التحدي الاستخباراتي في اليمن.. لماذا تعجز إسرائيل عن بناء بنك أهداف دقيق؟

التحدي الاستخباراتي في اليمن.. لماذا تعجز إسرائيل عن بناء بنك أهداف دقيق؟

التحدي الاستخباراتي في اليمن.. لماذا تعجز إسرائيل عن بناء بنك أهداف دقيق؟
ميليشيا الحوثي

في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر واستمرار تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية، تجد إسرائيل نفسها في سباق محموم لسد الفجوات الاستخباراتية وبناء بنك أهداف دقيق للبنية التحتية العسكرية للحوثيين، رغم الضربات التي وجهها سلاح الجو الأمريكي أمس والطيران الإسرائيلي خلال الفترات الماضية، إلا أن الغموض حول مواقع تخزين الأسلحة ومنصات الإطلاق يُعرقل أي عملية عسكرية حاسمة، ومع تزايد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، تتجه تل أبيب نحو تكثيف جهودها الاستخباراتية لتعزيز قدرتها على استهداف المنشآت الحيوية في اليمن بدقة، ومع ذلك، يُواجه هذا المسعى تحديات معقدة، أبرزها طبيعة الحرب غير التقليدية التي يخوضها الحوثيون، والقدرات الدفاعية التي طوروها بمساعدة إيرانية، ما يزيد من تعقيد أي عملية عسكرية مستقبلية.

سباق استخباراتي لتعويض الفجوة


وفقًا لموقع "واللا" العبري، تعترف الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية بأن بناء بنك أهداف دقيق للحوثيين لا يزال غير مكتمل، ما دفع جهازي الاستخبارات العسكرية (أمان) والموساد إلى مضاعفة جهودهما لتعويض هذا القصور.


ورغم أن خطط المواجهة مع الحوثيين كانت مطروحة منذ عام 2020، إلا أن عدم امتلاك قاعدة بيانات متكاملة حول مواقع الأسلحة والبنية التحتية العسكرية حال دون تنفيذ ضربات استباقية فعالة.

التحديات الميدانية


تُشكّل البنية التحتية العسكرية للحوثيين، المتمركزة في مواقع تحت الأرض، تحديًا كبيرًا لإسرائيل.


فهذه المواقع ليست فقط صعبة التحديد، بل تجعل من استهدافها أمرًا معقدًا، خصوصًا مع تطوير الحوثيين لأساليب تمويه متقدمة لحماية ترسانتهم العسكرية.


ويضاف إلى ذلك أن بعض منصات الصواريخ يتم إخفاؤها في مناطق مدنية، مما يجعل أي ضربة إسرائيلية محفوفة بالمخاطر.

القدرات الجوية الإسرائيلية


رغم هذه التحديات، أثبت سلاح الجو الإسرائيلي قدرته على تنفيذ عمليات بعيدة المدى، حيث تم تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف حوثية على بعد أكثر من 2000 كيلومتر.


وتفيد التقارير بأن نائب رئيس الأركان المنتهية ولايته، الجنرال أمير برام، قاد خطة متكاملة لتحييد خطر الصواريخ والطائرات المسيرة القادمة من اليمن، عبر تعزيز تقنيات الرصد والاعتراض، وتوسيع نطاق التنسيق الدفاعي مع الولايات المتحدة.

الإنتاج المحلي للحوثيين.. معضلة جديدة


تشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن الحوثيين لم يعودوا يعتمدون كليًا على إمدادات الأسلحة الإيرانية، بل نجحوا في تطوير قدراتهم التصنيعية محلياً، مما يمنحهم استقلالية أكبر ويصعّب مهمة تعطيل عملياتهم عبر استهداف خطوط الإمداد الخارجية.


كما تمكنوا من تطوير تكتيكات هجومية متقدمة مكنتهم من اختراق نظام الدفاع الإسرائيلي متعدد الطبقات، مما دفع إسرائيل إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية.


إلى جانب الصواريخ والطائرات المسيّرة، يشكل التهديد البحري الحوثي مصدر قلق متزايد لإسرائيل.


فوفقاً لمصادر استخباراتية، تلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات مكثفة في إيران، ما ساهم في تعزيز قدراتهم البحرية، سواء في تنفيذ هجمات بالصواريخ البحرية أو في عمليات أكثر تعقيدًا، مثل محاولات السيطرة على السفن المدنية أو العسكرية في البحر الأحمر.

دور واشنطن.. رسالة إلى طهران


مع استمرار الهجمات الأمريكية ضد أهداف حوثية، يبرز بعدٌ استراتيجي أوسع، إذ تسعى واشنطن إلى إيصال رسالة واضحة إلى إيران بأن إدارة بايدن قد تلجأ إلى إجراءات أشد إذا استمر التصعيد.


هذا التوجه قد يكون مؤشرًا على سياسة أمريكية جديدة أكثر صرامة، لا سيما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل المواجهة بين طهران والغرب.


من جانبه، يقول اللواء محمد عبد الواحد، الخبير الاستراتيجي، بأن التحديات الاستخباراتية التي تواجهها إسرائيل في اليمن تعكس فجوة معلوماتية خطيرة، رغم أن المواجهة مع الحوثيين لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة منذ سنوات.


وأضاف عبدالواحد لـ"العرب مباشر"، أن "عدم امتلاك إسرائيل بنك أهداف متكامل يشير إلى ضعف في التقدير الاستراتيجي، خاصة في ظل المواجهة المفتوحة مع أذرع إيران في المنطقة".


وأكد أن "نجاح الحوثيين في تطوير قدراتهم محليًا يجعل استهدافهم أكثر تعقيدًا، حيث يعتمدون على تكتيكات عسكرية متطورة تشمل المخابئ والمنشآت تحت الأرض.


وحذّر من أن الاعتماد الإسرائيلي المتزايد على الضربات الجوية وحده قد لا يكون كافيًا، بل يتطلب استراتيجية أكثر شمولًا، تشمل الحرب السيبرانية وتوظيف مصادر استخبارات بشرية أكثر دقة داخل اليمن.


وأشار إلى أن أي تصعيد في اليمن قد يكون مقدمة لصدام أوسع مع إيران، وهو ما يجعل التنسيق الإسرائيلي-الأمريكي عاملًا حاسمًا في تحديد طبيعة الردود المستقبلية وإدارة هذا الصراع المتنامي.