بعد تفاقُم أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية.. خبراء يكشفون السيناريوهات المقبلة

تفاقمت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية في ظل اعتذار سعد الحريري

بعد تفاقُم أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية.. خبراء يكشفون السيناريوهات المقبلة
صورة أرشيفية

يشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية حادة، أدت بدورها إلى أزمة أمنية غير مسبوقة، حيث أدت الأوضاع غير المستقرة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الذي تخطى اليوم 22 ألف ليرة لبنانية.

وبالتزامن مع وقوع اضطرابات أمنية في طرابلس، كان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، يعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية.

وهنا تفاقم ارتفاع سعر صرف الدولار، وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين اللبنانيين، ولم تعد هناك ملامح واضحة لمستقبل لبنان في ظل هذه الأزمات المتتابعة. 

المحللون والمتابعون للمشهد اللبناني يرون أنه لا يبدو هناك مخرج وبارقة أمل للأوضاع في لبنان أو حلول لمسألة تشكيل الحكومة، مؤكدين أن السيناريوهات المرتقبة كلها تصب في نفس الدوامة إذا لم يتم التعامل مع مشكلات الحياة السياسية في لبنان بجدية.

تأزم الأوضاع 

وفى تصريحات خاصة لـ "العرب مباشر"، يقول الدكتور إسماعيل سكرية، البرلماني السابق، ورئيس الهيئة الوطنية الصحية "الصحة حق وكرامة"، أن الأمور معقدة في لبنان، ولا يبدو في الأفق بارقة أمل واضحة، وهناك شبه عجز عن إنتاج حل وإنتاج حكومة من قبل السياسيين المعنيين، كما أن التدخلات الخارجية ليست بذات الزخم أو موحدة الرأي حتى تنتج هذه الحكومة.

وأضاف سكرية، أن لبنان اعتاد تاريخيا أن يكون هناك مساعدة من المجتمع الخارجي، إلا أن المساعدة الخارجية الآن لا تستطيع إنتاج رأي موحد ينتج حكومة أو يسهل حلولاً، علاوة على أن اللاعبين السياسيين الداخلين الذين كانوا يمتلكون قدرة على إنتاج حل تعقدت الأمور، وخاصة أنه صارت بالحسبان حسابات لفترة رئاسة الجمهورية بعد 3 شهور، وانتخابات البرلمانية المتوقعة بعد 9 شهور.

واعتبر الدكتور إسماعيل سكرية أن كل هذا يزيد الأمور تعقيدا. 

حلول مرتقبة 

وأضافت الإعلامية اللبنانية "نجاة جميلي"، أن هناك مساعي دولية كثيرة تبذل لأجل تشكيل حكومة والدفع باتجاه استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس حكومة يشكل حكومة جديدة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، منذ حوالي يومين، لافتة إلى أن تلك الجهود الأوروبية والغربية تتلاقى مع جهود عربية، وفي طليعتها مصر التي تشدد وتدخل بقوة على خط إنهاء الأزمة في مصر، على الرغم من أن هناك عراقيل كثيرة تحول دون ذلك.

وأشارت جميلي إلى أنه لا يبدو الأفق مفتوحًا أمام حلول مرتقبة في المدى المنظور، مضيفة أن العيون تتجه اليوم إلى الانتخابات النيابية المرتقبة في مايو/ أيار المقبل، وكل الجهود تصب بهذا الاتجاه وعدم التأخير في هذه الانتخابات بضغوط دولية تمارس على الفرقاء لمنع أي محاولة للتفكير بتأخير هذه الانتخابات لأي سبب كان، لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة في الكثير من الحلول.

وأوضحت الإعلامية اللبنانية أن الرئيس الحريري عندما أعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة صوب على حزب الله، وباتجاه العرقلة، واعتبر ضمنا أن حزب الله لم يسهل ولم يضغط باتجاه حليفه ميشيل عون وجبران باسيل، باتجاه تشكيل الحكومة، وهذا يعني أن الحريري سينتقل إلى صفوف المعارضة، ولكن لم يتبلور بعد الشكل الذي سيكون عليه هذه المعارضة.

سيناريوهات الأزمة  

وأكدت نجاة جميلي، أن السيناريوهات المرتقبة ستكون إما بقاء حكومة حسان دياب، إلى حين إجراء الانتخابات النيابية، لأنه يبدو أنه لن يكون هناك أي توافق بين أي منهم لتشكيل الحكومة، فسعد الحريري لم يكن يريدها، وحزب الله لم يكن يريدها، وميشيل عون لم يكن يريدها إلا بالشكل الذي يقوض عمل الحكومة ويجعلها أسيرة القرارات الرئاسية. 

كذلك، تقول الصحفية اللبنانية، حنان حمدان، بداية، يعيش اللبنانيون راهناً أزمة انقطاع الدواء وشح الوقود وتقنين كهرباء تصل إلى 22 ساعة في اليوم، وتدهور قيمة الليرة، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وعدم توفر أبسط المستلزمات والاحتياجات الأساسية، حتى أن الطبابة باتت رفاهية زائدة وغير متوفرة للجميع. 

وأضافت حمدان، أنه برغم كل هذه الأزمات التي أوجعت اللبنانيين وتسببت بموت أطفال وتجويع فقراء، نجد أن الأطراف السياسية منغمسون في خلافاتهم حول السلطة والتي حالت دون تشكيل حكومة جديدة، وتركزت أبرز هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين.

واعتبرت الصحفية اللبنانية، أن هذه الصورة المختصرة عن واقع العيش المأزوم في لبنان، أدت إلى فقدان ثقة الناس بالسلطة السياسية الحاكمة، فالجميع يقر بغياب أي أفق للحل راهناً وبأننا ذاهبون إلى المجهول، فالأمور باتت معقدة والجميع يترقب ما ستحمله لنا الأيام المقبلة، أما السلطة السياسية فإنها تراهن على تعود اللبنانيين على كل هذه الأزمات من وقف الدعم للسلع الأساسية وارتفاع الأسعار وفقدان الدواء والموت على أبواب المستشفيات والعيش بدون كهرباء وحجز أموال المودعين في المصارف وتقييد سحوباتهم. 

وفيما يتعلق بتشكيل الحكومة، قالت حنان حمدان، إن هناك شبه إجماع لدى خبراء الاقتصاد بأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة ستستمر في لبنان لعدة سنوات مقبلة، في ظل الانهيار الاقتصادي الكبير الحاصل، ولكن كان يتأمل البعض في أن تشكيل حكومة قد يساهم في وقف هذا الانهيار الّذي لن يحسن وضع الناس ولكنه لن يسمح بتفاقم الأمور أكثر. 

وأشارت إلى أن لبنان يشهد منذ تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019 أسوأ أزمة مالية واقتصادية، وهي إحدى أشد ثلاث أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي.

وبالنسبة لاعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، قبل يومين، أوضحت حمدان أنه يبدو، وبعد تسعة أشهر من المماطلة بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشيل عون ومن خلفه رئيس التيار الوطني الحر (وصهره) جبران باسيل، أنه لم يكن هناك أي نية لتشكيل حكومة والدليل أن جميع الأزمات التي تعصف باللبنانيين لم تشكل حافزاً للأطراف السياسيين من أجل تسريع هذا التشكيل. ولا حتى الجهود الدولية التي يرى البعض أنها أكسبت من هم في السلطة وقتاً إضافياً للمماطلة أكثر.  

وأشارت الصحفية اللبنانية، إلى أن لبنان شهد قفزة كبيرة في سعر صرف الدولار في السوق السوداء بمجرد إعلان الرئيس الحريري اعتذاره، حيث تجاوز سعره الـ23 ألف ليرة لبنانية، وهناك توقعات بأن يقفز أكثر في حال استمر الوضع في لبنان على ما هو عليه. 

وبحسب حمدان، فإن هناك وجهة نظر في الشارع اللبناني تقول إن عدم تشكيل الحكومة هو فشل متعمد غير واضح المعالم حتى أن البعض يجد أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين الأطراف السياسية لعدم تشكيل الحكومة إلى حين حصول توافق خارجي على عكس الموقف المعلن والّذي يوحي بأن هناك خلافًا حول تسمية وزراء مسيحيين بين الأطراف المعنية في الداخل.