تحول منظم إلى الهامش.. كيف فقدت جماعة الإخوان الإرهابية الأردنية أدواتها؟
تحول منظم إلى الهامش.. كيف فقدت جماعة الإخوان الإرهابية الأردنية أدواتها؟

في خطوة وصفت بأنها اعتراف ضمني بالفشل، قرر مجلس الشورى في جمعية جماعة الإخوان المسلمين المرخصة في الأردن حل الجمعية نهائيًا، بعد ما يقرب من عقد من تأسيسها كمخرج قانوني بديل عن الجماعة غير المرخصة.
هذا القرار، الذي جاء بإجماع الأعضاء، لم يكن مفاجئًا في نظر كثيرين، بل كان نتيجة طبيعية لانحدار طويل ومستمر في التأثير السياسي والتنظيمي للجماعة الإرهابية داخل الأردن.
الجمعية التي تأسست في 2015 بهدف الالتفاف على الحظر القانوني للتنظيم الأصلي، فشلت في الحفاظ على قاعدتها الشعبية أو إثبات شرعية خطابها في المشهد السياسي الوطني، وباتت مجرد هيكل إداري بلا امتداد فعلي، بعدما تفككت أدواتها وفقدت قدرتها على الحشد أو التأثير.
أزمة هوية وانقطاع عن القواعد
وجاءت النقاشات الأخيرة داخل مجلس الشورى لتكشف مأزقًا أعمق مما بدا عليه من الخارج، فتراجع النشاط الميداني، وغياب التفاعل الشعبي، وتكرار الأزمات القانونية والإدارية، كلها مؤشرات على أن الجمعية لم تعد تمثل حتى من تبقى من مؤيديها.
لم تفلح محاولات الإخوان في تقديم أنفسهم كجسم سياسي شرعي، لا سيما في ظل إرث العنف والانقسام الذي طبع تاريخ التنظيم الأم، ومع القرارات القضائية التي حسمت وضعه القانوني باعتباره كيانًا محظورًا.
الجمعية المرخصة بدت – في سنواتها الأخيرة – كواجهة غير فاعلة، تدار من الهامش وتفتقر لأي حضور فعلي في الشارع، في وقت بات فيه المزاج العام الأردني أكثر وعيًا بمخاطر الجماعات ذات الطابع الأيديولوجي العابر للحدود.
شبكات سرية وملف تمويل على الطاولة
قرار الحل ترافق مع تحذيرات لافتة من الجهات التشريعية، أبرزها ما كشفه رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني عن احتمال وجود شبكات سرية ما تزال تنشط تحت مظلة تنظيم الإخوان المحظور.
تصريحات العماوي بشأن أنشطة جمع الأموال غير القانونية سلطت الضوء على بعد خطير، قد يكون امتدادًا لنشاط الجماعة في مجال العمل الخيري والاقتصادي، وهو المجال الذي طالما استخدم كغطاء لتمويل أجندات سياسية وتنظيمية مشبوهة.
العماوي أشار أن ما كشف عنه "ليس سوى بداية"، في وقت تتصاعد فيه الدعوات لمراقبة صارمة للجهات والجمعيات التي قد تعمل كواجهات بديلة لأنشطة الجماعة الإرهابية.
ويقول الباحث السياسي الأردني رجا طلب: إن قرار جمعية جماعة الإخوان المرخصة بحل نفسها "يعكس مأزقًا وجوديًا تعيشه الجماعة الإرهابية في الأردن"، مضيفًا أن الجمعية كانت بمثابة غطاء قانوني لمشروع فقد كل مقوماته على الأرض، والإخوان في الأردن يعانون من عزلة شعبية وتنظيمية منذ سنوات، لا سيما بعد الانقسام الداخلي الحاد، وغياب القيادة الموحدة، وهو ما أدى إلى تفكك الأجنحة وانكماشها تدريجيًا.
ويضيف طلب -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الجمعية التي تأسست في 2015 لم تستطع تعويض الفراغ الذي خلّفه الحظر القانوني للتنظيم، بل تحولت إلى كيان إداري بلا قاعدة فاعلة، مؤكدًا أن "الشكل القانوني لا يمكن أن يستر محتوى تنظيمي متآكل وفاقد للمشروعية".
بينما يرى الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد، أن الأردن تخلصت من جماعة الإخوان وإرهابها، وهي خطوة متأخرة ولكنها فعالة علي خطى الدول العربية مثل مصر والسعودية والامارات العربية، والتحذيرات الأخيرة حول شبكات جمع الأموال، هو الملف قد الأكثر حساسية في المرحلة المقبلة، فهناك مؤشرات على وجود خلايا مالية تديرها بقايا التنظيم تحت لافتات مختلفة.
وأشار عيد- في تصريحات خاصة-، أن الدولة الأردنية ستكون حازمة في هذا المسار، لا سيما بعد تزايد الشبهات حول استخدام العمل الخيري كستار لتمويل أنشطة مشبوهة، وتوقيت إعلان الحل، بعد قرارات قضائية واضحة ضد الجماعة الأم، يوجه رسالة بأن المشروع الإخواني لم يعد له مكان في الحياة السياسية الأردنية، مشيرًا أن الانهيار لم يأتِ من نتيجة ضغوط فقط، بل بسبب فشل داخلي متراكم في تطوير أدوات العمل ومواجهة الحقائق على الأرض.