بعد قرار الكويت سحب جنسيته.. من هو طارق السويدان؟

بعد قرار الكويت سحب جنسيته.. من هو طارق السويدان؟

بعد قرار الكويت سحب جنسيته.. من هو طارق السويدان؟
طارق السويدان

لم يكن إدراج اسم الداعية الكويتي طارق السويدان ضمن قائمة تضم 24 شخصًا سُحبت منهم الجنسية خطوة عابرة في سجل السياسة الداخلية الكويتية، بل تحولاً لافتًا أثار موجة واسعة من التساؤلات حول خلفيات القرار وتداعياته، فالرجل، الذي جمع بين الدعوة والإعلام والتنمية البشرية، ظل لسنوات طويلة أحد أبرز الوجوه الإسلامية الناشطة في المجال العام، وأحد الأصوات الأكثر تأثيرًا في قضايا الفكر والقيادة والعمل الدعوي المعاصر، ومنذ إبعاده عن قناة "الرسالة" قبل أكثر من عقد، ظل حضوره الفكري والسياسي مثارًا للجدل، بين من يراه مُجددًا إصلاحيًا، ومن يعتبره امتدادًا لمدرسة سياسية-دعوية تحمل مشروعًا يتجاوز حدود العمل الديني التقليدي، قرار سحب الجنسية، الذي لم تُعلن تفاصيله القانونية، أعاد فتح النقاش حول مشروع السويدان ومسيرته ومحطاته الفكرية والسياسية، خاصة مع إعلانه عن انتمائه لجماعة الإخوان.

مسار فكري متعدد الأوجه


أعاد القرار الأخير الذي نشرته الجريدة الرسمية في الكويت، والقاضي بسحب الجنسية من 24 شخصًا بينهم الداعية طارق السويدان، تسليط الضوء على شخصية مثيرة للجدل تركت بصمتها في مساحات متعددة تمتد من الدعوة الإسلامية إلى التنمية البشرية والإعلام.

ورغم أن المرسوم لم يوضح بصورة مباشرة المادة القانونية التي استند إليها، فإن السويدان يُدرج وفق خبراء قانونيين كويتيين ضمن الفئات التي تعالجها قرارات سحب الجنسية في إطار "الازدواجية"، "الغش والتزوير"، أو "الإضرار بالمصلحة العليا للدولة"، وهي عبارات تتباين في تفسيرها تبعًا للمعايير القانونية والسياسية.

من هو؟


وُلد طارق السويدان في الكويت عام 1953، وتخرّج في هندسة البترول قبل أن يحصل على الدكتوراه من إحدى الجامعات الأمريكية، لكن انتقاله من عالم التقنية إلى فضاءات الفكر والدعوة لم يكن مجرد تغيير مهني، بل بداية لمسار جديد صاغه عبر محاضراته التلفزيونية والبرامج التدريبية التي جعلت منه أحد أبرز الوجوه العربية في مجالات القيادة والتنمية الذاتية. 

وساهمت كتبه ومحاضراته في بناء جمهور واسع، إذ قدّم نفسه باعتباره جسرًا بين الفكر الإسلامي المعاصر ومفاهيم الإدارة الحديثة.

وبرغم هذا المسار الأكاديمي-الدعوي، ظل الحضور السياسي ملازمًا له، سواء في مواقفه المعلنة الداعمة للقضايا العربية الكبرى أو في قربه التاريخي من جماعة الإخوان المسلمين. وقد تصاعد الجدل حوله عام 2013، عندما أُقيل من منصب المدير العام لقناة "الرسالة" بعد إقراره بانتمائه للجماعة.

كانت تلك لحظة مفصلية في مسيرته، إذ فتحت الباب أمام تساؤلات جديدة عن حدود تداخل الدعوي بالسياسي وعن تأثير هذا الانخراط على حضوره داخل المؤسسات الإعلامية الخليجية.

مواقف مثيرة للجدل: بين دعم الثورات وانتقادها

برز السويدان خلال مرحلة الربيع العربي كأحد الأصوات المؤيدة للتغيير، مقدمًا نفسه ضمن تيار إصلاحي يدعو إلى تحولات سياسية سلمية، لكن سرعان ما تبدلت مواقفه بعدما وصف بعض الثورات بأنها "جلبت خرابًا"، ما عكس مراجعات داخلية وربما إدراكًا لنتائج سياسية لم تتوافق مع توقعاته.

هذا التراجع أربك مؤيديه الذين رأوا في خطابه الأول بوابة للتغيير، بينما وجد آخرون أن موقفه اللاحق يعكس واقعية سياسية أكثر من كونه انقلابًا فكريًا.

كما شكلت آراؤه حول قضايا المرأة محطة خلافية أخرى، فالسويدان أكد في مناسبات عديدة إيمانه بأن المرأة تساوي الرجل، وأن كثيرًا مما يُقدَّم باسم الدين لا يعكس الحقيقة الإسلامية، وهو خطاب حظي بتأييد لدى شرائح واسعة، لكنه واجه تحفظاً لدى التيارات التقليدية التي رأت فيه انحيازًا لمفاهيم حداثية تتجاوز النصوص الشرعية.

بين الدعوة والسياسة: سؤال الدور والحدود

الاتهامات التي لاحقت السويدان لسنوات تتعلق غالبًا بمحاولة "تسييس الدعوة". فخصومه يرون أن مشروعه الفكري يدمج بين الوعظ والتنظيم السياسي، بينما يؤكد مؤيدوه أن الرجل يجدد الخطاب الإسلامي ولا ينفصل عن قضايا الأمة، هذا التوتر بين الدورين الدعوي والسياسي وضعه في منطقة رمادية، خاصة داخل الكويت التي تعتمد حساسية عالية في تعريف حدود النشاط العام.

ويعتبر مراقبون، أن قرار سحب الجنسية يفتح الباب أمام قراءة جديدة لعلاقة الدولة الكويتية بتيارات الإسلام السياسي، وبخاصة الشخصيات المؤثرة التي تجمع بين المنبر الدعوي والحضور الإعلامي، كما أن التوقيت السياسي للقرار يعكس وفق تقديرات مرحلة إعادة ضبط للمشهد الداخلي في ظل متغيرات إقليمية تتعلق بالأمن الخليجي وتوازنات القوى.