ألمانيا على أعتاب تغيير تاريخي.. انتخابات مفصلية تُعيد رسم المشهد السياسي
ألمانيا على أعتاب تغيير تاريخي.. انتخابات مفصلية تُعيد رسم المشهد السياسي

افتُتحت صناديق الاقتراع يوم الأحد في الانتخابات العامة الألمانية، وسط مؤشرات استطلاعات الرأي التي تُشير إلى احتمال حدوث تغيير جذري في قيادة البلاد وتشكيل ائتلاف حكومي جديد، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
حملة انتخابية غير مسبوقة
تشتهر الانتخابات الألمانية عادةً بالهدوء والتوقعات المتوقعة، إلا أن هذه الحملة الانتخابية كانت أكثر إثارة مقارنة بالسابق، ففي نوفمبر الماضي، أقال المستشار أولاف شولتز، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، وزير ماليته دون مراسم رسمية؛ مما أدى إلى خسارته تصويت الثقة في البرلمان، وأدى ذلك إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وأكدت الشبكة الأمريكية، أن الحدث الأبرز جاء عندما تدخّل الملياردير إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم والمقرب من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في الحملة الانتخابية، معلناً دعمه لحزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني المتطرف.
وأثارت تصريحات ماسك جدلاً واسعًا في ألمانيا حول كيفية تعامل البلاد مع إرثها التاريخي في القرن العشرين؛ مما دفع شولتز إلى وصف دعمه للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا بأنه "مثير للاشمئزاز".
صعود اليمين المتطرف
بحسب استطلاعات الرأي، من المحتمل أن يحقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" إنجازًا تاريخيًا بأن يصبح ثاني أكبر قوة سياسية في البلاد، وهو أمر غير مسبوق لحزب يميني متطرف منذ الحقبة النازية.
وقد ركزت الحملة الانتخابية على محورين رئيسيين: الحد من الهجرة الجماعية، وإنعاش الاقتصاد الألماني الذي يعاني من ركود مستمر.
المرشحون الرئيسيون لمنصب المستشار :
فريدريش ميرتس – الحزب الديمقراطي المسيحي
ويعتبر فريدريش ميرتس، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU)، الذي ينتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، الأوفر حظًا للفوز بمنصب المستشار.
فقد حظي الحزب بدعم يفوق 30% في استطلاعات الرأي، مما يجعله القوة السياسية الأكبر في البلاد.
تحت قيادة ميرتس، تبنّى الحزب نهجًا أكثر تشددًا تجاه الهجرة مقارنةً بعهد ميركل، التي اعتمدت سياسة الحدود المفتوحة.
وقد جعل ميرتس من قضية الهجرة محورًا رئيسيًا في حملته، إلى حد أن البعض اتهمه بفتح المجال أمام التعاون مع اليمين المتطرف.
وفي يناير الماضي، أحدث ضجة واسعة عندما حاول تمرير تشريع يقيد الهجرة بشكل صارم داخل البرلمان الألماني (البوندستاغ)، مستفيدًا من دعم حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وهو ما كسر أحد المحظورات السياسية التقليدية في البلاد.
ورغم فشل التشريع في الحصول على الموافقة، إلا أن هذه الخطوة أثارت احتجاجات واسعة في جميع أنحاء ألمانيا.
لكن في مقابلة لاحقة، أكد ميرتس أنه لا مجال للتعاون مع حزب "البديل من أجل ألمانيا"، مشيرًا إلى أن الحزب اليميني المتطرف "يعارض كل ما تم بناؤه في جمهورية ألمانيا الاتحادية".
يُذكر أن ميرتس يتمتع بخبرة سياسية واسعة، إذ كان عضوًا في البرلمان الأوروبي بين عامي 1989 و1994، ثم شغل منصب نائب في البوندستاغ حتى عام 2009، قبل أن يغادر السياسة ليعمل كمحامٍ في القطاع الخاص، حيث شغل مناصب عليا في عدة شركات، من بينها شركة الاستثمار "بلاك روك".
أليس فايدل – حزب "البديل من أجل ألمانيا
تُعد أليس فايدل، زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، أبرز مرشحة لليمين المتطرف، وهي معروفة بمواقفها المناهضة للهجرة.
حقق حزبها نجاحًا كبيرًا في الانتخابات الإقليمية عام 2024، حيث أصبح القوة السياسية الأولى في ولاية تورينغن، وهو إنجاز لم يتحقق لحزب يميني متطرف منذ الحقبة النازية، كما حصل على المركز الثاني في ولاية أخرى.
وتشير استطلاعات الرأي، أن الحزب قد يحقق نتائج قوية على المستوى الوطني، إذ يحظى بدعم يقارب 20% من الناخبين.
وفي تجمع انتخابي ضخم لحزبها، شارك فيه إيلون ماسك عبر الفيديو، قالت فايدل: إن أولى خطواتها في حال أصبحت مستشارة ستكون "إغلاق الحدود، والسيطرة عليها، ومن ثم طرد جميع المهاجرين غير الشرعيين"، وهي سياسة تُعرف باسم "إعادة الهجرة"، والتي ترتبط بمفاهيم تحمل دلالات نازية.
أولاف شولتز – الحزب الاشتراكي الديمقراطي
يواجه المستشار الحالي أولاف شولتز وحزبه الاشتراكي الديمقراطي تحديًا صعبًا، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنه قد يكون الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات.
بعدما فاز الحزب بالمركز الأول في انتخابات 2021، يتوقع أن يخسر نحو 10% من الأصوات، ليحتل المركز الثالث خلف حزب "البديل من أجل ألمانيا" وربما حتى حزب الخضر.
دخل شولتز الانتخابات السابقة مستفيدًا من زخم شعبي بعد انتهاء حقبة ميركل، لكنه واجه صعوبات كبيرة بسبب الخلافات المستمرة داخل ائتلافه الحكومي، الذي يُعرف باسم "تحالف إشارات المرور" (بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر).
تراجعت شعبيته بشكل حاد، حتى أن استطلاعات الرأي في سبتمبر الماضي صنفته كأقل المستشارين الألمان شعبية منذ إعادة توحيد البلاد.
روبرت هابيك – حزب الخضر
على الرغم من أن حزب الخضر لن يكون الفائز الأكبر، إذ يحظى بدعم يقدر بـ 13% من الناخبين، إلا أنه قد يلعب دورًا محوريًا في تشكيل الحكومة المقبلة.
يترأس الحملة الانتخابية للحزب روبرت هابيك، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الاقتصاد في الحكومة الألمانية.