اضطهاد الأقليات العرقية في إيران.. كيف أبرزتها احتجاجات خوزستان؟
تضطهد إيران الأقليات العرقية وقامت بقمع احتجاجات خوزستان
سلط تقرير لموقع "مجلس الأطلنطي" أو "أتلانتيك كونسيل"، الضوء على أزمة التمييز العرقي في إيران، وذلك على ضوء الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها محافظة خوزستان بسبب شح مياه الشرب، رغم أنها المحافظة الغنية بالنفط.
وقال التقرير: إن الاحتجاجات التي اندلعت بسبب أزمة مياه حادة في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، لفتت الانتباه مرة أخرى إلى التمييز ضد الأقليات العرقية في إيران، مشيرًا إلى أن قوات الأمن قتلت ثمانية على الأقل خلال هذه التظاهرات، فيما ردد المتظاهرون، الذين سلطوا الضوء على نقص المياه وتدهور الأوضاع الاقتصادية، شعارات مناهضة للنظام والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وقال موقع "أتلانتيك كونسيل": إن هذه ليست هي المرة الأولى التي تثير فيها الأزمة البيئية احتجاجات في خوزستان الغنية بالنفط، والتي يعاني سكانها من صعوبات اقتصادية ومشاكل بيئية حادة منذ سنوات، ففي أوائل عام 2017، اندلعت موجة كبيرة من الاحتجاجات في المحافظة بعد عواصف ترابية شديدة رافقتها أمطار غزيرة وفيضانات تسببت في انقطاع الكهرباء والمياه لفترة طويلة في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن العرقية العربية -ومعظمهم من الشيعة– يشكلون حوالي ثلث سكان المحافظة البالغ عددهم 4.7 مليون نسمة، ويتكون الباقي من بختيار ولور وفرس.
ولفت التقرير إلى أنه لا يبدو أن الانقسامات العرقية موضوع رئيسي في الاحتجاجات، وفي بعض الحالات كانت هناك دعوات للتضامن والوحدة بين العرق العربي والبختياري، إلا أنه سرعان ما اندلعت احتجاجات التضامن في عدة مدن في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك العاصمة طهران وتبريز وأصفهان وكرج. لكن هذا لم يمنع بعض المعلقين الغربيين من وصف الاحتجاجات في خوزستان بأنها "إثنية قومية" وتقديمها كمؤشر آخر على الطائفية العرقية في إيران.
وأضافت "أتلانتيك كونسيل": أنه من المؤكد أن القضية العرقية في إيران كانت حاضرة وواضحة لفترة طويلة، فالأقليات العرقية -بما في ذلك الأذريون والأكراد والعرب والبلوش وغيرهم- الذين يعيشون بشكل رئيسي في المناطق المحيطة، ويشكلون ما يقرب من نصف سكان إيران، يشكلون تحديًا كبيرًا للجمهورية الإسلامية. وتستمر هذه الأقليات في الثورة ضد التمييز المتعمد من قبل الحكومة المركزية.
وأشار التقرير إلى أن إستراتيجية التنمية المركزية في إيران خلقت فجوات اجتماعية واقتصادية واسعة بين المركز والأطراف، إضافة إلى توزيع غير متوازن لموارد الدولة. والسلطات متهمة أيضا بمنع دراسة الثقافة واللغات المحلية في المدارس في المقاطعات التي يسكنها بشكل رئيسي الأقليات.
وأضاف أنه لسنوات، كان هناك نقاش عام مستمر في إيران حول تدريس اللغات المحلية، مطالبًا بتنفيذ المادة 15 من دستور البلاد، التي تعترف بحق الأقليات في دراسة لغتهم الأم في المدرسة.
وبحسب تقرير مجلس الأطلنطى، فقد أثار التمييز ضد الأقليات العرقية العديد من الاحتجاجات وحتى الاشتباكات العنيفة في المناطق التي يعيشون فيها. في مايو 2006، على سبيل المثال، اندلعت أعمال شغب في تبريز ومدن أخرى في المقاطعات الآهلة بالسكان الأذريين بعد أن نشرت صحيفة حكومية رسما كاريكاتوريا يصور متحدثا باللغة التركية الأذرية على أنه صرصور. في فبراير 2014، عادت التوترات العرقية إلى الظهور في أعقاب بث مسلسل تلفزيوني كان يُنظر إليه على أنه إهانة لشعب بختياري الذي يعيش في جنوب غربي إيران.
في أوائل أكتوبر 2020، اندلعت احتجاجات بين الأذريين في مدينة تبريز الشمالية الغربية لدعم أذربيجان في صراعها مع أرمينيا حول منطقة ناغورنو كاراباخ الانفصالية. من حين لآخر، تندلع اشتباكات عنيفة في خوزستان وسيستان وبلوشستان وكردستان إيران بين قوات الأمن والمنظمات الانفصالية التي يغذيها استمرار التمييز والمظالم الاقتصادية.
وأشار إلى أنه كانت هناك حركات انفصالية بين المجموعات العرقية في تاريخ إيران، وقد أدى بعضها إلى إنشاء دول مستقلة - حتى ولو لفترة قصيرة - مثل جمهورية مهاباد الكردية والحكومة الشعبية الأذربيجانية، التي أنشأها السوفيت. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية. كما اندلعت تفشي العنف في مناطق الأقليات بعد ثورة 1979، وخاصة في العامين الأولين من الجمهورية الإسلامية. ومع ذلك، فإن معظم المطالبات التي أثارتها الأقليات العرقية تمثل مطالبهم لإزالة التمييز ومعالجة مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من التطلع إلى الانفصال عن إيران.
وعلاوة على ذلك، هناك حساسية كبيرة في إيران - حتى بين منتقدي النظام الإيراني - تجاه الميول الانفصالية، وخاصة أي محاولة خارجية لتشجيع الفصل العرقي، مما قد يقوض التماسك الإقليمي لإيران ويؤدي إلى تفككها.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الاختلافات العميقة بين المجموعات العرقية المختلفة، فقد وجدت إيران ككيان سياسي وثقافي منفصل لهوية وطنية فريدة لعدة قرون، لافتًا في ذلك إلى الانتماء الديني الشيعي الذي قلل بشكل كبير من تهديد الأقليات على تماسك إيران.
واختتم التقرير بأنه على الرغم من الاحتجاجات المتزايدة في السنوات الأخيرة، لا يزال العديد من الإيرانيين، بمن فيهم المعارضون والمنتقدون للنظام الحاكم، قلقين بشأن احتمال أن يكون البديل أسوأ، وأن التغيير الثوري قد يؤدي إلى فوضى سياسية وقد يتم استغلاله من أعداء إيران، معتبرين أن حدوث ثورة مثل ثورات "الربيع العربي" في إيران قد تؤدي إلى تحريض الأقليات على التمرد على طهران في ظل مشكلات التمييز العرقي القائمة.