بين واشنطن وموسكو.. مجلس القيادة اليمني يبحث تحالفات دولية لردع الحوثيين
بين واشنطن وموسكو.. مجلس القيادة اليمني يبحث تحالفات دولية لردع الحوثيين
في ظل تعاظم تهديدات مليشيات الحوثي، تتحرك الرئاسة اليمنية على المستوى الدولي بين نيويورك وموسكو بهدف تشكيل استراتيجية جديدة لردع الجماعة المسلحة التي باتت تشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي.
هذا التحرك يأتي في سياق جهود متعددة لخلق توازن قوي جديد في المنطقة، وسط تقارير متزايدة عن دعم إيراني مستمر للحوثيين وقلق دولي من تأثير هذا الدعم على استقرار اليمن والمنطقة.
خلال الأسابيع الأخيرة، زار رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ونائبا رئيس المجلس عيدروس الزبيدي وعثمان مجلي، نيويورك لحضور الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
في الوقت نفسه، توجه نائب رئيس المجلس الرئاسي طارق صالح إلى موسكو للقاء مسؤولين رفيعي المستوى ضمن جهود حشد دعم دولي لمواجهة الحوثيين.
*التحركات في نيويورك*
تزامنت زيارة الرئاسة اليمنية لنيويورك مع تصاعد العنف في الشرق الأوسط، وهو ما دفع الأطراف اليمنية للتأكيد على أهمية تشكيل إستراتيجية جديدة لمواجهة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
تلك الإستراتيجية تعتمد على تحالفات دولية وإقليمية لإضعاف الحوثيين عسكريًا واقتصاديًا، كما تهدف إلى حماية الملاحة في البحر الأحمر.
وتأتي هذه الخطوات في ظل تصاعد هجمات الحوثيين على الممرات الملاحية الدولية ومحاولاتهم المستمرة للسيطرة على باب المندب.
أحد أبرز نقاط التحرك اليمني في نيويورك، كان البحث عن دعم أمريكي وبريطاني لتعزيز الجهود الرامية إلى ردع الحوثيين.
وأكد عيدروس الزبيدي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، على ضرورة توحيد الجهود الدولية في مواجهة الحوثيين، قائلاً: "نحن في حالة حرب مع مليشيات الحوثي منذ عقد، والتصعيد في باب المندب يفرض علينا البحث عن حلفاء دوليين".
كما أشار إلى أن تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية تجعل من الضروري تشكيل تحالف دولي لحماية تلك الممرات.
الاستراتيجية الجديدة للرئاسة اليمنية تتضمن رفع مستوى التنسيق مع التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية، بالإضافة إلى السعي لتحرير ميناء الحديدة الذي يعد بوابة لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين.
وبحسب الزبيدي، فإن ميناء الحديدة يمثل تحديًا رئيسيًا، حيث أصبح طريقًا سهلًا لتهريب العتاد العسكري للحوثيين، ما يساهم في تعزيز قدراتهم واستمرار تهديداتهم.
*قلق من دعم روسي محتمل للحوثيين*
في سياق متصل، برزت تقارير إعلامية تشير إلى احتمالية تورط روسيا في تسليح مليشيات الحوثي، عبر وساطة إيرانية.
ورغم أن موسكو أعادت افتتاح سفارتها في العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، وعبّرت عن دعمها لحوار يمني متوازن تحت مظلة الأمم المتحدة، إلا أن هناك مخاوف من تعاون روسي إيراني لتزويد الحوثيين بصواريخ مضادة للسفن، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في المنطقة.
زيارة نائب رئيس المجلس الرئاسي اليمني طارق صالح إلى موسكو جاءت في هذا السياق، حيث التقى مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف. وتهدف هذه اللقاءات إلى بحث سبل التعاون في مواجهة الحوثيين وتعزيز الدعم الدولي للحكومة اليمنية الشرعية.
طارق صالح، الذي يقود قوات متمركزة في مناطق إستراتيجية على طول الساحل الغربي لليمن قرب باب المندب، أكد عقب المباحثات مع الجانب الروسي على أهمية تعزيز التعاون مع روسيا من أجل تحقيق السلام في اليمن.
وقال صالح عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "اتفقنا مع روسيا على أهمية تحقيق السلام في اليمن والمنطقة، وروسيا تدعم شرعية الدولة اليمنية والحل السلمي الذي يحقق مصالح الشعب ويحفظ كرامته".
*تهديدات متزايدة ومخاوف دولية*
من جانبهم يرى مراقبون، أن التحركات اليمنية جاءت في إطار قلق دولي متزايد من تعاظم قدرات مليشيات الحوثي، مضيفين أن إيران، التي تُعد المزود الرئيسي للأسلحة للحوثيين منذ عقد من الزمن، تسعى لتقديم الحوثيين كلاعب إقليمي مهم ضمن محور إيران في الشرق الأوسط، حيث تحاول طهران استخدام الحوثيين كوسيلة لاختبار قدراتها العسكرية وتوسيع نفوذها في المنطقة.
وأوضح المراقبون، أن الوضع في اليمن يزداد تعقيدًا مع استمرار انقسام مجلس الأمن تجاه الملف اليمني وربط الأزمات المتعددة في المنطقة بحروب أخرى، وبالرغم من الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام، فإن الحوثيين ما زالوا يرسخون سلطتهم في شمال اليمن ويهددون أمن المنطقة والمصالح الدولية.
وتابعوا، التحركات اليمنية، سواء في نيويورك أو موسكو، تهدف إلى إرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ خطوات فعالة لردع الحوثيين. تلك الاستراتيجية تعتمد على مزيج من الردع والاحتواء، بهدف حماية الممرات الملاحية الدولية والتصدي للتهديدات الحوثية المستمرة، كما تسعى الحكومة اليمنية إلى بناء تحالفات قوية مع القوى الإقليمية والدولية لضمان استقرار اليمن والمنطقة.
*أهمية التوازن الدولي*
يرى المحلل السياسى اليمنى، عبد الكريم الأنسى، أن التحركات اليمنية الأخيرة بين نيويورك وموسكو تأتي في إطار محاولة الحكومة اليمنية تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، ليس فقط لمواجهة الحوثيين، بل لإبراز اليمن كعامل أساسي في حفظ استقرار المنطقة.
ويضيف الأنسي لـ"العرب مباشر": ما يجري الآن ليس مجرد محاولة للتصدي عسكريًا للحوثيين، بل هو إعادة تشكيل التحالفات الدولية بما يضمن لليمن موقعًا استراتيجيًا ضمن هذه التحالفات، خاصةً مع تزايد الاهتمام الدولي بتأمين الممرات المائية الدولية.
مضيفًا، التحرك الدبلوماسي اليمني قد يشكل خطوة محورية إذا نجح في جذب اهتمام الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وحتى روسيا في معركة تتجاوز البعد العسكري إلى أبعاد اقتصادية وسياسية معقدة.
في السياق ذاته، يعتقد المحلل السياسي اليمني أحمد شوقي، أن التحركات اليمنية في موسكو تشير إلى إدراك الحكومة الشرعية لأهمية التوازن في العلاقات الدولية.
ويقول شوقي - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، لا يمكن لليمن الاعتماد فقط على الغرب في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، بل يجب أن تسعى إلى توسيع قنوات التواصل مع القوى الأخرى مثل روسيا والصين.
وتابع المحلل السياسي اليمني، روسيا، رغم موقفها المتحفظ، قد تلعب دورًا في كبح أي تصعيد خطير من قبل الحوثيين إذا تم التوصل إلى تفاهمات معينة مع اليمن"، مضيفًا، أن الرهان على موسكو يجب أن يكون محسوبًا بدقة، حيث إن أي انحياز روسي واضح للحوثيين قد يعقد الوضع أكثر، ما يستدعي توازناً دبلوماسياً دقيقاً من الجانب اليمني.