لبنان.. أزمة صحية وزحام كبير في المستشفيات

لبنان.. أزمة صحية وزحام كبير في المستشفيات

لبنان.. أزمة صحية وزحام كبير في المستشفيات
مستشفى رفيق الحريري

تشهد المستشفيات في لبنان، خصوصاً في المناطق الجنوبية، ازدحاماً غير مسبوق مع تفاقم الأزمة الصحية بعد اندلاع الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل على الحدود الجنوبية.

حيث أدى القصف المتبادل والغارات الجوية الإسرائيلية إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى؛مما جعل المرافق الصحية اللبنانية تواجه ضغوطاً هائلة تفوق قدراتها في التعامل مع الإصابات الخطيرة.

ومنذ نهايات الشهر الماضي تحولت الحرب بين حزب الله وإسرائيل من متوسطة المدي إلى حرب كبرى إثر اغتيال إسرائيل لزعيم حزب الله حسن نصرالله، وكذلك عدداً كبير من قيادات الحزب لتكون المواجهة أكبر مما كانت من ذي قبل، وتتعرض إسرائيل أيضاً إلى ضربات من إيران للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر.

تكدس المرضى ونقص الإمكانيات


مع بداية الحرب وتصاعد العمليات العسكرية، تزايدت أعداد المصابين الذين يتوافدون على المستشفيات بشكل غير مسبوق، مستشفيات مثل "مستشفى بنت جبيل الحكومي" و"مستشفى النبطية" في الجنوب باتت تعاني من نقص حاد في الأسرّة، حيث تُستقبل أعداد تفوق السعة الاستيعابية بكثير.

العديد من المرضى يُنقلون إلى مستشفيات بعيدة عن مناطق الاشتباك، مثل مستشفيات بيروت وصيدا، لكن حتى تلك المرافق باتت تواجه ضغطاً شديداً.

الدكتور يوسف نعيم، مدير مستشفى النبطية الحكومي، قال في تصريح له: "نحن نواجه حالة طارئة على مستوى لم نشهده منذ حرب 2006. الأسرة ممتلئة، ولا توجد مساحة لاستيعاب المزيد من الجرحى. المواد الطبية بدأت تنفد، ولدينا نقص حاد في الدم والمعدات الأساسية لعلاج الإصابات الخطيرة".

معاناة نقص الأدوية


التصعيد العسكري أثر بشكل مباشر على إمدادات المستشفيات بالأدوية والمعدات الطبية الضرورية. مع انقطاع الطرق وتدمير البنية التحتية جراء القصف، بات وصول الإمدادات الطبية إلى المستشفيات أمراً بالغ الصعوبة. العديد من المستشفيات تعتمد الآن على مخزونها الاحتياطي، الذي بدأ في النفاد بسرعة، خاصة مع تزايد عدد المصابين.

أحد الأطباء العاملين في مرفق طبي ميداني في "صور" أفاد بأن "الوضع كارثي. نفد لدينا عدد من الأدوية الأساسية، مثل مسكنات الألم والمضادات الحيوية، ونحن مضطرون لاستخدام ما هو متاح فقط. حتى الدم اللازم لعمليات الجراحة بدأ ينقص بشدة"، مما استدعى ما حدث في قطاع غزة خلال العام الماضي.

معاناة إنقطاعات الكهرباء


الضغط على المستشفيات لا يقتصر على استقبال المصابين فحسب، بل يشمل أيضًا التحديات اللوجستية الأساسية، مثل الكهرباء، العديد من المستشفيات تعتمد بشكل رئيسي على مولدات الطاقة، خاصة بعد القصف الإسرائيلي الذي طال محطات الكهرباء والبنية التحتية. انقطاع التيار الكهربائي المتكرر يعقد العمليات الجراحية ويهدد حياة المرضى في وحدات العناية المركزة.

وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، تعاني المستشفيات من انقطاع الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء، الأمر الذي يهدد بتوقف المستشفيات عن العمل في أي لحظة، مما يعني كارثة إنسانية صحية.

مع تزايد عمليات النزوح من المناطق الجنوبية المتضررة، ازدادت أعداد النازحين في المدن الكبرى مثل صيدا وبيروت. هؤلاء النازحون لم يأتوا فقط بحثًا عن الأمان، بل جلبوا معهم أيضًا العديد من الحالات المرضية.

المستشفيات في المدن الكبرى أصبحت تستقبل أعداداً كبيرة من النازحين الذين يعانون من إصابات وجروح، بالإضافة إلى انتشار الأمراض المعدية بسبب سوء الأوضاع المعيشية في أماكن الإيواء المؤقتة.

ويقول أحد الأطباء في المستشفى الميداني في صور، إن المواطنين هربوا من القصف ولكن لا مكان يذهبون له الآن الحصول على الرعاية الصحية في بيروت، بات صعباً في ظل إن المستشفيات هناك مكتظة أيضاً، والعديد من الأزمات باتت على السطح في ظل نقصاً حاد في الأدوية وفي الطاقة؛ مما يتسبب في أزمات أكبر مما يتخيله البعض.

وقد بدأت العديد من المنظمات الدولية في إرسال مساعدات طبية إلى لبنان، إلا أن تلك المساعدات لا تزال غير كافية لتغطية الاحتياجات المتزايدة.

هناك جهود دولية لفتح ممرات آمنة لنقل الإمدادات الطبية إلى المناطق المتضررة، لكن استمرار القصف وتعقيد الأوضاع الأمنية يعرقل تلك الجهود.