كيف تتوغل تركيا في إفريقيا؟
كشفت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، اليوم الاثنين، فصولا جديدة من التوغل التركي في إفريقيا، ووصفته بـ"لعبة أردوغان الكبرى" عن طريق الجنود والجواسيس والمال، في إطار سعي تركيا إلى فرض السلطة والنفوذ في القارة السمراء.
المسلسلات التركية
وفضحت الصحيفة البريطانية الطريقة التي تسيطر بها تركيا على إفريقيا من خلال وسائل عديدة، منها المسلسلات التركية، حيث يتصارع زوجان إثيوبيان في حانة فندق في أديس أبابا على ريموت التلفاز، يريد الزوج نشرة الأخبار بينما تريد الزوجة مسلسلاً تلفزيونيًا تركيًا مدبلجًا باللغة الأمهرية.
وأوضحت أن نجاح المسلسلات التركية في إثيوبيا يعد علامة صغيرة ولكنها معبرة عن نفوذ أنقرة المتزايد في المنطقة، حيث قال المؤسس المشارك في قناة "كانا" الإثيوبية إلياس شول: "إن نجاح المحتوى التركي مستمر في إثيوبيا، وبالنسبة لأنقرة، كانت التجارة والمساعدات التنموية وحتى المسلسلات التلفزيونية مفيدة في ترسيخ النفوذ التركي في القارة".
من جانبه قال الخبير في السياسة الخارجية التركية في جامعة "نافارا" الإسبانية مايكل تانشوم، "تتمتع تركيا بمزايا القوة الناعمة التي تمكنها من الاستغلال".
وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه في العقود التي أعقبت انهيار الإمبراطورية العثمانية، تجاهلت تركيا إلى حد كبير إفريقيا، واختار حكامها التركيز على أوروبا بدلا من ذلك.
إلا أن أردوغان على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، قاد تركيا لإحياء علاقاتها مع القارة السمراء، ومنذ عام 2009 زادت تركيا من عدد سفاراتها في إفريقيا من 12 إلى 42، وكان أردوغان زائرًا متكررًا، حيث قام برحلات إلى أكثر من 20 عاصمة إفريقية.
ونقلت الصحيفة تصريحات سابقة لأردوغان في أكتوبر الماضي: إن "الأتراك والأفارقة مُقدر لهم أن يكونوا شركاء".
وتابعت: "لقد وضع هدفًا لمضاعفة حجم تجارة تركيا مع إفريقيا إلى 50 مليار دولار في السنوات المقبلة، أي ما يقرب من ثلث تجارتها الحالية مع الاتحاد الأوروبي".
ويؤكد تركيز أنقرة على صفقات وعقود البنية التحتية الحكومية الكبيرة في جميع أنحاء إفريقيا، من تجمع أولمبي في السنغال إلى أكبر منشأة عسكرية خارجية في الصومال ومسجد كبير في جيبوتي، على الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية التي توليها للقارة.
زيارة أثارت استياء فرنسا
وقبل عام، زار أردوغان، السنغال، مما أثار استياء فرنسا؛ القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، حيث تبحث البلدان الإفريقية عن بدائل للوجود الفرنسي، حسب التقرير.
ونقلت "فايننشيال تايمز" عن مسؤولين أتراك قولهم إن 2.5 مليار دولار من إجمالي 6 مليارات دولار استثمرتها بالفعل الشركات التركية في إفريقيا جنوب الصحراء، ذهبت إلى إثيوبيا، وفي عام 2005، وبعد أن كانت هناك ثلاث شركات تركية فقط في إثيوبيا، اليوم، هناك 200 شركة، تتنوع بين شركات الأسلاك والمنسوجات إلى المشروبات، مشيرين إلى أنه حتى اندلاع الصراع في منطقة تيجراي لم يردع المستثمرين الأتراك.
تركيا دشنت معسكر تدريب عسكري في الصومال
كما تحافظ تركيا على وجودها في الصومال، حيث قامت ببناء الطرق وإنشاء معسكر تدريب عسكري كبير، وفي العام الماضي، وقعت شركة تركية عقدًا مدته 14 عامًا لتجديد وتشغيل ميناء في مقديشو.
وكانت أنقرة مصدرًا رئيسيًا لتوزيع المساعدات في البلاد، حيث ضخت أكثر من مليار دولار منذ عام 2011، وفي أوائل نوفمبر، سددت 2.4 مليون دولار من الديون المستحقة على الصومال لصندوق النقد الدولي. وقامت ببناء مستشفيات ومدارس وقدمت منحًا دراسية.
وقال الخبير المستقل في شؤون القرن الإفريقي رشيد عبدي: «من الواضح أن تركيا لاعب كبير في الصومال، لكنها في الأساس لاعب تجاري مهم للغاية في إثيوبيا. إثيوبيا فرصة ضخمة لتركيا لأنها سوق كبيرة، واقتصاد نابض بالحياة. إذن، هذه هي الحدود الصحيحة لأردوغان، من الواضح أن هدف الأتراك هو الفوز بإثيوبيا».