كشمير تنزف من جديد.. ٠تصعيد هندي - باكستاني يهدد بعودة الحرب

كشمير تنزف من جديد.. ٠تصعيد هندي - باكستاني يهدد بعودة الحرب

كشمير تنزف من جديد.. ٠تصعيد هندي - باكستاني يهدد بعودة الحرب
هجوم الهند

عاد شبح التصعيد بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، ليطل برأسه مجددًا من بوابة كشمير، المنطقة المتنازع عليها التي طالما كانت بؤرة للتوترات والحروب، فبعد الهجوم الدموي الذي أودى بحياة 26 مدنيًا في وجهة سياحية بكشمير، سارعت نيودلهي إلى تحميل إسلام آباد مسؤولية "تورط عبر الحدود"، وأعلنت حزمة من الإجراءات العقابية التي قد تُعيد العلاقات إلى مستوى أكثر توترًا مما كانت عليه في ذروة الأزمات السابقة، استدعاء الدبلوماسيين، تقليص التمثيل الدبلوماسي، وتعليق معاهدة تقاسم المياه التاريخية، كلها مؤشرات على تصعيد متسارع قد لا يوقفه سوى تدخل دولي سريع، هذا التطور الخطير يهدد بتقويض أي آمال متبقية في التهدئة، ويفتح الباب أمام تساؤلات ملحة: هل نحن على أعتاب مواجهة شاملة جديدة؟ وكيف سترد باكستان في ظل الداخل المتأزم؟

*استنفار أمني وسياسي*


في تطور يُعيد للأذهان مراحل التصعيد الأكثر خطورة في تاريخ النزاع بين الهند وباكستان، أعلنت نيودلهي اتخاذ سلسلة من الخطوات السياسية والدبلوماسية والعسكرية ردًا على هجوم دموي وقع في كشمير يوم الثلاثاء الماضي، وأسفر عن مقتل 26 مدنيًا.

 الهجوم، الذي وقع في منطقة سياحية تشهد عادة إقبالًا من الزوار المحليين، اعتُبر الأسوأ من نوعه ضد مدنيين منذ أكثر من 20 عامًا، وأثار استنفارًا في الأجهزة الأمنية والسياسية على أعلى مستوى في الهند.

وقد سارعت الحكومة الهندية إلى توجيه اتهام مباشر إلى باكستان بالضلوع في الهجوم، معتبرة أن "هناك أدلة على تورط عبر الحدود"، بحسب تصريحات فيكرام ميسري، وكيل وزارة الخارجية الهندية، الذي أوضح أن بلاده ستتخذ إجراءات غير مسبوقة تشمل تعليق معاهدة تقاسم مياه نهر السند التي تُعد واحدة من الركائز القليلة المتبقية في العلاقات الثنائية بين الجانبين.

إضافة إلى ذلك، أعلنت نيودلهي عن طرد المستشارين العسكريين الباكستانيين ومنحهم مهلة أسبوع للمغادرة، وتقليص عدد موظفي البعثة الباكستانية في نيودلهي بنسبة كبيرة.

 هذه الخطوات قوبلت برد فعل مماثل من إسلام آباد التي أعلنت، على لسان وزير خارجيتها إسحاق دار، عن عقد اجتماع طارئ للجنة الأمن القومي لمناقشة الرد المناسب على التصعيد الهندي.

*توقيت هام*


الهجوم جاء في توقيت بالغ الحساسية، حيث تستعد الهند لخوض انتخابات عامة العام المقبل، ويواجه حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي ضغوطًا لإظهار حزم أمني، خاصة بعد سنوات من ترويج الحكومة لفكرة أن إنهاء الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير عام 2019 قد جلب الاستقرار والتنمية للإقليم المضطرب.

لكن هذا الهجوم يعيد تسليط الضوء على التحديات الأمنية الحقيقية في كشمير، ويضعف سردية "الهند الموحّدة" التي تبنتها حكومة مودي. كما أنه يختبر قدرة باكستان على تجنّب الانجرار إلى مواجهة مباشرة، وسط أزمات داخلية اقتصادية وسياسية متفاقمة.

معاهدة مياه نهر السند، التي أُبرمت بوساطة البنك الدولي في عام 1960، لطالما اعتُبرت من أبرز إنجازات الدبلوماسية في جنوب آسيا، إذ استمرت فعالة رغم اندلاع ثلاث حروب كبرى بين الجانبين. تعليق الهند لهذه المعاهدة يُعد سابقة تهدد الأمن المائي لباكستان، التي تعتمد بشكل كبير على مياه النهر وروافده.

الخطورة لا تكمن فقط في الإجراءات المعلنة، بل في التصعيد السياسي المتسارع من كلا الجانبين. ففي الهند، دعا مودي إلى اجتماع طارئ لكافة الأحزاب السياسية لإطلاعها على طبيعة الرد، وهو مؤشر على سعيه لحشد إجماع وطني. وفي المقابل، تتحضر باكستان على ما يبدو لاتخاذ إجراءات مضادة قد تشمل خطوات دبلوماسية وعسكرية.

*هاوية جديدة*  


من جانبهم، يرى المراقبون أن المشهد الحالي لا يختلف كثيرًا عن بدايات أزمات سابقة، مثل أزمة "بولواما" عام 2019، التي كادت أن تؤدي إلى حرب شاملة لولا تدخلات دولية، وفقًا لصحيفة الجارديان.

ويعتقد الخبراء في حديثهم لـ"الجارديان"، أن التهديد الأكبر الآن يكمن في غياب قنوات حوار فعالة، واستمرار غياب السفراء في العاصمتين منذ سنوات. 

وفي ظل بيئة إقليمية ودولية مشحونة، خصوصًا مع انشغال القوى الكبرى بأزمات أخرى، قد لا تجد الهند وباكستان من يتدخل بقوة هذه المرة لكبح جماح الانفجار.

وهنا، يُطرح المراقبون السؤال المصيري، هل يمكن لنيودلهي وإسلام آباد احتواء الغضب دون الانزلاق إلى هاوية جديدة؟