القطريون.. ضحايا «غياب الرقابة».. و«التجار»: الحكومة هي السبب
غياب الرقابة الحكومية في قطر أصبح أزمة يعاني منها معظم القطريين في تعاملاتهم اليومية، صفحات البيع الإلكتروني أصبحت تتحكم في الأسعار وكذلك المتاجر العادية، فلا رقابة على الأسعار ولا توجد جهة رسمية تحمي المستهلك القطري من جشع التجار، المواطنون طالبوا مرارًا بمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار والتي تفاقمت منذ بداية العام الجاري بسبب تفشي وباء كورونا، حيث حمّل التجار أزمة تفشي الوباء سبب ارتفاع الأسعار في ظل تراخٍ حكومي واضح.
حملات شعبية لمواجهة ارتفاع الأسعار في ظل غياب مؤسسات الدولة
حملات شعبية إلكترونية قادها ناشطون قطريون لمواجهة ارتفاع الأسعار خاصة في احتياجات الأطفال والنساء، بعد ملاحظتهم تفاوت الأسعار بين المتاجر سواء كانت عادية أو إلكترونية.
وقدموا حلولًا لمواجهة تلك الظاهرة مطالبين الشعب القطري بمقاطعة المنتجات التي تزيد أسعارها عن الأسعار الطبيعية والمنطقية التي يشاهدونها من خلال البيع الإلكتروني في دول الجوار حتى يضطر مستوردو البضائع لتخفيض أسعارها، بعد أن يئسوا من تدخل الدولة والأجهزة المعنية بحماية المستهلك القطري من جشع التجار.
ووجه الناشطون نصائح ضرورية للآباء بأهمية إصرارهم على سياسة البحث عن بديل للتغلب على تلك الأزمة وأن لا يضعفوا أمام تعلق أطفالهم ببعض المنتجات مرتفعة الثمن بلا مبرر.
حقوقيون قطريون أكدوا أن قانون حماية المستهلك الذي وضع لضبط الأسعار والحد من التلاعب في جودة السلع مجرد قانون ظاهري، ورغم الوعود الحكومية إلا أن شكاوى المستهلكين تتصاعد يوميًا، خاصة السلع الغذائية في بعض المواسم والتي يستغلها التجار لزيادة الأسعار بعد احتكارهم لبعض السلع الإستراتيجية في ظل غياب الرقابة الفاعلة التي تمنعهم من الاستغلال.
وطالبوا بضرورة تطبيق رقابة حازمة على الأسواق خاصة بعد أزمة كورونا التي شهدت فوضى عارمة في أسعار أدوات الحماية الصحية من كمامات ومطهرات، مشددين على ضرورة زيادة عدد المفتشين والمراقبين، والعمل على تدريب الموظفين وإعطائهم دورات تدريبية وتأهيلية وإجبارهم على ممارسة عملهم بحزم.
شراء المستلزمات من دول أخرى وشحنها إلى قطر أكثر توفيرًا من متاجرنا
من جانبه، يقول سعد.ال، 33 عامًا كلما واجه أحد أصدقائي أو معارفي أزمة في تعاملاته مع أحد المتاجر نصحته على الفور باللجوء لحماية المستهلك إلا أن الردود جميعها أصابتني باليأس، فالجهات الرقابية تتجاهل الشكوى ولا تتخذ إجراءات تحذيرية أو حتى عقابية كسحب ترخيص أو غير ذلك.
وأضاف سعد: الأسعار تضاعفت بشكل جنوني ولا نعرف لمن نشكو، مستلزمات بداية العام الدراسي الجديد أصبحت لا تطاق وتحتاج لميزانية ضخمة لشرائها، فشرائي لنفس المستلزمات من دول أخرى وشحنها إلى قطر أصبح أقل سعرًا بكثير عما يعرض في المتاجر بجوار منازلنا.
وتابع سعد: الجهات الرقابية لا توفر الحماية اللازمة لنا، وكآباء نقف عاجزين أمام رغبات أطفالنا فلا نجد وسيلة غير تحقيق رغباتهم رغم تأكدنا من تعرضنا لعمليات نصب وسرقة واضحة للغاية، مضيفًا أن الأكثر سوءًا من ارتفاع الأسعار هو انخفاض الجودة فالأسعار لا تتناسب نهائيًا مع جودة المنتجات فالتجار يتعاملون معنا كفريسة تركتها لهم الحكومة دون حماية أو قانون.
يقول سعد: حماية المستهلك أصبح مجرد اسم ليس له مردود على أرض الواقع فكل ما يحدث هو أنها تعتمد يأس المستهلك من ضياع وقته في إجراءات ومحادثات مع موظفين، وإذا ما حاولت حصار الموظفين وإجبارهم على العمل يقومون بتحويل المستهلك إلى النيابة ويخبرون بتحويل أزمته إلى القضاء.
الحكومة ترفض مساعدتنا.. ولا أحد يسعى لحل الأزمة أو سماع اقتراحاتنا
في السياق ذاته، يقول خالد.غ، 40 عامًا، نحاول مساعدة الحكومة لحماية أموالنا من السرقة، ونقدم لها الاقتراحات يوميًا على أمل أن تتحرك قريبًا، مع بداية العام الدراسي الجديد فوجئ معظم الآباء بالأسعار الصادمة، والتي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بجودة المنتج الذي قد لا نشتريه في الظروف الطبيعية بربع الثمن، ولكن إذا ما كان السوق بأكمله يسير على نفس النهج فلا بديل أمامنا.
وتابع خالد: مستلزمات التعليم أصبحت عبئًا ثقيلاً على الأسر، وقدمت من قبل اقتراحًا لوزارة التربية والتعليم بتوفير احتياجات الطلاب من كافة الأدوات سواء كانت حقائب أو ملابس أو أدوات تعليمية وإضافة قيمتها على مصروفات المدارس لضبط أسعار المنتجات وحمايتنا من جشع التجار وكالعادة لم يرد علي أحد رغم محاولتي أكثر من مرة السؤال عن مصير الاقتراح الذي قدمته.
وأضاف: أصبحت أطلب ما احتاجه لأطفالي من أقاربي في الدول الأخرى، ورغم تكاليف الشحن إلا أنها تبقى أقل بمقدار 30% عن الأسعار هنا في شوارعنا.
ضحايا الفوضى الحكومية.. التجار: ندفع مبالغ طائلة للحكومة وتتركنا بلا حماية
من جانبه، يقول محمد،ح، 51 عامًا، تاجر قطري، الجميع يرى أننا الجناة وأن الجشع هو محركنا لرفع الأسعار دون أن يحاول أحدهم النظر إلى الصورة كاملة، ندفع مبالغ طائلة سنويًا للدولة دون أن نحقق أرباحًا، وبالفعل نرفع الأسعار أحيانًا لتعويض خسائرنا بسبب غياب الرقابة الحكومية على الأسواق الإلكترونية.
وأضاف: في مختلف دول العالم وتحديدًا الدول الأوروبية نرى أن القانون يجرم قيام أي شخص ببيع وشراء المنتجات إلا من خلال شركات أو مؤسسات مشهرة وذلك ضمانًا لحقوق كل من الطرفين، أما في قطر فالفوضى هي المنطق الذي يحكم جميع التعاملات، فكل شخص قادر على استيراد بعض البضائع وتدشين صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي والبيع والشراء والنصب ثم الفرار وإغلاق الصفحة بعد أن يجني عشرات الآلاف.
تلك الظاهرة تدمر الاقتصاد ولا أحد يتحرك لوقفها، فالبائع هنا يحقق أرباحًا طائلة ولا يحتاج لمتجر أو سداد فواتير كهرباء أو عمالة أو رسوم أو سجل تجاري كل شيء بالمجان ونحن فقط من ندفع.