كيف تؤثر الانفراجة الدبلوماسية بين مصر وتركيا على المشهد السياسي بعد قطيعة دامت لـ 10 سنوات؟

تثر الانفراجة الدبلوماسية بين مصر وتركيا على المشهد السياسي بعد قطيعة دامت لـ 10 سنوات

كيف تؤثر الانفراجة الدبلوماسية بين مصر وتركيا على المشهد السياسي بعد قطيعة دامت لـ 10 سنوات؟
السيسي وأردوغان

عقب نهاية حقبة الإخوان الإرهابية في مصر وبداية حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدأت الخلافات المصرية التركية تطفو على السطح مع دعم تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية واستقبالها لعناصر الجماعة وفتح قنواتهم في أنقرة؛ مما استدعى قطيعة دامت إلى ما يقرب من 10 سنوات، انتهت بلقاء بين الرئيس السيسي وأردوغان في قطر 2022 بمناسبة افتتاح كأس العالم.   

ومن ثم، بدأ التطبيع التركي المصري ليفتح الأبواب من جديد في ظل أن المواقف المصرية التركية باتت متوافقة وأبرزها موقف مصر وتركيا مما يحدث داخل قطاع غزة حاليًا، مع دعم تركي للموقف المصري في سياسات دعم القضية الفلسطينية، وكذلك إدخال المساعدات لقطاع غزة.   

زيارة القاهرة ومسيرات أنقرة   

الاستعدادات المصرية لزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبالتزامن مع الإعلان عن موافقة أنقرة على تزويد مصر بطائراتها المسيرة التي تحظى بشعبية متزايدة، بدأت في مسار جديد بعد القطيعة التي دامت لـ 10 سنوات، حيث تطورت العلاقات بين القاهرة وأنقرة في السنوات الأخيرة لتكون زيارة أردوغان هي الأولى لمصر منذ ثورة 30 يونية.   

القضايا التي كانت تمثل نقاطًا خلافيّة على رأسها الأزمة الليبية وقضية ترسيم الحدود البحرية وملف الطاقة بالبحر المتوسط، باتت الأن في الماضي، خاصة وأن المنطقة المشتعلة يكون بها النظام المصري شاهداً على عدة ملفات، وأبرزها ملف السودان وملف قطاع غزة.   

ومن المنتظر أن يزور أردوغان القاهرة في 14 فبراير الجاري للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، لتحسين مناخ العلاقات بين البلدين، وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن المقرر أن يناقش أردوغان مع السيسي القضايا الثنائية والإقليمية، ومنها التجارة والطاقة والأمن.  

إعادة العلاقات عقب خلافات كبيرة     

في يوليو 2023، أعلن البلدان إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، بعد قرابة عقد من الخلاف والمناوشات الإعلامية المتبادلة، ما تواصلا في مرات عدة منها في فبراير 2023، بعد زلزال مدمر ضرب تركيا وسوريا وأودى بعشرات الآلاف، ثم تباعا في تهنئة كلاهما بفوزه في الانتخابات الرئاسية، كانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر في نوفمبر 2012، بعد زيارة مشابهة خلال سبتمبر 2011، وكان آنذاك رئيسًا للوزراء.  

كما كشف "فيدان" موافقة بلاده على تزويد مصر بطائراتها المسيرة التي تحظى بشعبية متزايدة، قائلًا: إن تطبيع علاقاتنا مهم بالنسبة لمصر لكي تكون لديها تقنيات معينة، لدينا اتفاق لتزويد مصر بطائرات مسيرة وتقنيات أخرى.  

قال الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب المصري: إن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الأيام القليلة القادمة، هي خير تعبير عن النمو الذي يتم ويجري في العلاقات المصرية – التركية، والتي باتت تقوم على المصالح المشتركة، وفي نفس الوقت احترام الآخر، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، هناك بالتأكيد نقاط اتفاق، وهناك نقاط اختلاف بين مصر وتركيا، ولكن في كل الأحوال الأوضاع الراهنة توجب التنسيق.  

وأضاف بكري - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، أن ما يحدث بين مصر وتركيا هو أمر بالتأكيد سيعكس نفسه في التصريحات التي سواء صدرت أو التي يتوقع صدورها خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقد بالتأكيد بين الرئيس السيسي والرئيس رجب طيب أردوغان، وهناك الملفات المهمة التي سيتم التباحث بشأنها مثل ملف غزة، وما يجري والمطالبة المشتركة بوقف إطلاق النار، وكذلك بحث ملف البحر الأحمر، وما يجري في السودان.   

الباحث في العلاقات الدولية طه عودة أوغلو، أكد أن المباحثات بشأن الحرب في غزة ستكون فرصة مهمة لإظهار الموقف الموحد لمصر وتركيا، ورئيس تركيا أردوغان سيستفيد من تلك القضية لتحسين العلاقات مع مصر، حيث سيعترف بدور مصر ومكانتها المهمة في المنطقة، وسيطلب المساعدة في دخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل حصار إسرائيلي مستمر علي القطاع منذ 7 أكتوبر.   

وأضاف أوغلو - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، أن الزيارة هامة للغاية في طريق تطبيع العلاقات، نحن لا نتحدث الآن عن عودة العلاقات الطبيعية لأننا عبرنا من هذه المرحلة، إنما تعميقها بالنظر لثقل ومكانة البلدين.   

ويقول الباحث السياسي مختار غباشي: إن التقارب المصري التركي اكتسب زخمًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، عقب حرص الطرفان على التواصل في الملفات المشتركة وتخطو العلاقات خطوات كبيرة إلى الأمام وهذا يعكس حرص الجانبين على استمرار التقارب في ظل أن القاهرة وأنقرة استطاعتا تجاوز الملفات الخلافية، حيث اتخذتا خطوات جادة في هذا الإطار وخاصة بالإجراءات التركية حيال أنصار جماعة الإخوان الإرهابية.   

وأكد غباشي - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، أن هناك قضايا خلافية كالصراع في ليبيا وملف الطاقة بشرق المتوسط سيتم التطرق إليهما خلال اللقاء، ولكن الأهم هو بحث ملف غزة مع تقارب وجهات النظر بين الطرفان، وكذلك سيتم بحث الملف الاقتصادي وكيفية دعم اقتصاد البلدان.