تفاقُم الصراع السياسي بالسودان.. ومظاهرات مليونية بقلب العاصمة وسط مخاوف أمنية
دعت القوي السياسية في السودان إلي مليونية بقلب العاصمة وسط مخاوف أمنية
تنافر سياسي بالغ تشهده السودان مؤخرًا، وخلافات واسعة خرجت بعيدًا عن الأروقة الحكومية إلى الشوارع والميادين، والتي تطل برأسها اليوم خلال مظاهرة مليونية بالتزامن مع ذكرى ثورة أكتوبر 1964.
الخرطوم تتأهب
وتشهد، اليوم الخميس، العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات السودانية، مظاهرات مليونية بالتزامن مع ذكرى ثورة أكتوبر 1964، دعا لها عدد من الأحزاب السياسية والأجسام المهنية ولجان المقاومة أعلنت تسيير مواكب تباينت في الأهداف والوجهات.
استعدادات أمنية
وتستعد القوات الأمنية لتلك المظاهرات، حيث أغلق الجيش السوداني الطرق المؤدية إليه في القيادة العامة قبل مظاهرات اليوم.
ومن ناحيته، طالب الناطق الرسمي للشرطة، العميد إدريس ليمان، المواطنين بسلمية التظاهرات، مؤكدا أن قواته قادرة على التعامل مع المواكب في حال أي طارئ.
وتابع ليمان أن التظاهر حق مكفول للجميع وفق الوثيقة الدستورية، موضحا أن الشرطة ستتعامل بحيادية وأنها على مسافة واحدة من الجميع.
وأعلنت الرئاسة وضع القوات في حالة استعداد قصوى واتخاذ إجراءات تأمينية استثنائية للسجون بولاية الخرطوم وبالأخص سجن كوبر الاتحادي الذي يقبع فيه أنصار النظام السابق.
فيما قرر النائب العام السوداني تشكيل غرفة مركزية برئاسته للإشراف والمتابعة لحماية المواكب والتظاهرات التي ستنطلق اليوم، بالإضافة لنشر أكثر من 40 وكيل نيابة بولاية الخرطوم، وتوجيهه رؤساء النيابات في الولايات الأخرى باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية وتأمين المواكب والتظاهرات.
دعوات للتظاهر
وأطلقت عدة أطراف سياسية، دعوات للتظاهر اليوم، منها المجلس المركزي للحرية والتغيير، حيث طالب بمقاطعة مسيرات مجموعة الإصلاح بقوى الحرية والتغيير والخروج يوم 21 أكتوبر، للدعوة بأن تكون أجهزة الشرطة والمخابرات تحت إدارة مدنية، وكذلك احترام الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا للسلام بالسودان.
بينما انضم وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، المحسوب على مجموعة المجلس المركزي، إلى المتظاهرين اليوم، مؤكدا أن الخروج في الموكب فَرْض عين للحفاظ على مكتسبات الثورة.
وفي الوقت نفسه، دعت مجموعة الإصلاح بقوى الحرية والتغيير إلى التظاهر أيضا، موضحة وجود 5 مسارات تتوجه جميعها إلى محيط القصر الجمهوري الذي يشهد اعتصاماً تنظمه المجموعة منذ السبت الماضي.
وطالبت مجموعة الإصلاح بحل الحكومة وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وتكوين حكومة كفاءات مستقلة وحل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، فضلا عن تكوين مفوضية مكافحة الفساد وتشكيل المحكمة الدستورية والمجلس التشريعي الانتقالي.
بينما أكد تجمع المهنيين السودانيين أن الصراع بين المجموعتين يدور حول تقسيم المناصب والامتيازات وخدمة المحاور الخارجية، مطالبا بالدعوة إلى الخروج لإسقاط الشراكة بين المكونين المدني والعسكري.
كما اختلفت لجان المقاومة في الأهداف والوجهات، حيث أصدرت الغرفة المشتركة لمليونيات الحكم المدني، والتي تضم أكثر من 30 جسماً الخروج في تظاهرات اليوم لتحقيق عدد من المطالب.
وجاء من بين مطالب الغرفة المشتركة "استكمال عملية السلام الشامل، وتسليم السلطة للمدنيين، وتكوين مجلس تشريعي ثوري، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وتحويل لجنة التحقيق في مجزرة القيادة العامة إلى لجنة دولية، بالإضافة إلى محاسبة وإقالة حاكم إقليم دارفور ووزير المالية ومدير الشركة السودانية للموارد المعدنية وممثل مسار الوسط في اتفاقية جوبا".
احتجاجات الخرطوم
وفي مطلع الأسبوع الجاري، نظم أنصار الحرية والتغيير، جناح حزب الإصلاح المنشق، اعتصاما أمام مجلس الوزراء، رافعين شعارات تدعو للعودة إلى منصة التأسيس، واسترداد الثورة، على حد مطالبهم، للمطالبة بأن يتم هناك توقيع ميثاق التوافق الوطني، الذي تلته القوى المنشقة عن الحرية والتغيير الأسبوع الماضي.
وأثناء ذلك، رصدت عناصر من قوات الشرطة والاستخبارات مجموعة تدعي الانتماء للحركات المسلحة، سارعت بإعاقتهم ومنعهم من مواصلة عملهم.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان عن دعمها للحكومة ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مرحبة بخطابه "المنحاز للتحول المدني الديمقراطي"، حيث قالت في بيانها: "موقفنا واضح في أن حل الحكومة هو قرار ملك للحرية والتغيير وبالتشاور مع رئيس الوزراء وقوى الثورة، ولن يأتي نتيجة لإملاءات فوقية ومؤامرات من الفلول".
وأكدت أن "الأزمة الحالية ليست مرتبطة بحل الحكومة أو بقائها وليست داخل الحرية والتغيير، بل هي من صنع جهات تريد الانقلاب على قوى الثورة والحرية والتغيير والتنصل عن التزامات الوثيقة الدستورية، بما في ذلك انتقال رئاسة المجلس السيادي".
انقسامات سياسية
وتشتعل الساحة السياسية بالسودان بالانقسامات الضخمة، والتي تفاقمت بين مكونات الحكم الانتقالي عقب إحباط محاولة انقلابية الشهر الماضي، ثم ازدادت قوة إثر التراشق الإعلامي بين الفريقين المدني والعسكري، ما تسبب في توقف اجتماعات مجلس السيادة والاجتماعات المشتركة مع مجلس الوزراء.
ويأتي ذلك بعد رفض حمدوك طلبا من رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بحل حكومته المكونة من قوى الحرية والتغيير وتعيين حكومة جديدة بدلا عنها.
وطالبت قوى سياسية تابعة للواء قوى الحرية والتغيير بطرح ميثاق جديد، يضمن مشاركة كل قوى الثورة، ويوسع قاعدة المشاركة دون إقصاء كل المكونات الأخرى.