مشهد غامض في ليبيا.. ماذا بعد اختيار باشاغا لتشكيل الحكومة.. وما مخططات قطر وتركيا؟
تعيش ليبيا مشهد غامض بعد اختيار باشاغا لتشكيل الحكومة
أكد رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا جاهزية تشكيلته الحكومية، وأنها ستحال للبرلمان من أجل نيل الثقة، بشكل رسمي، بحسب ما أفاد مكتبه الإعلامي. وأوضح المكتب في بيان صحافي، يعلن فتحي باشاغا، رئيس الوزراء المكلف، عن الجهوزية الحكومية، وإحالتها لمجلس النواب.
وأشار البيان بأن ذلك جاء عقب مشاورات موسعة مع الأطراف السياسية، والتواصل مع مجلسي النواب والأعلى للدولة، والاطلاع على العديد من المقترحات بشأن تشكيل الحكومة وفق معايير الكفاءة والقدرة، وتوسيع دائرة المشاركة الوطنية.
المشهد يزداد تعقيدا
ويأتي الإعلان عن تشكيل الحكومة الليبية من قِبل باشاغا في محاولة منه لكسب تراضي القيادة العامة للجيش الليبي، والملفت كما أكد مراقبون أن اختيار فتحي باشا، وهو أحد عناصر الإخوان بديلا أيضا للإخواني عبدالحميد الدبيبة ليرأس الحكومة الليبية.
ويزداد المشهد الليبي تعقيدًا بعد تبيان المواقف المحلية تجاه "باشاغا" وخاصة تصعيد جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان التي تطمح للاستمرار في السيطرة على مفاصل الدولة، حيث خلقت شرخًا في المجلس الأعلى للدولة.
فيما يراوغ الإخواني خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى الدولة، الذي لم يعترض على تكليف رئيس حكومة جديد، لكنه فضل نقد الخطوة التي جاء بها التكليف، مع التشكيك في استمرار علاقة التوافق بين مجلسه والبرلمان، حيث أعلن أن صدور قرار التكليف قبل اجتماع أعضاء مجلس الدولة للبت في التكليف "خطوة غير سليمة"، وأنها تضرب بنيان الثقة بين المجلسين.
تصويت أم تشاور؟
ووجه مجلس النواب الدعوة لأعضائه لعقد جلسة الاثنين المقبل، من دون توضيح إذا ما كانت مخصصة للتصويت على منح الثقة لحكومة باشاغا، أو جلسة تشاورية لبحث الأسماء المقدمة فقط، حيث كان المجلس قبل أسبوعين قد عيّن باشاغا، وزير الداخلية السابق والسياسي النافذ، رئيساً للحكومة ليحل محل عبدالحميد الدبيبة، لكن هذا الأخير أكد عدم تخليه عن السلطة إلا لسلطة منتخبة.
نقاش مخرجات
ودعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أعضاء المجلس إلى حضور الجلسة في مدينة طبرق. ولم يحدد صالح جدول أعمال الجلسة، ومن المتوقع أن يناقش النواب مخرجات جلسة مجلس الدولة، وكذلك حكومة باشاغا.
أسئلة حول تكليف "باشاغا"
وتثير خطوة اختيار "باشاغا" العديد من التساؤلات حول شخصية وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني التي قادها فايز السراج، والمعروفة بميولها للميليشيات الإخوانية وفتحها الطريق أمام التدخل العسكري التركي في الأراضي الليبية.
وفي نفس الوقت فإن الأعضاء المتحكمة في مجلس الدولة والتابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي تعرقل الذهاب لتمكين فتحي باشاغا من المنصب الجديد.
هذه التكتلات التي وقفت خلف الرجل في السابق ثم الانسحاب من خلفه حاليًا أوحى للكثيرين بأن "باشاغا" الذي أعلن ترشحه لرئاسة ليبيا قبل فشل إجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي، قد أعاد بناء علاقاته مع الأطراف الليبية مجددا.
واستعاد بعض متابعي الشأن الليبي بيانات "باشاغا" القديمة التي أعلن فيها مرارا أنه لا ينتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، وعمل على انتزاع حقول نفطية من تحت سيطرة الجماعات الإرهابية في الغرب الليبي.
وفي الوقت نفسه فإن "باشاغا" لا يرغب في حكومة لا تنتزع السيطرة الكاملة، معولا على الدعم الدولي ومرونة الأطراف الأخرى في إقرار حكومته خاصة أنه من نفس مدينة "مصراتة" التي ينتمي إليها "الدبيبة"، وكلا الطرفين لديه أطراف مسلحة موالية.
خطة الدبيبة
وأمس، أعلن الدبيبة، عن خطة جديدة للمرحلة المقبلة تتضمن 4 مسارات، تقود كلّها إلى إجراء انتخابات برلمانية في شهر يونيو المقبل، وجدد تأكيده على رفضه تسليم السلطة، في خطوة تتعارض مع خارطة الطريق التي أعلنها البرلمان وتقوم على تغيير السلطة التنفيذية وإجراء انتخابات خلال 14 شهرا.
وتثير هذه الحالة السياسية المتأزمة في ليبيا والتنافس المحموم على السلطة هواجس ومخاوف من انزلاق الأوضاع في البلاد ثانية واندلاع صراع مسلح، خاصة بعد انتشار ميليشيات مسلحة متنافسة في العاصمة طرابلس.
مخططات قطر وتركيا
وفي ظل مخططات تعطيل المسار السياسي في ليبيا، لم تعد فضائح تركيا وقطر فى دعم وتمويل الإرهاب، بعيدة عن الأعين، وبات كل يوم يحمل حلقة من هذا المسلسل القبيح لأنقرة والدوحة، ولكن الغريب أنه على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.
ومؤخرا سلط تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الأميركية الضوء على عدد من الأعمال التخريبية لأنقرة والدوحة في ليبيا.
وتحدث التقرير عن مخاطر التحالف التركي القطري، ودور هذا التحالف الهدام في عدة ملفات إقليمية ودولية، مؤكدة أن ليبيا واحدة من أولى الساحات التي شهدت وجودا قويا للتحالف القطري التركي، ودعمه للميليشيات المتطرفة.
وأوضح التقرير أن الصراع في ليبيا بدأ عام 2011، وكانت قطر أول دولة عربية تعترف رسميا بمتمردي ليبيا، وأرسلت المئات من قواتها لدعمهم.
وأكد التقرير الحديث أن الدوحة أشرفت على تدريب المقاتلين الليبيين في مناطق مختلفة من البلاد، وكان الدور القطري كبيرا لدرجة أن الليبيين في بعض المناطق باتوا يرفعون العلم القطري إلى جانب نظيره الليبي.
ووفقا للتقرير، الذي نقل عن فريق خبراء بالأمم المتحدة، سلمت الشركات التركية أسلحة إلى تحالف فجر ليبيا، تكتل ميليشيات متشددة، وأرسلت قطر أسلحة وأموالًا إلى المتشددين.
وأشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة أصدرت تقريرًا في مارس 2013، أوضح أن قطر أرسلت أسلحة للقوات المناهضة للقذافي عامي 2011 و2012، في انتهاك واضح لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة.
وذكرت المؤسسة الأميركية، ومقرها في واشنطن، أن الجيش الليبي يمتلك أدلة وشهودا وصورا من الأقمار الصناعية تثبت أن تركيا متورطة في توفير الأسلحة والذخيرة وحتى المقاتلين، لدعم الميليشيات الليبية، وأكد التقرير أنه رغم كل هذا الدعم والتحالف، إلا أن الدوحة وأنقرة لم تتمكنا من التأثير على أي ممثل ليبي كبير.
يأتي التقرير بعد توقيع اتفاقين بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة فايز السراج في طرابلس، بخصوص الحدود البحرية والتعاون الأمني، وواجها رفضا قاطعا من جانب دول المتوسط، على رأسها مصر واليونان وقبرص.