في عيد تحريرها الـ 38 .. "ملحمة مصرية" قادها الجيش المصري لاستعادة سيناء

في عيد تحريرها الـ 38 ..
صورة أرشيفية

منذ بدايتها الغريبة، تبحث دولة إسرائيل عن موطن لها لتسارع باحتلال العديد من الأراضي العربية التي يُعتقد أنها ترتبط ببداية اليهودية، ليبطشوا بفلسطين ثم أراضي سيناء المصرية، إلى أن تمكن الرئيسان الراحلان محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، من استعادتها بقوة من المحتل الإسرائيلي.


سطرت مصر في التاريخ صفحات من نور بالمقاومة العسكرية والمباحثات السياسية والدبلوماسية بشأن أراضي الفيروز، لتكتب في 25 أبريل 1982، نهاية للاحتلال وعيداً لتحرير سيناء، تحتفل به في كل عام، حيث رفرف العلم المصري على أراضيها وأنهى مسلسلاً طويلاً من الصراع المصري الإسرائيلي.

الكفاح العسكري


بدأت أولى محاولات استعادة سيناء وتحريرها من قبض الاحتلال، بعد هزيمة 1967، وحرب الاستنزاف، حيث وقعت في جبهة القتال معارك شرسة صادمة للعسكرية الإسرائيلية، والتي مهدت الطريق للنصر في حرب أكتوبر، التي شهدت انتصاراً أذهل العالم بعبور القناة واقتحام خط بارليف الحصين بعد توجيه ضربة جوية استباقية ترنحت إسرائيل على إثرها، والتي تمكنت من خلالها مصر من استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وجزء من الأراضي في شِبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975.

المفاوضات السياسية والخروقات الإسرائيلية
بعد 10 أيام من حرب أكتوبر، بدأت المرحلة الثانية لتحرير أراضيها، وهي المفاوضات السياسية، لتظهر أولى المحاولات الإسرائيلية الواهية لاستعادة قوتها وتخترق المعاهدات الدولية كعادتها، حيث صدر القرار رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية من 22 أكتوبر 1973، والذي وُلد بدفع من أميركا والدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسرعان ما قبلته مصر ونفذته بينما اخترقته إسرائيل.


أدى ذلك الخرق الإسرائيلي إلى إصدار مجلس الأمن قراراً آخر في 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، لتدخل بعدها في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات، ثم وقف المعارك في 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.


تمكنت مباحثات "الكيلو 101" في العام نفسه من الوصول إلى اتفاق بشأن المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط، ينص على الالتزام بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم تبادل الأسرى والجرحى.


وقَّع الطرفان في يناير 1974 على الاتفاق الأول لفض الاشتباك، وبموجبه انسحبت إسرائيل إلى مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل للقوات الدولية، ثم في سبتمبر 1975 وقعوا على الاتفاق الثاني حيث تقدمت مصر إلى حوالي 4500 كيلومتر من سيناء.

مبادرة السادات


في نوفمبر 1977، أقدم الرئيس المصري الراحل، الملقب بـ"الثعلب"، على خطوة جريئة كانت الأولى من نوعها، وهي زيارة القدس وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي، ليطرح فيها مبادرته التي تضمنت أن تحقُّق أي سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لن يحقق أبدا السلام الدائم العادل الذي يلح العالم كله عليه.


وشملت مبادرته 5 أسس محددة للسلام، وهي: "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته، وحق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها لتحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة، وتلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية، وإنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة".


وفي العام التالي، وبجهود أميركية مكثفة، وافقت مصر وإسرائيل على التوقيع على وثيقة "كامب ديفيد" في البيت الأبيض في 18 سبتمبر 1978، التي تتضمن وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي الإسرائيلي، الأولى كانت بشأن السلام في الشرق الأوسط، والثانية هي معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل حيث تهدف لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط، وتؤكدان من جديد التزامهما بإطار السلام المتفق عليه في كامب ديفيد، وإنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين.


استعادة سيناء


بعد التوقيع على تلك المعاهدة، بدأت مصر السيطرة من جديد على أراضيها، حيث تم تحديد جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي المرحلي من سيناء، والذي بدأ بتراجعهم من مدينة العريش ورأس محمد، ثم مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع  من أبو زنيبة حتى أبو خربة، يليها منطقة سانت كاترين ووادي الطور.


في ‏25‏ إبريل ‏1982‏، رفعت مصر علمها على حدود مصر الشرقية بمدينة رفح وشرم الشيخ، وإنهاء احتلال إسرائيلي دام لحوالي 15 عاماً، ليتحول ذلك اليوم لمناسبة قومية يتم الاحتفال السنوي بها، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية 7 سنوات من الجهد الدبلوماسي المصري المكثف‏.


تمتاز سيناء بمقوماتها الطبيعية ومواردها الزراعية والصناعية والسياحية، التي تعتبر ركناً من أركان الاستراتيجية المصرية الطموحة، حيث تغطي 25% من مساحة مصر، لذلك تولت القيادة بها مشروعات ضخمة لتنمية سيناء، لاسيما لكونها جزءاً من إقليم قناة السويس الذي يحتضن حالياً أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة.