الانقسام يتعمق.. هل ينهار التنظيم العالمي للإخوان؟
الانقسام يتعمق.. هل ينهار التنظيم العالمي للإخوان؟

تواجه جماعة الإخوان الإرهابية واحدة من أكبر أزماتها منذ نشأتها في أواخر عشرينيات القرن الماضي، حيث باتت تعاني من انقسامات داخلية حادة وتصدعات تنظيمية تهدد بتفككها التام وفقدانها لما تبقى من تأثيرها في العالمين العربي والإسلامي.
بعد عقود من العمل في الظل والتغلغل في المجتمعات عبر واجهات دعوية وخيرية، تكشف الأحداث الأخيرة هشاشة البنية التنظيمية، وتراجع الحاضنة الشعبية، وانهيار الصورة الموحدة التي كانت تروجها الجماعة أمام أنصارها والرأي العام.
أزمة إيران تكشف عمق الانقسام
الخلاف الأخير الذي فجر العلن كان مرتبطًا بالحرب بين إيران وإسرائيل في يونيو 2025، حين اختارت القيادة الدولية للإخوان تبني موقف مؤيد لطهران، معتبرة إياها حليفًا في "محور المقاومة".
لكن الفرع السوري للتنظيم خرج عن الخط العام، معلنًا رفضه لهذا الانحياز، بل واعتبر إيران "عدوًا للثورة السورية" وداعمًا أساسيًا للنظام الذي سقط أواخر 2024.
هذا التناقض في المواقف لم يكن مجرد اختلاف في الرؤية، بل أشار بوضوح إلى شرخ داخلي في منظومة الجماعة، مع تصاعد النزعة الاستقلالية للفروع الإقليمية، وتآكل ما يعرف بـ"المرجعية المركزية".
واحدة من أبرز نقاط ضعف الجماعة اليوم تتمثل في الازدواجية الفكرية والسلوكية، ففي أوروبا، تسعى بعض الفروع إلى تبني خطاب ديمقراطي منفتح للتماهي مع البيئة القانونية الغربية، بينما تواصل فروع أخرى، خاصة في مناطق النزاع، الترويج لفكر متشدد مستند إلى أدبيات مثل كتابات سيد قطب، التي كانت مصدر إلهام للعديد من الجماعات الإرهابية المسلحة.
هذا التناقض قوّض مصداقية الجماعة، وأفقدها ثقة قطاعات واسعة من الشباب، الذين باتوا يرفضون الخطاب الديني المسيس، ويبحثون عن بدائل عقلانية بعيدة عن الأدلجة.
محاولات بائسة للترميم.. دون جدوى
رغم ما تعانيه الجماعة من عزلة سياسية، حاولت في الداخل المصري وخارجه تقديم مبادرات شكلية لإعادة تموضعها، أبرزها مبادرة حلمي الجزار في مصر، والتي باءت بالفشل لغياب القبول الشعبي والسياسي، وكذلك محاولات "العودة للدعوة" في أوروبا وبعض الدول الآسيوية، لكن دون تأثير حقيقي.
يخشى المراقبون أن تؤدي حالة التفكك والانقسام الحالية إلى ولادة تنظيمات فرعية أكثر تطرفًا، خاصة مع غياب المرجعيات الفكرية المعتدلة، واستمرار التضييق الأمني في عدد من الدول، ما قد يدفع بعض الأجنحة إلى العنف كوسيلة للوجود.
ويرى خبراء في الجماعات المتطرفة، أن فشل المجتمع الدولي والعربي في احتواء الأعضاء العائدين من مناطق الصراع قد يؤدي إلى تفشي فكر أكثر تطرفًا، مدفوعًا باليأس والانفصال عن الواقع.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد: إن ما نشهده اليوم ليس مجرد خلاف تنظيمي داخلي في جماعة الإخوان، بل هو تفكك حقيقي لبنية أيديولوجية وتنظيمية لطالما تغنت بالتماسك والامتداد العالمي، والانقسام بين فرع سوريا والقيادة الدولية بشأن الموقف من إيران هو مؤشر خطير على اهتزاز المرجعية المركزية للجماعة.
ويضيف عيد - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن جماعة الإخوان تمر بمرحلة شلل سياسي حاد، فقدت فيها التأثير، والدعم، وحتى القبول الشعبي، وكل ما تبقى من نفوذها هو هياكل تنظيمية بلا مشروع، ومع تضارب الأجندات بين الداخل والخارج، فإن الانهيار قادم، وربما يتحول إلى فوضى داخلية تولّد تنظيمات أشد تطرفًا.