محمد سعيد الرز: تشكيل الحكومة اللبنانية خطوة إيجابية لكن التحديات ما تزال قائمة

محمد سعيد الرز: تشكيل الحكومة اللبنانية خطوة إيجابية لكن التحديات ما تزال قائمة

محمد سعيد الرز: تشكيل الحكومة اللبنانية خطوة إيجابية لكن التحديات ما تزال قائمة
لبنان

بعد أشهر من الجمود السياسي، شهد لبنان تطورًا لافتًا بمنح مجلس النواب الثقة للحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، وذلك بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل البرلمان. 

هذه الخطوة تأتي في وقت حرج تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، وأوضاع أمنية متوترة، خاصة بعد المواجهات الأخيرة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل. فهل يمكن لهذا التحول أن يمهد لعودة الاستقرار في لبنان؟

حكومة جديدة.. تحديات قديمة
رغم التفاؤل الحذر الذي صاحب منح الثقة للحكومة، إلا أن التحديات التي تواجهها لا تزال معقدة، فالوضع الاقتصادي في لبنان يُعدّ الأسوأ منذ عقود، حيث يعاني اللبنانيون من انهيار العملة المحلية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وأزمة الكهرباء والوقود المستمرة.

 وعلى الرغم من تعهد الحكومة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية، إلا أن تنفيذها يتطلب توافقًا داخليًا واسعًا، وهو أمر لطالما كان صعب التحقيق في ظل الانقسامات السياسية الحادة.

حزب الله والملف الأمني.. معادلة غير محسومة
على الصعيد الأمني، يبقى ملف "حزب الله" وسلاحه من أكثر القضايا حساسية في المشهد اللبناني. فرغم وجود مؤشرات على رغبة الدولة في استعادة زمام المبادرة الأمنية وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، إلا أن الحزب ما يزال يحتفظ بنفوذه العسكري والسياسي، وهو ما قد يعرقل جهود فرض سيادة الدولة بشكل كامل. 

كما أن الهدوء الحالي في الجنوب اللبناني لا يعني بالضرورة نهاية التوترات، فالتصعيد مع إسرائيل قد يعود في أي لحظة، خاصة إذا استمرت الاستفزازات العسكرية على الحدود.

الاقتصاد في قلب الأزمة.. هل من حلول جذرية؟
تعهدت الحكومة الجديدة باستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإقرار إصلاحات اقتصادية ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار، ولكن التجارب السابقة أثبتت أن تنفيذ مثل هذه الإجراءات يتطلب توافقًا سياسيًا غير متوفر دائمًا. 

كما أن الدعم الدولي للبنان مرهون بمدى جدية الحكومة في مكافحة الفساد وإجراء إصلاحات هيكلية، وهو أمر يتطلب مواجهة مصالح قوى سياسية نافذة.

الشارع اللبناني.. بين الأمل والشك
على الرغم من أن تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية يمثلان خطوة إيجابية، إلا أن الشارع اللبناني ما يزال متشككًا في قدرة الطبقة السياسية على تحقيق التغيير الفعلي. فالتظاهرات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة كانت تعبيرًا عن فقدان الثقة في النخب الحاكمة، وإذا لم تتمكن الحكومة من تحقيق إصلاحات حقيقية، فإن احتمالية اندلاع احتجاجات جديدة تبقى قائمة.

الاستقرار.. مرهون بالإرادة السياسية
في المحصلة، فإن عودة الاستقرار إلى لبنان لا ترتبط فقط بتشكيل حكومة جديدة، بل بمدى قدرة هذه الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة في الملفات الاقتصادية والأمنية والسياسية. فهل ستتمكن من تحقيق ذلك وسط الضغوط الداخلية والتحديات الخارجية؟ أم أن لبنان سيبقى عالقًا في دوامة الأزمات التي تعود إلى جذور عميقة في بنيته السياسية والاقتصادية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

اعتبر المحلل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، أن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام يمثل خطوة مهمة في اتجاه إعادة ترتيب المشهد السياسي اللبناني، لكنه أكد أن الطريق إلى الاستقرار لا يزال طويلًا ومحفوفًا بالتحديات.

وأشار الرز -في تصريح للعرب مباشر-، أن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها من حيث التركيبة، إذ جاءت بعد ضغوط دولية ومحلية كبيرة لإحداث تغيير في النهج السياسي التقليدي ، ورغم ذلك، يظل نجاحها مرهونًا بقدرتها على تنفيذ إصلاحات حقيقية، بعيدًا عن المصالح الضيقة للقوى السياسية الفاعلة.

وفيما يتعلق بالوضع الأمني، شدد الرز على أن إنهاء الحرب في الجنوب اللبناني لم يضع حدًا نهائيًا للتوترات، إذ لا تزال هناك قضايا معلقة تحتاج إلى حلول جذرية، أبرزها: دور "حزب الله" وسلاحه، بالإضافة إلى العلاقة مع المجتمع الدولي.

أما على الصعيد الاقتصادي، فرأى الرز أن الحكومة أمام اختبار صعب يتمثل في إعادة الثقة بالنظام المالي، واستعادة زخم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد المنهار.

وختم الرز حديثه بالتأكيد على أن تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الجمود السياسي يمثل تطورًا إيجابيًا، لكنه لا يكفي وحده لضمان الاستقرار، إذ لا بد من إجراءات ملموسة تعيد ثقة اللبنانيين بالمؤسسات، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة أكثر استقرارًا وازدهارًا.