سوريا على مفترق طرق.. السويداء تشهد هدوءًا هشًا وسط تحديات إنسانية
سوريا على مفترق طرق.. السويداء تشهد هدوءًا هشًا وسط تحديات إنسانية

أفادت تقارير من مدينة السويداء السورية بهدوء حذر يسود المنطقة بعد إعلان الحكومة المؤقتة بقيادة الإسلاميين انسحاب المقاتلين البدو من المدينة ذات الأغلبية الدرزية، في خطوة جاءت عقب اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة.
وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن هذا التطور يأتي في أعقاب أيام من الاشتباكات العنيفة التي أسفرت عن مقتل المئات، في اختبار كبير للرئيس المؤقت أحمد الشرع الذي يواجه تحديات جمة في إعادة توحيد بلد مزقته 14 عاماً من الصراع.
تفاصيل الوضع في السويداء
أكد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، يوم الأحد، أن قوات الأمن الداخلي نجحت في تهدئة الأوضاع وفرض الهدنة في السويداء، ما يمهد الطريق لتبادل الأسرى واستعادة الاستقرار تدريجيًا في المحافظة.
وأظهرت صور انتشار قوات الداخلية بالقرب من المدينة، حيث قامت بإغلاق الطرق أمام تجمعات القبائل البدوية التي انسحبت من المدينة ليلة السبت.
وأشار المبعوث الأمريكي توم باراك، أن الأطراف المتنازعة "نجحت في الوصول إلى وقف للأعمال العدائية"، مضيفًا أن الخطوة التالية تتمثل في تبادل شامل للأسرى والمحتجزين، وهي عملية بدأت الاستعدادات اللوجستية لها، وفقًا لما كتبه على منصة X .
ومع ذلك، يبقى الوضع هشًا، حيث أفاد سكان المدينة بأن الهدوء الحالي يتسم بالتوتر، مع معاناة السكان من نقص حاد في المياه والكهرباء، وتردي الأوضاع في المستشفيات التي باتت خارج الخدمة.
تحديات إنسانية ملحة
وصف طبيب الأسنان كنان عزام الوضع في السويداء بالكارثي، مشيرًا أن المستشفيات غير قادرة على التعامل مع أعداد القتلى والجرحى.
وقال عزام -في تصريح هاتفي لوكالة رويترز-: "المستشفيات في حالة يرثى لها، وما زال هناك العديد من القتلى والجرحى دون رعاية كافية".
ومن جانبه، طالب المواطن رائد خزعل، في رسالة صوتية من السويداء، بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، مشيرًا إلى تدمير العديد من المنازل ورائحة الجثث التي تنتشر في المستشفى الوطني.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية، بأن قافلة مساعدات أرسلتها الحكومة إلى السويداء تم رفض دخولها، بينما سُمح لقافلة من الهلال الأحمر السوري بالدخول.
وأوضح مصدر مطلع، أن فصائل محلية في السويداء رفضت القافلة الحكومية؛ مما يعكس استمرار التوترات بين الأطراف المحلية والحكومة.
تدخل إسرائيلي ودعم للدروز
وفي سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، بأن إسرائيل أرسلت مساعدات طبية عاجلة إلى الدروز في السويداء، في خطوة تم التنسيق بشأنها مع واشنطن ودمشق.
ولم يصدر تعليق فوري من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو وزارتي الخارجية والدفاع.
وكانت إسرائيل قد شنت غارات جوية على قوات الحكومة السورية في السويداء ووزارة الدفاع في دمشق الأسبوع الماضي، معلنة دعمها للأقلية الدرزية.
وقال نتنياهو: إن إسرائيل تتبنى سياسة نزع السلاح من المناطق القريبة من الحدود، والتي تمتد من مرتفعات الجولان المحتلة إلى جبل الدروز شرق السويداء.
ومن جانبها، أعربت الولايات المتحدة عن عدم دعمها للغارات الإسرائيلية، بينما أشار مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل سمحت للقوات السورية بالوصول المحدود إلى منطقة السويداء لمدة يومين.
خلفية الصراع وانتهاكات
وبدأت الاشتباكات في السويداء قبل أسبوع بين مقاتلين بدو ودروز، قبل أن تتدخل قوات الحكومة السورية للسيطرة على الوضع، لكنها سرعان ما تورطت في العنف واتُهمت بانتهاكات واسعة النطاق ضد الدروز.
وأفاد سكان المدينة بأن قوات سورية، يمكن تمييزها من خلال زيها الرسمي وشاراتها، أطلقت النار على مدنيين من مسافة قريبة في منازلهم أو في الشوارع.
وفي رد على هذه الأحداث، تعهد الرئيس المؤقت أحمد الشرع يوم الخميس بحماية حقوق الدروز ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ضدهم، متهمًا "جماعات خارجة عن القانون" بإثارة العنف.
ويواجه الشرع، الذي حظي بدعم أمريكي منذ لقائه الرئيس دونالد ترامب في مايو، تحديات كبيرة في إعادة بناء بلد مزقته الصراعات الطائفية والعرقية.
العنف على الساحل السوري
تلقى الشرع يوم الأحد تقرير تحقيق حول أعمال العنف التي وقعت في المنطقة الساحلية السورية في مارس الماضي، حيث أفادت رويترز في يونيو، بأن القوات السورية قتلت 1500 شخص من الأقلية العلوية عقب هجمات على قوات الأمن.
وأعلنت الرئاسة السورية، أنها ستستعرض نتائج التحقيق وستضمن اتخاذ خطوات لتحقيق العدالة ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات. كما دعت لجنة التحقيق إلى عقد مؤتمر صحفي لعرض النتائج إذا كان ذلك مناسبًا.
ووفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد تم توثيق مقتل ما لا يقل عن 321 شخصاً في محافظة السويداء منذ 13 يوليو، بينهم مدنيون ونساء وأطفال ومقاتلون بدو وأفراد من المجموعات المحلية وقوات الأمن.
وأشارت الشبكة، أن القتلى شملوا أشخاصًا أتم إعدامهم ميداني من الطرفين. في المقابل، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الحصيلة بلغت ما لا يقل عن 940 قتيلاً.