تصعيد عسكري إثيوبي ضد الصومال يُهدد استقرار القرن الأفريقي.. ماذا يحدث؟
تصعيد عسكري إثيوبي ضد الصومال يُهدد استقرار القرن الأفريقي.. ماذا يحدث؟
في منطقة تعصف بها النزاعات والمخاطر الأمنية، تشهد الحدود الجنوبية للصومال توترًا جديدًا مع دخول قوات إثيوبية إلى مديرية دولو، مما يثير مخاوف من تصعيد عسكري قد يُعمّق الأزمات الإنسانية في المنطقة، هذا التحرك المفاجئ يتزامن مع تاريخ طويل من التوترات على الحدود المشتركة بين البلدين، حيث لعبت منطقة جيدو دورًا محوريًا في النزاعات الإقليمية بين الصومال وإثيوبيا، ومع تصاعد أنشطة الجماعات المتمردة كحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، أصبحت المنطقة نقطة استراتيجية ذات أهمية إقليمية ودولية، السكان المحليون، الذين يتحملون وطأة النزاعات، يخشون تداعيات هذا التدخل الجديد الذي قد يؤدي إلى نزوح واسع النطاق ويزيد من تعقيد إيصال المساعدات الإنسانية.
تعزيز نفوذ أديس بابا
أكدت مصادر محلية لإذاعة "شبيلي" الصومالية أن القوات الإثيوبية بدأت توسعًا عسكريًا في مديرية دولو، جنوب الصومال.
وشمل التوسع إنشاء مواقع عسكرية مؤقتة وعمليات تفتيش دقيقة للأفراد والمركبات، في خطوة وُصفت بأنها جزء من استراتيجية أديس أبابا لتعزيز نفوذها في المنطقة الحدودية.
تعتبر منطقة جيدو ذات أهمية استراتيجية؛ فهي تقع على الحدود مع إثيوبيا وكينيا، ما يجعلها مسرحًا رئيسًا لعمليات حركة الشباب المتمردة.
وكانت المنطقة في الماضي محور نزاعات حدودية بين الصومال وإثيوبيا، ما زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية.
وفقًا للإذاعة، فإن العمليات الإثيوبية الأخيرة تحمل طابعًا "حساسًا"، حيث تُثير مخاوف من تصعيد قد يؤدي إلى نزوح آلاف السكان وتعطيل الجهود الإنسانية.
يقول السكان المحليون إن هذه التحركات العسكرية تُؤدي إلى حالة من انعدام الثقة وتصاعد القلق بشأن المستقبل.
مصالح أمنية وتحديات
من جانبهم، يرى مراقبون أن التحركات الإثيوبية في جيدو ليست معزولة عن التوترات الإقليمية المتصاعدة. فإثيوبيا، التي تُعاني من أزمات داخلية أبرزها صراع تيغراي والنزاعات القومية، تسعى إلى فرض سيطرتها على المناطق الحدودية لمنع تسلل المتمردين وضمان مصالحها الأمنية.
في المقابل، تُواجه الحكومة الصومالية تحديات كبيرة في فرض سلطتها على المناطق الحدودية.
وأضاف مراقبون أن التدخل الإثيوبي قد يؤدي إلى تقويض جهود مقديشو لاستعادة السيطرة على الأراضي، ما يفتح الباب أمام تصعيد سياسي بين البلدين.
تداعيات إنسانية
على الجانب الإنساني، يُهدد التصعيد العسكري في جيدو بتفاقم الأزمة الإنسانية، فبحسب تقارير أممية، تعتمد آلاف العائلات في المنطقة على المساعدات الغذائية والطبية التي تُواجه بالفعل صعوبات في الوصول بسبب انعدام الأمن.
السكان المحليون، الذين يرزحون تحت وطأة النزاعات والجفاف، يخشون أن تُؤدي العمليات الإثيوبية إلى نزوح واسع النطاق يزيد من معاناتهم اليومية، وفقًا لبعثة الأمم المتحدة الانتقالية بالصومال.
تزيد احتمالات التوتر
من جانبه، يقول إبراهيم ناصر، خبير الشؤون الأفريقية، التحركات الإثيوبية الأخيرة في جيدو تعكس استراتيجيات أديس أبابا للسيطرة على المناطق الحدودية بهدف تقليل تأثير الجماعات المتمردة، خصوصًا حركة الشباب.
وأضاف ناصر في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن هذه المنطقة تمثل نقطة ارتكاز للصراع الإقليمي، حيث تتداخل المصالح الأمنية بين الصومال وإثيوبيا.
وتابع خبير الشؤون الإفريقية، على الجانب الآخر، قد يُؤدي التصعيد العسكري إلى تفاقم النزوح وخلق فراغ أمني يسمح للمتمردين باستغلال الأوضاع لصالحهم، في ظل غياب التنسيق الإقليمي الفعّال، تصبح مثل هذه العمليات عرضة للتفسير كخطوات عدائية من الطرف الآخر، ما يزيد من احتمال اشتعال التوترات السياسية بين الجانبين.
في السياق ذاته، يقول د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن التدخل الإثيوبي في جيدو يُظهر بعدًا أعمق للصراع في القرن الأفريقي، حيث تتزايد التوترات بسبب المصالح الجيوسياسية المتضاربة.
وأضاف المنجي - في تصريحات لـ"العرب مباشر" - أن المنطقة، التي تعتبر طريقًا حيويًا لحركة الشباب، تُشكّل هدفًا استراتيجيًا لإثيوبيا لمنع الهجمات العابرة للحدود.
وتابع، تكثيف العمليات العسكرية دون خطة واضحة لتخفيف الأعباء الإنسانية يعمّق الأزمات الاجتماعية، مضيفًا، من الضروري أن تتدخل المنظمات الدولية لتنسيق جهود الإغاثة الإنسانية بالتزامن مع معالجة جذور النزاع عبر الحوار الإقليمي.