تصعيد جديد في الشرق الأوسط: سيناريوهات ما بعد استهداف حسن نصر الله
تصعيد جديد في الشرق الأوسط: سيناريوهات ما بعد استهداف حسن نصر الله
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة ومقلقة مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في ظل حرب غزة الجارية.
منذ بداية المواجهة بين حركة حماس وإسرائيل، دخل حزب الله على خط التصعيد، ليصبح جزءًا من المعادلة العسكرية على الحدود الشمالية لإسرائيل.
ومع الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مقر حزب الله ومحاولة اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، أصبح من الواضح أن قواعد الاشتباك تغيرت، وأن الصراع قد يأخذ أبعادًا جديدة.
اندلعت حرب غزة مجددًا لتفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة للصراع في المنطقة، إلا أن التدخل الفعلي لحزب الله من خلال "مساندة" حماس جاء مصحوبًا بحذر في بداية الأمر، حيث حرص الطرفان، إسرائيل وحزب الله، على أن تبقى المناوشات محدودة ولا تؤدي إلى حرب مفتوحة.
لكن مع تصاعد الهجمات المتبادلة واستخدام أسلحة متوسطة المدى، بات من الواضح أن الجانبين دخلا مرحلة جديدة من التصعيد العسكري.
ومع استهداف إسرائيل لحسن نصر الله، تغيرت قواعد اللعبة تمامًا؛ مما يطرح تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة وردود الفعل المنتظرة.
*تغير جذري في قواعد الاشتباك*
قبل استهداف نصر الله، كانت المعركة بين إسرائيل وحزب الله تجري وفق ما يُعرف بـ"قواعد الاشتباك" التي تهدف إلى تجنب التصعيد الكبير أو الانجرار إلى حرب شاملة.
لكن الضربة التي استهدفت مقر حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي كانت تهدف لاغتيال نصر الله، أظهرت تغيرًا كبيرًا في هذه القواعد.
هذه العملية، سواء نجحت في إصابة هدفها أم لا، أرسلت رسالة واضحة من إسرائيل إلى حزب الله وإيران بأن الخطوط الحمراء قد تغيرت، وأن الصراع قد يأخذ منحى جديدًا، ما يزيد من احتمالات التصعيد على نطاق أوسع.
*السيناريوهات المتوقعة*
تتنوع السيناريوهات المحتملة التي قد تحدث في الفترة المقبلة بناءً على رد فعل حزب الله وتطورات الصراع.
وفيما يلي أبرز ثلاثة سيناريوهات قد تتشكل في ضوء هذا التصعيد الجديد.
*تصعيد شامل ومحور المقاومة*
في هذا السيناريو، قد تقوم إيران بإطلاق العنان لحزب الله والحوثيين، مما يسمح لهما بشن هجمات موسعة بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد الداخل الإسرائيلي.
هذا السيناريو سيكون بمثابة إعلان حرب شاملة على إسرائيل، وقد يؤدي إلى انخراط أطراف إقليمية أخرى في الصراع. وقد يتسبب ذلك في تدهور الوضع الأمني ليس فقط في لبنان وإسرائيل بل في المنطقة بأسرها.
*ردود موجهة ومنضبطة*
يمكن لحزب الله أن يختار خيار الرد المحدود، عبر توجيه ضربات انتقامية مدروسة تستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود، وذلك بهدف الحفاظ على توازن الردع دون الانجرار إلى مواجهة شاملة.
هذا السيناريو هو الأكثر احتمالًا إذا كانت قيادة حزب الله تسعى لتجنب اندلاع حرب واسعة قد تتسبب في خسائر فادحة على الجانبين.
*احتواء دولي ومحاولة تهدئة*
قد تتدخل قوى دولية وإقليمية مثل الولايات المتحدة وروسيا للضغط على الأطراف المعنية لمنع تفاقم الأزمة.
هذا السيناريو يتطلب تحركًا دبلوماسيًا عاجلًا من قبل المجتمع الدولي لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات وتجنب تصعيد أوسع قد يهدد استقرار المنطقة بأسرها.
*استعدادات إسرائيلية مكثفة*
في ظل هذا التصعيد، رفعت إسرائيل حالة التأهب إلى أقصى درجاتها. نشر الجيش الإسرائيلي تعزيزات إضافية على الحدود الشمالية، بما في ذلك وحدات مشاة ودبابات وأنظمة دفاع جوي متطورة.
كما تم تعزيز القوات البحرية لحماية السواحل من أي هجمات محتملة. هذا التأهب يعكس استعداد إسرائيل لمواجهة أي تطورات ميدانية قد تطرأ نتيجة لهذا التصعيد، سواء كان ردًا مباشرًا من حزب الله أو تصعيدًا أوسع من قبل محور المقاومة.
*موقف حزب الله وخياراته المستقبلية*
مع هذا التصعيد، يواجه حزب الله تحديًا كبيرًا يتمثل في كيفية الرد على هذه الضربة دون التسبب في اندلاع حرب شاملة.
الخبراء يرون أن الحزب قد يجد نفسه مضطرًا إلى الرد بقوة، خاصة وأن استهداف حسن نصر الله، سواء كان ناجحًا أم لا، يعد ضربة كبيرة لهيبة الحزب.
في هذا السياق، قال العميد الركن المتقاعد ناهي جبران: إن "وحدة الساحات" التي تربط مصير حزب الله بالصراعات الأخرى في المنطقة قد تكون على المحك، مما قد يثير تساؤلات حول الاستراتيجية المستقبلية للحزب في التعامل مع إسرائيل.
*تداعيات التصعيد على المنطقة*
من جانبه، يرى الخبير الاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، أن استهداف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يمثل نقطة تحول حاسمة في الصراع بين الطرفين.
من وجهة نظره، هذا الحدث هو بمثابة "تغيير قواعد اللعبة" بشكل غير مسبوق منذ سنوات، حيث يشير إلى أن إسرائيل قد انتقلت من مرحلة الضربات المحسوبة والردع المحدود إلى تصعيد شامل يستهدف رموز وقيادات المحور الموالي لإيران، في محاولة لإضعافه وإحداث خلل في توازن القوى بالمنطقة.
وأكد اللواء محمد عبد الواحد في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن الضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، والتي كانت تستهدف نصر الله، ليست مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل تعكس نية إسرائيل لتوسيع الصراع ليشمل جبهات عدة، وهو ما قد يدفع بحزب الله إلى ردود فعل أكثر عنفًا.
ويرى أن حزب الله، الذي طالما اعتمد على استراتيجية "التصعيد المحسوب"، قد يجد نفسه الآن أمام خيارات صعبة: إما الرد بقوة وتوسيع دائرة المواجهة لتشمل مناطق أوسع، وإما محاولة الحفاظ على توازن الردع دون الانجرار إلى حرب شاملة.
من وجهة نظر عبد الواحد، فإن إسرائيل قد تكون جاهزة لتحمل عواقب هذا التصعيد، لكنها تدرك أن أي مواجهة شاملة مع حزب الله قد تكون مكلفة للغاية، خاصة في حال دخول إيران بشكل مباشر في الصراع أو تفعيل حلفائها في المنطقة مثل الحوثيين والفصائل المسلحة في سوريا والعراق.