محلل: الإخوان تعد خطة للعودة للمشهد في السودان مستغلة الأزمات الحالية
تعد جماعة الإخوان خطة للعودة للمشهد في السودان مستغلة الأزمات الحالية
تحاول جماعة الإخوان الإرهابية في السودان، من خلال توظيف حالة الصراع الراهن، الاستيلاء على الحكم مجدداً بتنفيذ انقلاب جديد على السلطة الحالية ممثلة في المجلس السيادي، بعد أعوام من الإقصاء السياسي والنبذ الشعبي منذ سقوط نظام عمر البشير في عام 2019، وما تبعه من ملاحقة أمنية ومحاكمات قضائية لعناصر التنظيم المدانين بقضايا إرهاب وفساد.
وكشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز (تريندز للبحوث والاستشارات)، للباحث المصري المختص بشؤون الإرهاب والإسلام السياسي، منير أديب، تحركات جماعة الإخوان في الوقت الراهن، لتنفيذ انقلاب ناعم على السلطة الحالية، والتسلل إلى السلطة مجدداً، في ضوء حالة التصعيد المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وألقت الدراسة الضوء على تاريخ ونشأة الإخوان في السودان، من مرحلة التنظيم مروراً بالتنظيم ثم الانهيار، وأوردت الدراسة أنّ جماعة الإخوان المسلمين في السودان مرت بـ (3) مراحل رئيسية؛ أهمها مرحلة التنظيم في الأربعينيات من القرن الماضي، تلتها مرحلة التنظير التي قاد فيها د. حسن الترابي الحركة الإسلامية، وكان الإخوان جزءاً منها، بل كانوا عصب هذه الحركة ومحركها الأساسي.
مشروع الإخوان
وعدّ بعض الباحثين والمراقبين أنّ ما حدث في السودان في ثورة (ديسمبر) من عام 2019 لم يكن مجرد سقوط للنظام السياسي، ولكنّه كان سقوطاً لمشروع الإخوان على وجه التحديد، وهنا تبدو أهمية الثورة السلمية التي أطاحت بمشروع الحركة، وفق رؤية الباحث، ومرت جماعة الإخوان في السودان، وفق ما أوردته الدراسة، بـ (4) مراحل رئيسية تلونت خلالها الجماعة، وغيرت جلدها مراراً من أجل ضمان البقاء واستمرار المشروع، اتسمت بالتناقض في بعض الأحيان.
وتشير الدراسة إلى أنّ عام 1946 يمثل بداية النشاط الفعلي للإخوان في السودان من الناحية التنظيمية والحركية من خلال جمال الدين السنهوري، وهو شاب سوداني كان مقرباً من حسن البنا، وعاد إلى السودان خلال تلك الفترة لتأسيس نشاط الجماعة، وهو ما أسهم في انتشار الفكر الإخواني في السودان في وقت مبكر، حتى إنّه خلال احتفالية أقامها الإخوان المسلمون في مصر عام 1948 بمناسبة مرور (20) عاماً على تأسيس الجماعة، ذكر مؤسس الجماعة حسن البنا أنّ عدد شُعب الإخوان بلغ (1000) شعبة في مصر، و(50) شعبة في السودان.
وفي عام 1949 تم إنشاء أول فرع للجماعة في السودان، وكان الطلاب السودانيون الذين كانوا يدرسون في القاهرة يمثلون همزة الوصل في نقل الحركة إلى السودان، فما بين طلب العلم والمعرفة والبحث عن الهوية نجح الإخوان في مصر في استقطاب عدد من هؤلاء الطلاب الذين نشروا أفكار التنظيم في ما بعد داخل بلادهم، وقد كانت البداية الحركية والفكرية الحقيقية لتنظيم الإخوان المسلمين بالسودان في أول الخمسينيات من القرن الماضي، حين انضم إليه عدد كبير من السودانيين، وما هي إلا (3) عقود حتى نجح التنظيم في الوصول إلى رأس السلطة بانقلاب عسكري في عام 1989، وفي عام 1946 يمثل بداية النشاط الفعلي للإخوان في السودان من الناحية التنظيمية والحركية من خلال جمال الدين السنهوري، وهو شاب سوداني كان مقرباً من حسن البنا، وعاد إلى السودان خلال تلك الفترة لتأسيس نشاط الجماعة.
نسج الخيوط
وعمل التنظيم على نسج خيوطه حول الدولة السودانية بجميع مؤسساتها، بعد أن نجح في إنشاء ميثاق للعمل الإسلامي ثم الحركة الإسلامية، وكان التنظيم يميل في هذه الفترة إلى اعتبار نفسه تياراً عامّاً وليس تنظيماً مُؤطراً، وبالتالي غاب المفهوم الاعتباري للبناء الهيكلي الذي عُرف عن التنظيم في مصر، أو أفرعه في باقي الدول الأخرى.
وفي آخر محطاتها، قامت جماعة الإخوان في السودان في (أبريل) من عام 2022 بتغيير جلدها للمرة الرابعة حيث أطلقت (8) تنظيمات إخوانية سودانية، تياراً جديداً أطلقت عليه (التيار الإسلامي العريض)، ضم عناصر فاعلة في المؤتمر الوطني المحلول، الذي يُعدّ الجناح السياسي للإخوان، وأسقطته الاحتجاجات في نيسان (أبريل) 2019 بعد أن وصل إلى السلطة في عام 1989، عبر انقلاب نفذته الجبهة الإسلامية القومية، التي تغير اسمها لاحقاً إلى (المؤتمر الوطني)، اتسمت حركة الإخوان على مدار تاريخها بالبراغماتية، ومحاولة توظيف كافة الفرص المتاحة لخدمة مصالح التنظيم، وقد أشارت الدراسة في هذا الصدد إلى التحركات الراهنة، والمسارات المستقبلية للجماعة في ضوء المتغيرات الأخيرة.
محاولة الانقلاب
يقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية منير أديب ، مشروع الإخوان في السودان لم يكن مبنياً على خلق تجربة ديمقراطية، ولا حتى ترميم الحالة السياسية في ذلك الوقت، ولكنّه كان مبنياً على فكرة الاستيلاء على السلطة، ثم الانتقال إلى مرحلة التمكين من هذه السلطة وعدم التفريط فيها.
وأضاف في تصريح للعرب مباشر أن الإخوان يسعون للانقلاب على السلطة الحالية ممثلة في المجلس السيادي، ولكن بشكل يختلف عن الانقلاب الذي قام به في عام 1989، فقد اقتصر دورهم على إشعال فتيل الحرب وتهيئة أجواء استمرارها، ويمكن اختصار تجربة الإخوان؛ إمّا في الوصول إلى السلطة عن طريق قوة السلاح، وإمّا الانقلاب عليها، كما يسعى الإخوان الآن من خلال تعبئة الأجواء وشحنها والقتال مع طرف دون الآخر نظراً لأنّهم غالباً ما يعملون من خلال لافتة تضم كلّ التيارات والتنظيمات الإسلاموية للاستفادة من زخم وجودها، وحتى يعطيها ذلك قوة لتحقيق الجماعة مشروعها للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها، وذلك على الرغم من استهلاك الجماعة في السودان المراحل الـ (3) التي مرّ بها التنظيم، غير أنّها تحاول أن تعيد إنتاج نفسها مرة ثانية.