوبة قدمها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الأحد.
وجاءت هذه الإفادة ردًا على مزاعم بار بأن نتنياهو سعى إلى تسييس الجهاز الأمني القوي واستخدامه لأغراض شخصية وسياسية، حسبما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
خلفية النزاع
تأتي هذه التطورات في أعقاب إفادة قدمها رونين بار الأسبوع الماضي إلى المحكمة العليا، زعم فيها أن نتنياهو طالب منه إظهار الولاء الشخصي له في حال وقوع أزمة دستورية مستقبلية مع القضاء الإسرائيلي.
وادعى بار أيضًا أنه طُلب منه استخدام صلاحيات جهاز الشاباك الواسعة لمراقبة المتظاهرين المناهضين للحكومة، وكذلك التدخل لوقف محاكمة نتنياهو المستمرة بتهم الفساد، بحجج أمنية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقالت بار الشهر الماضي، مشيرة إلى فقدان الثقة به، لكن المحكمة العليا أصدرت أمراً قضائيًا يوقف تنفيذ قرار الإقالة لحين البت في شرعيته.
وتستعد المحكمة الآن لجلسات إضافية للنظر في ما إذا كان بإمكان نتنياهو إقالة رئيس الشاباك بشكل قانوني.
رد نتنياهو
في إفادته المكونة من عشرات الصفحات، والتي تم الكشف عن جزء منها للعلن، نفى نتنياهو جملة وتفصيلاً مزاعم بار، واصفًا إياها بأنها مليئة بالأكاذيب والتناقضات التي تهدف إلى رسم صورة مشوهة، كما لو أن بار يدافع عن سيادة القانون واستقلالية الشاباك.
وأكد نتنياهو أنه لم يطلب من بار مراقبة المتظاهرين السلميين المناهضين للحكومة، بل اقتصر طلبه على التعامل مع النشطاء الذين قد يلجأون إلى العنف أو التحريض ضد كبار المسؤولين وعائلاتهم.
كما نفى نتنياهو أي طلب للتدخل في محاكمته بتهم الفساد، موضحًا أن حديثه مع بار اقتصر على المطالبة بتدابير أمنية بعد هجوم بطائرة مسيرة تابعة لحزب الله استهدف منزله الخاص في أكتوبر الماضي.
ولم يكن نتنياهو وعائلته في المنزل وقت الهجوم، وتم فيما بعد نقل جلسات محاكمته إلى قاعة محكمة تحت الأرض في تل أبيب، حيث مثل نتنياهو للدفاع عن نفسه في ديسمبر.
ومع ذلك، لم ينف نتنياهو بشكل مباشر ادعاء بار بأنه طُلب منه الانحياز إلى رئيس الوزراء في حال وقوع صدام مع المحكمة العليا.
واكتفى بالقول إنه لا توجد أدلة تدعم هذا الادعاء في المواد التي قدمها بار إلى المحكمة.
رد بار
في رد سريع ليلة الأحد، أصدر رونين بار بياناً أكد فيه أن جميع التفاصيل التي أثارها في إفادته تمثل الحقيقة المطلقة.
وكرر مزاعمه بأن نتنياهو حاول التأثير على عمله لأغراض سياسية وشخصية. واتهم بار إفادة نتنياهو بأنها تحتوي على معلومات غير دقيقة، واقتباسات انتقائية وحقائق ناقصة تهدف إلى تحريف الواقع وتغيير سياق الأحداث.
صراع مع القضاء ومؤسسات الدولة
يأتي هذا النزاع في سياق صراع مستمر منذ عامين بين الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو والسلطات القانونية والقضائية في إسرائيل.
وقد حاولت الحكومة إقالة أو تقليص صلاحيات العديد من المسؤولين في هذه المؤسسات. وفي إفادته، وجه نتنياهو انتقاداً غير مباشر للمحكمة العليا، متسائلاً عن سبب اضطراره لخوض منافسة إفادات مع موظف حكومي يعمل تحت إمرته، وتمت إقالته بإجماع الحكومة.
تبادل الاتهامات
تناول نتنياهو في إفادته بالتفصيل مزاعم بار بشأن تسلسل الأحداث التي سبقت هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي وصفه نتنياهو بأنه أكبر فشل استخباراتي في تاريخ إسرائيل.
واتهم بار بتحمل مسؤولية مباشرة وكبيرة عن عدم منع المجزرة التي نفذتها حماس، معتبراً أن هذا الفشل هو السبب الرئيسي لإقالته.
وحاول نتنياهو وحلفاؤه في الحكومة ووسائل الإعلام تحميل رؤساء الأجهزة الأمنية آنذاك، بمن فيهم بار، المسؤولية الكاملة عن الهجوم، فيما استقال أو أُقيل معظم هؤلاء المسؤولين، باستثناء بار.
من جهته، رفض نتنياهو، الذي تولى السلطة لفترات طويلة خلال الـ16 عاماً الماضية، تحمل أي مسؤولية عن الحادث الذي شهد أكبر خسارة في الأرواح في تاريخ إسرائيل.
كما عرقل إنشاء لجنة تحقيق وطنية للتحقيق الكامل في الهجوم.
تداعيات وتساؤلات
يسلط هذا النزاع القانوني والسياسي الضوء على التوترات العميقة بين نتنياهو ومؤسسات الدولة، خاصة في ظل استمرار محاكمته بتهم الفساد والتحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.
ومع تصاعد الخلافات بين نتنياهو وبار، تظل الأنظار متجهة نحو المحكمة العليا التي ستقرر مصير إقالة رئيس الشاباك السابق، فيما قد يكون لهذا القرار تداعيات كبيرة على استقرار الحكومة والثقة في المؤسسات الأمنية والقضائية في إسرائيل.