قانون إيراني جديد لعسكرة الإنترنت.. نشطاء يحذرون من تقويض مدمر للحريات

تواصل إيران قمع الحريات وتفرض عسكرة علي الإنترنت

قانون إيراني جديد لعسكرة الإنترنت.. نشطاء يحذرون من تقويض مدمر للحريات
صورة أرشيفية

وسط استمرار الاحتجاجات الشعبية في إيران، سعى البرلمان الإيراني للموافقة على مشروع قانون يضع الإنترنت تحت رقابة الحرس الثوري، ولاسيما بعدما كشفت مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت عن الانتهاكات الإيرانية الجسيمة بحق المتظاهرين.  

وكانت منظمة العفو الدولية أكدت في تقريرها، أول أمس الأربعاء، على أن السلطات الإيرانية تعمدت قطع خدمات الإنترنت لحجب ممارساتها وانتهاكاتها بحق المتظاهرين السلميين، حيث تناولت المنظمة سلسلة من مقاطع الفيديو التي تثبت تورط القوات الأمنية الإيرانية في إطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص. 

بنود القانون

وكان البرلمان الإيراني قد صوت، يوم الأربعاء الماضي، بالموافقة على مشروع قانون "تقييد الإنترنت" في البلاد، بـ121 صوتًا، وفقًا لما أفادت به صحيفة "إيران إنترناشيونال".

وبحسب الصحيفة، فمن المقرر إرسال المشروع إلى مجلس صيانة الدستور للنظر فيه، وفي حالة الموافقة عليه، سيتم تنفيذه على أساس تجريبي.

ويتعلق مشروع القانون بالإشراف على الإنترنت وتأميمه، ويخشى الإيرانيون والمجتمع الدولي من أن العديد من المنصات ستتوقف عن العمل.

وكانت صحيفة "اعتماد" اليومية أشارت إلى أن القانون الجديد يمكن أن يمنع الوصول حتى إلى محرك البحث "جوجل"، إضافة إلى ذلك، سيتم تسجيل كل مستخدمي الإنترنت. 

وسيتم حظر كل تطبيقات الشبكات الإلكترونية الخاصة التي يستخدمها الإيرانيون لتجاوز الرقابة والوصول إلى مواقع محظورة.

ويقول معارضو القانون: إنه يجعل من المستحيل تقريبا على السكان الوصول إلى الكثير من المواقع والتطبيقات التي يتم استخدامها على نطاق واسع والتي لا تخضع لسيطرة الحكومة.


كما سيطالب القانون جميع مستخدمي الإنترنت بالتسجيل لدى الدولة، وسيحظر استخدام الخوادم الوكيلة (البروكسي) التي يستخدمها الإيرانيون للوصول إلى المواقع الإلكترونية التي تحظرها الحكومة.

انتقادات واسعة

فيما أثار مشروع القانون الذي قدمه المتشددون في البرلمان الإيراني، انتقادات حادة في مختلف أنحاء إيران وخارجها أيضًا، خصوصًا وسط توقعات باستخدام حجب الإنترنت لحجب صوت التظاهرات الإيرانية التي تواجهها السلطات بعنف وحشي. 

ومن جانبهم، أعلن الناشطون الإيرانيون من السياسيين والمدنيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى عدد من السياسيين، عن رفضهم لمثل هذا القانون، الأمر الذي دفع رئيس البرلمان محمد باقر  قالبياف إلى الخروج في تصريحات إعلامية للدفاع عن قانون عسكرة الإنترنت الإيراني أثناء تواجده في زيارة إلى سوريا.  

رئيس البرلمان يدافع

وفي هذا الصدد، دافع باقر قاليباف عن القانون، قائلاً: "معظم المزاعم حول مشروع قانون الإنترنت غير صحيحة".

ونشر رئيس البرلمان منشورا على تطبيق إنستجرام لتهدئة المواطنين. وكتب على التطبيق، الخميس: "كل التقارير الإعلامية حول ذلك الأمر لا تعكس الحقائق".

كما أكد أنه لن يتم حظر التطبيقات الشهيرة مثل إنستجرام وواتساب بموجب القانون، إلا أن خبراء سيقومون بفحص "معاييرها التقنية"، مضيفًا أن البرلمان سيتخذ في نهاية المطاف قرارا عقلانيا.

أصوات معارضة

وكان اللافت هو خروج أصوات من داخل النظام الإيرانى لمعارضة قانون عسكرة الإنترنت، حيث أعرب سكرتير مجلس مصلحة النظام محسن رضائي، عن استغرابه من مشروع القانون في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الإيراني كافة أنواع المشاكل والمصاعب الاقتصادية.

كما حذر أمير كاظمي روح الله حضرت بور، عضو لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان، من أن مشروع القانون المريب سيضع ملايين الأعمال والشركات التي تستخدم الإنترنت في أزمة.

وكان نقل إدارة الإنترنت من وزارة الاتصالات الإيرانية إلى منظمة الدفاع السلبي التابعة للجيش فى العام 2018، أثار مخاوف كبيرة في ظل ما تشهده البلاد من تراجع في حرية التعبير، ولاسيما على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتزامن الإعلان عن مشروع القانون مع احتجاجات الأحواز وتمددها إلى عدد من المحافظات الإيرانية، وهى الاحتجاجات التي أثارت انتقادات واسعة للسلطات الإيرانية التي انتهجت استخدام العنف في مواجهة المتظاهرين وحجبت الإنترنت للتغطية على هذه الانتهاكات بحق المحتجين السلميين واستخدام القوة المميتة ضدهم، حسبما أكدت منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش. 

كما تأتي التشريعات الإيرانية الجديدة قبل أيام من تنصيب الرئيس الإيراني الجديد المتشدد إبراهيم رئيسي، لذا رأى مراقبون أنها تشريعات لتهيئة المناخ لمزيد من التشدد تماشيا مع توجهات الإدارة الجديدة، وأن المعارضة الداخلية جزء من لعبة سياسية أتقنها النظام في إيران على مدى سنوات.

ودائما كان الإنترنت شوكة في خاصرة الحكومة الإيرانية، خاصة وأنه يقوض سيطرة وسائل الإعلام التابعة للدولة، ويكشف عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات الإيرانية بحق المعارضة والاحتجاجات السلمية.