ليبيا.. معارك تهز طرابلس بعد انهيار الهدنة

ليبيا.. معارك تهز طرابلس بعد انهيار الهدنة

ليبيا.. معارك تهز طرابلس بعد انهيار الهدنة
معارك طرابلس

شهدت العاصمة الليبية طرابلس، صباح اليوم الاثنين، موجة عنف جديدة مع تجدد الاشتباكات المسلحة بين ميليشيات متنازعة، بعد أسابيع قليلة فقط من إعلان هدنة هشة لم تصمد أمام تراكم التوترات الميدانية. 

وأفاد سكان محليين، بأن المواجهات اندلعت بين قوة الردع الخاصة من جهة، وقوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية من جهة أخرى، في عدد من أحياء العاصمة، أبرزها طريق الطبي وجزيرة الفرناج، حيث دوّت أصوات الرصاص بكثافة وانتشرت المدرعات في الشوارع وأغلقت الطرقات.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من حكومة الوحدة الوطنية أو المجلس الرئاسي، بينما تتصاعد حالة القلق الشعبي من عودة العاصمة إلى مشهد الفوضى والانفلات الأمني.

تفكك الهدنة وتحرك الميليشيات


المواجهات جاءت عقب إعلان قوة الردع استعادة بعض مواقعها التي كانت تسيطر عليها سابقًا، بالتزامن مع انسحاب قوات فض النزاع التي كانت مكلفة بحماية الهدنة، وهو ما فتح الباب أمام تصعيد ميداني مفاجئ.

وتشير التطورات الحالية إلى انهيار الاتفاق الأمني الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي، والذي نص على وقف إطلاق النار وإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة، كخطوة لفرض سيادة الدولة وإعادة هيبة المؤسسات الأمنية الرسمية. 

لكن عودة الاشتباكات عكست هشاشة هذا الاتفاق، وأبرزت مجددًا ضعف السيطرة المركزية على الجماعات المسلحة التي تنشط داخل طرابلس.

أضرار ميدانية وحريق في مقبرة

وسط حالة الفوضى، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق اندلاع حريق كبير في مقبرة سيدي منيدر الواقعة في نطاق الاشتباكات، وأطلقت مناشدات واسعة للجهات المختصة للتدخل السريع وإرسال سيارات الإطفاء، في محاولة للسيطرة على النيران قبل امتدادها إلى مناطق سكنية مجاورة.

وقد دفعت هذه الأحداث الأهالي إلى ملازمة منازلهم، فيما أغلقت المحال التجارية وتوقفت حركة المواصلات العامة، في مشهد يعيد إلى الأذهان فصولًا سابقة من العنف الذي شهدته العاصمة خلال السنوات الأخيرة.

توترات متصاعدة بعد مقتل الككلي

التصعيد الجديد يأتي على خلفية أجواء مشحونة تعيشها طرابلس منذ مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغني الككلي المعروف بـ"غنيوة"، قبل أسابيع، وهو الحادث الذي أعاد خلط أوراق التوازنات بين الفصائل المسلحة، وخلق فراغًا في خريطة النفوذ الأمني، ما أدى إلى تصاعد التحشيد والاشتباك بين قوى تنتمي إلى نفس المعسكر السياسي.

وبحسب مصادر أمنية محلية، فإن بعض الجماعات المسلحة التي كانت متحالفة سابقًا تحت مظلة حكومة الوحدة بدأت تتحرك بشكل منفصل، مدفوعة بخلافات على مناطق السيطرة ومصادر التمويل، ما يُنذر بصراع داخلي قد يتسع إذا لم يتم احتواؤه سريعًا.

جهود رسمية فشلت في التهدئة


الأسبوع الماضي، أعلن رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، اتفاقًا مشتركًا يقضي بإخلاء العاصمة من جميع التشكيلات المسلحة، وتكليف وزارة الداخلية والأجهزة النظامية بتولي المسؤولية الأمنية.
 
لكن الوقائع الميدانية كشفت فشل هذا الاتفاق في فرض نفسه على الأرض، مع عجز الجهات الرسمية عن تنفيذ بنوده أو كبح جماح الجماعات المسلحة، التي ما تزال تحتفظ بأسلحتها وتحكم قبضتها على مناطق استراتيجية داخل العاصمة.

تسلسل الأحداث خلال الساعات الأخيرة يضع طرابلس مجددًا في دائرة المواجهة، ويؤكد أن العاصمة ما زالت بعيدة عن الاستقرار، رغم الوعود المتكررة من المسؤولين. فالفوضى الأمنية المتجددة تهدد بانهيار كامل لمشهد ما بعد الهدنة، وتُعرقل أي مساع نحو عملية سياسية أو انتخابات طال انتظارها.