تجدُّد الاشتباكات العنيفة بين فصائل مسلحة في البصرة.. السيناريوهات المتوقعة في العراق

تجدُّدت الاشتباكات العنيفة بين فصائل مسلحة في العراق

تجدُّد الاشتباكات العنيفة بين فصائل مسلحة في البصرة.. السيناريوهات المتوقعة في العراق
صورة أرشيفية

حالة من التطورات المستمرة تشهدها الساحة العراقية في الوقت الحالي، حيث تمر البلاد بفترة عصيبة تعصف بها الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، حيث تجددت اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة في محافظة البصرة جنوبي العراق، بالأمس، وذلك قبل سيطرة القوات الخاصة على الوضع الأمني في المحافظة بالكامل، وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية.

تجدد الاشتباكات 

ويأتي تجدد الاشتباكات في الجنوب وتحديدا في البصرة وذلك بعدما قُتل نحو 30 شخصا في اشتباكات مسلحة وقعت في المنطقة الخضراء الاثنين الماضي، ما دفع السلطات العراقية لفرض حظر تجوال في أنحاء المدينة لكبح جماح العنف الذي اندلع فيها.

تحدثت تقارير إعلامية عراقية أن فرصة خروج العراق من أزمته الحالية في متناول الأطراف العراقية، وأن التهدئة مطلوبة لمصلحة العراق ، وأن جميع الأطراف السياسية في العراق مطالبون بالتهدئة واللجوء للحوار من أجل المصلحة العليا للبلاد. 

حالة من التناقض والانقسامات

يقول الدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن العراق يعيش حالة تناقض شديد بين مبدأ الدولة والمؤسسات والقانون والدستور وحالة انفلات السلاح، فإما مؤسسات فاعلة تطبق القانون وتراعي حقوق الناس جميعاً، وتحفظ موارد البلاد، وتواجه تحديات البقاء والسيادة، بعيداً عن الانحيازات للخارج ورفضاً لضغوط جماعات النهب والفساد والسلاح الخارج عن سطوة الدولة، وإما دولة فاشلة تغرق في الاقتتال الأهلي، رغم وجود مؤسسات ودستور يجهز عليه الجميع، وتزداد فيها رعونة الناهبين والفاسدين بما يقضي على ما يمكن إصلاحه، ويضيع معها العراق وتزداد فيه قطرات الدم ورغبات الانتقام.

ولفت أبو طالب إلى أن تطورات الأحداث في الأشهر العشرة الماضية منذ إعلان نتائج انتخابات أكتوبر الماضي، وما تلاها من ألاعيب مجموعة التشكيلات المسلحة والحزبية ذات الوجوه المعتادة والموالية لإيران والمعروفة باسم الإطار التنسيقي، والتي استندت في النهاية لدعم من فتاوى قضائية غير منضبطة وفتوى دينية ذات غرض من أحد مراجع الشيعة المناهض للتيار الصدري لا يجيز فيها مشاركة الشيعة لغيرهم في تشكيل الحكومة، ما أدى إلى إقصاء التيار الصدري الفائز بأكبر عدد من المقاعد النيابية عن تشكيل حكومة أغلبية تضم شيعة وسُنّة وأكراداً وفقاً للقواعد الديمقراطية المعتادة، ما سبب للعراق دوامة سياسية بلا أفق، تؤكد أن التباعد بين المشروعين السياسيين الكبيرين المطروحين في البلاد راهناً وصل إلى أقصى درجاته، بحيث يبدو متعذراً أن يلتقيا في نقطة وسط، ما لم يتراجع الطرفان ويقبلا مبدأ التنازلات المتبادلة من أجل الوطن والشعب.

الاختيار الأصعب 

وتابع في دراسة له، أنه يواجه العراق اختياراً صعباً ومدوياً بين مشروعين متناقضين؛ وهو الإصلاح وإعادة هيكلة الدولة، بما يحفظ لها سيادتها واستقلاليتها، ويمنع نهب مواردها ويبقيها لخدمة شعبها وتحسين أحواله، ويحاسب وفق أطر قضائية مستقلة كل من نهب موارد البلاد وأفسد فيها وتخلى عن حقوقها في مواجهة الغير، وهو ما تجمع عليه قوى مختلفة سنية وشيعية، ويقودها واقعياً التيار الصدري بحكم شعبيته الجارفة مقارنة بالقوى الأخرى، وخطواته الرئيسية أن تُلغى نتائج الانتخابات بحكم من المحكمة الاتحادية العليا المقرر أن تنظر في طلب إلغاء الانتخابات السابقة، وإن جاء قرارها موافقاً لموقف التيار الصدري فقد يمثل ذلك مخرجاً يساعد على تهدئة الأوضاع واحتواء التحركات العشوائية التي يمكن أن تحدث في الشارع في بغداد وفي غيرها من المحافظات العراقية. أما الخطوات اللاحقة كتعديل الدستور وقانون الانتخابات وتحصين القضاء من الضغوط الخارجية والداخلية، فهي كلها مُعلَّقة على نتائج الانتخابات الجديدة إن عقدت بعد حين. والانتخابات ذاتها مُعلَّقة على محتوى التفاهم الذي يمكن أن تتوصل إليه القوى الشيعية المختلفة، فضلاً عن قرار المحكمة الاتحادية الذي قد يشكل مخرجاً دستورياً مقبولاً من الجميع.

تدخلات خارجية

فيما يقول شيركو حبيب، مسؤول مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقاهرة: إن الوضع الراهن في العراق لا يخلو من أثر تدخلات خارجية في الشأن الوطني بما يعطل الحوار ولا يؤمّن حياة المواطنين وحقهم في العيش ببلد غني بالثروات الطبيعية والبشرية، لافتا أن تطورات الأوضاع في العراق اليوم تكشف النوايا الخبيثة للبعض ممن حاولوا إشعال نار الفتنة.

وأضاف حبيب، أن العراق في خطر تزيده الأطراف المتنازعة على السلطة الذين لم يفكروا في مصلحة البلاد العليا، وأدخلوا البلاد في أزمات متواصلة اقتصادية وسياسية وهو ما أربك الأوضاع الداخلية في البلاد. 

اتهامات متبادلة 

ويتهم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الإطار التنسيقي بإفساد الحياة السياسية ونهب مقدرات الدولة، مطالبا بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وإدخال تعديلات دستورية جراحية لإعادة بناء النظام السياسي، لكن الإطار التنسيقي يتهم الصدريين بالتعدي على مؤسسات الدولة وتعطيل العملية السياسية وجر البلاد إلى الفوضى، مطالبا بحكومة جديدة تمتثل عمليا لما يريده من سياسات ومصالح.