الاقتصاد الأوكراني يترنح.. وكييف تطلب 40 مليار دولار سنويًا للبقاء

الاقتصاد الأوكراني يترنح.. وكييف تطلب 40 مليار دولار سنويًا للبقاء

الاقتصاد الأوكراني يترنح.. وكييف تطلب 40 مليار دولار سنويًا للبقاء
الحرب الروسية الأوكرانية

في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي عُقدت هذا الأسبوع، عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استغرابه من استمرار الحرب بين أوكرانيا وروسيا، مؤكدًا أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين كان صعب المراس، وأنه كان يعتقد أن هذه الحرب سيتم تسويتها بسهولة، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وقال ترامب - خلال مؤتمر صحفي في وقت متأخر أمس الأربعاء-: إنه كان يتوقع نهاية سريعة للنزاع، مضيفًا أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا كان أكثر تعقيدًا من حروب أخرى. 

وأضافت الصحيفة، أن هذا الأمل شاركه العديد من الأوكرانيين عند بداية ولاية ترامب، لكن الواقع أثبت أن الحرب ما تزال مستمرة رغم بعض المحاولات الأمريكية للوساطة، وأن تبعاتها الاقتصادية باتت تنذر بخطر ممتد.

الاقتصاد الأوكراني يترنح 

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أنه رغم أن الاقتصاد الأوكراني ما يزال صامدًا حتى اللحظة، فإن هذا الصمود يعود بشكل رئيسي إلى دعم مالي غربي ضخم. إلا أن محللين ومسؤولين أوكرانيين يحذرون من أن هذا الدعم قد لا يكون كافيًا في المستقبل. 

وفي ظل غياب مشاريع استثمارية كبيرة قابلة للتنفيذ قريبًا، تبقى الصفقة التي وُقعت مؤخرًا مع الولايات المتحدة لتطوير ثروات أوكرانيا المعدنية أبرز أمل، لكنها ما زالت بعيدة التنفيذ.

وخلال الأشهر الماضية، راهن رجال الأعمال المحليون والدوليون على احتمال توقف الحرب بفضل ما أطلق عليه "أرباح السلام" المتوقعة، ما دفع أسعار السندات الحكومية الأوكرانية للارتفاع حتى منتصف فبراير. 

وتابعت: أن هذا التفاؤل انهار سريعًا مع انتقال اهتمام ترامب إلى صراعات أخرى، واستئناف روسيا هجماتها الكثيفة على المدن الأوكرانية.

الواقع الجديد يُفرض على كييف

قال مسؤول رفيع في مكتب الرئيس الأوكراني، طلب عدم ذكر اسمه: إن "وقف إطلاق النار كان في قلب كل التوقعات الاقتصادية، وكان يُعتقد أنه قد يتحقق منتصف عام 2025"، لكنه أشار أن التأثير الإيجابي المتوقع على الاقتصاد هذا العام لم يعد واردًا، وأن التركيز انتقل الآن إلى كيفية الحفاظ على الحد الأدنى من الأداء الاقتصادي.

وخلال قمة مجموعة السبع في كندا الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إن بلاده تحتاج إلى دعم سنوي من الحلفاء الغربيين بقيمة 40 مليار دولار للحفاظ على استقرارها الاقتصادي وقدرتها على الاستمرار.

في الوقت الحالي، تُغطي الدول الغربية نفقات أوكرانيا غير العسكرية، مثل: المعاشات، والرعاية الصحية، والتعليم، من خلال الفوائد المحجوزة من الأصول الروسية المجمدة في الخارج.

 ومع ذلك، فإن هذه المساعدات لن تغطي في العام المقبل سوى نصف المبلغ المطلوب، بحسب ما أفاد به مسؤولون أوكرانيون.

أوكرانيا تواجه قرارات اقتصادية مؤلمة

وقال وزير المالية الأوكراني سيرهي مارشينكو -أمام البرلمان هذا الشهر-: إن على البلاد أن تكون مستعدة لاحتمال استمرار الحرب حتى نهاية عام 2026، مشيرًا أن الحكومة قد تضطر إلى تقليص الموازنة العامة بمليارات الدولارات.

وأضاف مارشينكو: أن هذه أرقام خطيرة، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية. أما صندوق النقد الدولي، الذي قدّم لأوكرانيا نحو 16 مليار دولار منذ بدء الحرب، فقد أشار في آخر مراجعة له أن السيناريو الأساسي ما زال يفترض انحسار الحرب في الأشهر الأخيرة من هذا العام. غير أن المحللين يعتقدون أن انهيار هذا الافتراض سيكون له تداعيات سلبية.

وقال تيموفي ميلوفانوف، رئيس مدرسة كييف للاقتصاد: إن غياب الدعم الأمريكي، والقيود على الدعم الأوروبي الذي يُجدد سنويًا، وارتفاع التكاليف قد يجعل من استمرار هذا الدعم غير مستدام.

لكن فيتالاي فافريشوك، الرئيس السابق لدائرة الاستقرار المالي في البنك الوطني الأوكراني، أشار أن الحكومة بالكاد تستطيع تقليص النفقات، حيث لا يمكن المساس بقطاعات التعليم والصحة.

وأضاف: أنه في عام 2025 لم تتم زيادة الحد الأدنى للأجور، كما أن رواتب موظفي القطاع العام ارتفعت بشكل طفيف فقط، ما يترك هامشًا ضئيلًا جدًا للمناورة.

استثمارات معلقة في الداخل 

توقع فافريشوك، أن الاقتصاد الأوكراني سينمو بأقل من 3% هذا العام والعام المقبل، مؤكدًا أن الصورة العامة ليست مشجعة. 

وقال رجال أعمال محليون ودوليون في كييف: إنهم كانوا يأملون في أن تُحدث سياسة ترامب خرقًا، لكنهم بدأوا بالتكيّف مع الواقع الجديد.

 وأشار أحد رجال الأعمال الأوكرانيين البارزين، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن جميع الاستثمارات الكبيرة التي تنفذها شركته تتم خارج أوكرانيا، بينما تقتصر الأعمال داخل البلاد على الصيانة فقط.

وأضاف: أن شركته تبني خطط أعمال على أساس شهري، رغم وجود خطة سنوية، وذلك بسبب الضبابية السياسية والأمنية.

غياب المستثمرين الدوليين 

في المقابل، تواصل منظمات مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقديم تمويل لمشاريع داخل أوكرانيا، لكن المستثمرين الخواص ما يزالون يحجمون بسبب الأوضاع الأمنية. 

وقال رجل أعمال غربي مقيم في كييف: إنه أجرى محادثات مع مستثمرين محتملين، لكنهم أبدوا اهتمامًا مشروطًا بوجود وقف لإطلاق النار قبل ضخ أي أموال.

وفي ظل تصاعد القصف الروسي على المدن الأوكرانية وتقدم قوات موسكو في الشرق، تبقى المخاوف الأمنية محور اهتمام المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية في أوكرانيا.

وأشار أحدهم، أن وتيرة التراجع الميداني تؤثر بشكل مباشر على ثقة السوق واستعداد المستثمرين، وأضاف أن الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة لا تدمر الممتلكات فحسب، بل تحبط معنويات السكان، وتدفعهم للهجرة، وتؤثر سلبًا على خدمات مثل الكهرباء.