جبهة التحريض.. كيف يحاول الإخوان تدويل الأزمة مع الأردن؟

جبهة التحريض.. كيف يحاول الإخوان تدويل الأزمة مع الأردن؟

جبهة التحريض.. كيف يحاول الإخوان تدويل الأزمة مع الأردن؟
جماعة الإخوان

في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، عادت جماعة الإخوان الإرهابية، إلى واجهة المشهد عبر خطاب تحريضي مثير للجدل، يستهدف هذه المرة استقرار المملكة الأردنية الهاشمية، تحت غطاء الدفاع عن "المقاومة" ونصرة غزة، في محاولة جديدة لتدويل أزمة داخلية تواجهها عمان مع التنظيم.

البيان الذي أصدره صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، جاء ليؤكد مجددًا النهج المزدوج للجماعة، بين خطابها العلني الداعم للقضية الفلسطينية، وممارساتها الفعلية التي تنطوي على تدخل مباشر في الشؤون السيادية للدول.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الأردنية ضبط خلية تابعة للجماعة متورطة في تصنيع صواريخ وطائرات مسيرة داخل البلاد، خرج عبد الحق ليطالب علنًا بالإفراج عن عناصرها، متجاهلًا الإطار القانوني والسيادي الذي يجرّم امتلاك أو تصنيع الأسلحة خارج مؤسسات الدولة.

بيان موجه.. بلغة تصعيدية

البيان الذي نُشر على موقع تابع للجماعة حمل نبرة تصعيدية غير مسبوقة، فبدلًا من الدعوة إلى احترام سيادة الدولة الأردنية أو التأكيد على رفض العنف، اختار عبد الحق أن يهاجم ضمنًا الإجراءات القضائية الأردنية، زاعمًا أن تجريم دعم "المقاومة" يصب في صالح "العدو"، على حد وصفه.

هذا الخطاب، الذي وزع على نطاق واسع عبر قنوات وحسابات تابعة للتنظيم، جاء ليحمل إشارات مزدوجة، فهو من جهة يقدم نفسه مدافعًا عن غزة، ومن جهة أخرى يوحي بأن حيازة السلاح داخل دولة عربية ذات سيادة أمر يمكن تبريره، بل والدفاع عنه على الملأ.

وأكثر ما أثار القلق في الأوساط الأردنية هو السياق الذي اختارته الجماعة لهذا البيان، ففي ظل اضطراب إقليمي متزايد وتصاعد التوترات على حدود غزة ولبنان والعراق، يقرأ البيان على أنه محاولة واضحة لاستثمار التعاطف العربي مع القضية الفلسطينية لتمرير أجندة خفية تتعلق بإنشاء خلايا مسلحة تعمل خارج سيطرة الدولة.

فالمطالبة بالإفراج عن أفراد متورطين في تصنيع صواريخ على أراضي أردنية، ليست مجرد موقف سياسي، بل هي تشكيك مباشر بشرعية مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، وتغذية لخطاب متمرد يشبه ما تم توثيقه في تجارب دول عربية سابقة حين دخل الإخوان في مواجهة مباشرة مع الدولة.

ردود غاضبة وتحذيرات متصاعدة

ردود الفعل الأردنية جاءت حاسمة، فقد عبر مراقبون عن غضبهم مما وصفوه بمحاولة "شرعنة الفوضى"، مؤكدين أن ما تقوم به الجماعة هو تحريض مباشر على أمن الأردن واستقراره، وأنه يستحيل فصل هذا البيان عن محاولات التنظيم الدولي استغلال أي فراغ سياسي أو لحظة توتر لتحقيق اختراقات داخلية.

ما زاد من حدة التوتر هو أن الجماعة لم تكتفِ بالتبرير أو الدفاع عن المتهمين، بل سعت إلى تسويق رواية بديلة عما جرى، مستندة إلى تعابير دينية ووطنية، بهدف التغطية على طبيعة النشاط العسكري الذي كُشف عن بعض أذرعها في الأردن.

بالتزامن مع انشغال المنطقة بالمواجهات الجارية في غزة والتهديدات الممتدة نحو الجبهات الأخرى، يبدو أن الإخوان يحاولون العودة إلى مركز الفعل السياسي عبر البوابة الأردنية، فالأردن الذي ظل مستقرًا وسط عواصف المنطقة، يعد بالنسبة للتنظيم ساحة مغرية لبث الفوضى تحت عباءة "التحشيد الشعبي".

ويقول الباحث السياسي في شؤون الجماعات الإرهابية طارق البشبيشي: إن ما تقوم به جماعة الإخوان، سواء على الصعيد الداخلي في الأردن أو عبر التنظيم الدولي، يعد تجاوزًا خطيرًا لكل الخطوط الحمراء، ومحاولة مكشوفة لاستنساخ مشهد الفوضى في دولة طالما صمدت أمام محاولات الاختراق.

ويضيف البشبيشي، في تصريحات خاصة للعرب مباشر، إن الإخوان في نسختهم الدولية باتوا يلعبون على الحافة، وهم اليوم لا يكتفون بالتحريض السياسي، بل يدفعون باتجاه عسكرة الخطاب، وتبرير تصنيع السلاح داخل دولة ذات سيادة، وهذا مؤشر واضح على تحول الجماعة إلى بنية موازية للدولة، تسعى لاستنساخ نماذج مسلحة كتلك التي فجرت أزمات مدمرة في دول عربية مجاورة.