بعد مباحثات قطر.. من يقف وراء فشل اجتماع سد النهضة؟

فشل اجتماع سد النهضة

بعد مباحثات قطر.. من يقف وراء فشل اجتماع سد النهضة؟
جانب من المباحثات

عقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اجتماعا استثنائيا في العاصمة القطرية الدوحة الثلاثاء الماضي، من أجل بحث تطورات قضية سد النهضة، وذلك كون قطر رئيس اجتماعات الدورة العادية 155 لمجلس جامعة الدول.


ويأتي ذلك بعد أن أعلنت مصر مسار المفاوضات الحالية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي لن يحدث أي تقدم ملحوظ، منذ أن تصاعدت التوترات منذ تعثر المحادثات التي توسط فيها بين الدول الثلاث في أبريل الماضي.


وجددت القاهرة والخرطوم سابقا دعوة المجتمع الدولي من أجل المساعدة في حل نزاعهما المستمر منذ عقد مع إثيوبيا حول السد العملاق، الذي تشيده أديس أبابا على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل.


فيديو والد أمير قطر وفشل الاجتماع


وبخلاف ما روجته قطر عن مساعيها لحل الأزمة، انتشر فيديو لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، يعلق  فيه على الأحداث ويظهر انحيازه لإثيوبيا وموقفها ضد مصر  في ملف سد النهضة، ما اعتبره مراقبون أنها رسالة متعمدة، لإظهار عدم نية بلاده في إنهاء الخلاف مع قطر، فضلا عن محاولة رد العرفان لإثيوبيا المقربة من قطر، والتي رفضت الانضمام للمقاطعة المفروضة على الدوحة.


ويرى المراقبون  أن تسريب الفيديو جاء بعلم وموافقة أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، في ظل السياسات التي يفرضها النظام في الداخل  القطري  تحت أحكام الدولة البوليسية، التي تفرضها الدوحة على المواطنين وأفراد العائلة الحاكمة، فضلا عن أنه تم تصويره من داخل سيارة الأمير الوالد حمد بن خليفة، وهو ما يؤكد علم الأمير الوالد المسبق بالأسئلة، كما أن المصاحبين له هم مقربون من العائلة الحاكمة وأكثر الأشخاص الذين يحظون بثقة أمير قطر السابق.


وسبق أن أوردت تقارير إعلامية تمويل أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة، لسد النهضة، للإضرار بمصالح مصر المائية، حيث إنه أبرز الداعمين لإثيوبيا  ويمتلك نفوذا واسعا داخل إثيوبيا مكنه من دفع إثيوبيا لعرقلة مفاوضات سد النهضة والوقوف ضد مصر.


نتائج الاجتماع: التصعيد مجددا


عقب عقد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية، أعلن الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، بعد المناقشات أن الدول العربية تدعو مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة لبحث الخلاف بشأن اعتزام إثيوبيا ملء سد النهضة الذي شيدته على النيل الأزرق.

فيما حاول أحد المواقع المحسوبة على الدولة القطرية، دعم إثيوبيا على حساب مصر، حيث قال: إن القاهرة "تعول على الدور الدولي في التوصل لحل الأزمة، وبدا ذلك واضحا في قبولها لمخرجات مباحثات ثلاثية رعتها واشنطن، أواخر 2019، ولجوئها إلى مجلس الأمن الدولي صيف 2020، غير أن الأخير أحال ملف السد إلى الاتحاد الإفريقي، الذي فشل على مدار عام كامل في تحقيق أي تقدم يذكر في تقريب وجهات النظر".


وزعم أن: "ثمة معضلات تواجه مصر في التحرك الدولي، يرتبط بعضها بإثيوبيا التي تتحصن ضد المسارات القانونية والضغط الدولي بموجب إعلان المبادئ، الذي وقعه قادة مصر والسودان وإثيوبيا عام 2015، والتعاطف الدولي مع الأخيرة، بدعوى تعرضها لمجاعات بسبب الجفاف في العقود الماضية".


كما ادعى أيضا أن "الجانب المصري يتسم موقفه في الآونة الأخيرة بنوع من التردد وتناقض التصريحات الرسمية حول تداعيات السد، بما لا يجدي في الدبلوماسية والقانون الدولي، خلافا لغياب الإرادة السياسية وتباين رؤى القاهرة والخرطوم حول تأثيرات السد".


وزعم في تقرير آخر للموقع نفسه احتمال  توقف السد العالي المصري عن توليد الكهرباء، مدعيا: "أن هذا السيناريو يمكن أن يحدث في حالة وصل ارتفاع منسوب المياه إلى 159 مترا (أعلى من حوالي 12 مترًا من أدنى منسوب لخروج المياه) فستتوقف التوربينات عن توليد الكهرباء".

التصعيد لمجلس الأمن


فيما أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، وأحد الخبراء المتخصصين بأزمة سد النهضة، أن اجتماع وزراء الخارجية العرب خرج ببعض التوصيات، وهو يعتبر الثالث للجامعة العربية الذي يعلن تأييد حق مصر والسودان المائي ودعوة إثيوبيا للامتثال وتوقيع الاتفاق الخاص بتلك الأزمة.


وأضاف شراقي، في تصريحات خاصة، أن الجديد بالاجتماع الأخير هو شكر الاتحاد الإفريقي لرعايته المفاوضات لمدة عام، وإعلان التوجه لمجلس الأمن مرة أخرى بدعم عربي لمصر والسودان، من أجل سرعة حل الأزمة.

أهداف سياسية


وتابع شراقي: إن رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق ميليس زيناوي كان يرغب في أن يرتبط اسمه باسم مشروع كبير مثل سد النهضة، مثلما فعل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عند تشييده السد العالي، فأراد استغلال وجود 11 نهرا في أديس أبابا، وأقيم بها سد يسمى سد جيبه ٢ منذ عدة سنوات طوله 26 كيلومترا، ولكنه انهار مرتين أثناء إنشائه وقبل افتتاحه بسبب الفيضانات.


وأوضح أن إثيوبيا متخبطة حاليا بسبب ضعف الأعمال الهندسية بسد النهضة، ومساعيها أيضا لإجراء الانتخابات المرتقبة، وهو ما كان يمكن أن يجعلها ألا تقدم على تخزين المياه، ولكنها مضطرة لتخزين أي شيء لحماية الشعب الإثيوبي.


وأشار إلى أن الحكومة الإثيوبية استغلت الأوضاع الحالية لجذب الناخب من خلال تنفيذ وعودها بالملء الثاني وتشغيل الكهرباء، والوعد بإنشاء 100 سد على أحد روافد النيل الأزرق، رغم عدم قدرتها على تنفيذ ذلك.

السد العالي باق وأقوى من سد النهضة


فيما شدد الخبير المصري على أن السد العالي لن يتعطل أو يتأثر لأي سدد متعلق بسد النهضة، كونه أكبر من ذلك بكثير وقدراته تفوق غيره من السدود بإثيوبيا.


ولفت إلى أن وزير الري الإثيوبي أعلن أنه سيكون التخزين الثاني عند منسوب 570 عن سطح البحر، وعند ترجمته إلى كميات معناه أن أديس أبابا ستخزن أقل من 4 مليارات متر مكعب وهو أقل من السعة التخرينية المتوقعة المعلنة منذ أسابيع، والتي كانت معلنة أنها ستصل إلى 13 ونصف مليار، ما يكشف وجود مشاكل كبيرة بالبنية الهندسية للسد.


وأوضح أن الدولة المصرية اتخذت عدة تدابير قوية على مدار الفترة الماضية تحسبا لأسوأ سيناريو متوقع من إثيوبيا، لذلك نفذت إجراءات عديدة بترشيد استخدام المياه، وتحديد الزراعة وتدشين محطات إعادة استخدام مياه الصرف، تجنبا لمنع المياه من إثيوبيا عن مصر.


وكشف الدكتور عباس شراقي أن الأزمة الحقيقية بعد ذلك القرار الإثيوبي تكمن بالسودان وهو سد نسيرس الذي يلي سد النهضة، حيث كانت البلاد اتخذت إجراءات بأن يكون التخزين 13 مليارا لذلك وضع حسابات بأن تكفي المياه لذلك الأمر ومنع المياه لمدة شهر ونصف، ولكن مع التراجع عن الكمية المعلنة مسبقا، فأصبح التخزين يسبب مشاكل لملء السد السوداني الكبير، وعليها تفريغ جزء منه بأسرع وقت لأن الأمطار ستبدأ بيوليو، لذلك يجب سرعة إفراغه.