بين الغضب والتمييز والاستهجان... رحلة القطريين الشاقة لتلقي لقاح كورونا
يعاني القطريون رحلة تمييز في تلقي لقاح فيروس كورونا
مع إعلان قطر قدرتها على تلقيح مشجعي المونديال المرتقب، يتحدث قطريون عن أزمة أخرى تتعلق ببطء عمليات التلقيح مقارنة بدول العالم والمنطقة .
وأثارت تصريحات تلقيح مشجعي المونديال عبر مواقع التواصل الاجتماعي استهجان عدد من القطريين حيث تحتاج قطر حسب تغريدات القطريين إلى أعوام لاستكمال تلقيح جميع مواطنيها الذين لا يتخطى عددهم 3 ملايين نسمة.
ووفقا لجهاز التخطيط والإحصاء القطري بلغ عدد السكان في نهاية شهر فبراير 2021 نحو (2,661,000) نسمة إذا استمرت على المحسوبية والواسطة تحكم الحصول على اللقاح داخل قطر.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا بطء الحكومة في توفير اللقاح للمواطنين القطريين كأولوية، لاسيما كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والعاملين في القطاع الطبي والتعليمي، قبل توفيره للمشجعين الأجانب، مشددين على ضرورة توفير اللقاح للعمال المهاجرين الذين يعيشون بصفة شبه دائمة في البلاد، ما يعني زيادة فرص انتقال الوباء.
مواطنون يسخرون
وفي تغريدة ساخرة، قالت مواطنة قطرية تدعى منيرة عيسى: "الشكر الموصول لجهود حكومتنا الرشيدة في توفير كافة الاحتياجات اللازمة منذ بداية الجائحة. حتى الآن حققنا نسبة جيدة في عدد توزيع جرعات اللقاح رغم أن عدد المطعمين من المواطنين أصحاب الأولوية لا يتجاوز نصف عدد المطعمين من الفئات الأخرى".
وتشير تغريدة المواطنة القطرية إلى فجوة كبيرة بين تصريحات قطر والواقع الفعلي لعملية توزيع اللقاحات، وكيف أن أصحاب الأولوية من أصحاب الأمراض المزمنة أو القطاعات الطبية لا يتجاوز نصف المطعمين من الفئات الأخرى، في إشارة إلى المحسوبية التي توزعت اللقاحات في قطر على أساسها.
ووجه مواطن آخر سؤالا للحكومة قائلا: "إلى من يهمه الأمر.. مع التحية، هل لديكم أبناء أقل من 12 عاما؟ أكثر من عام ممنوعون من دخول المجمعات والألعاب والمطاعم إلى الآن، هل أبناؤكم لا يعانون من آثار نفسية نفس أبنائنا؟ وممنوعون من السفر لعدم حصولهم على اللقاح؟ ويعانون من الملل في البيوت؟ أم أبناؤكم من كوكب آخر؟!".
وطالبت أخرى بتغيير وزيرة الصحة على خلفية تفشي المحسوبية بالقطاع الصحي قائلة: أتمنى الوزيرة المحترمة اللي بس تنزل قرارات وهي ما تدري عن شي تثقف نفسها ولا يكون كل همها أن الصحه تاخذ رقم ١ في العالم على حساب الشعب، أتمنى يجي قرار تغيير وزير الصحة ومحد يكمل والا يمسك مكان لأنه يعرف فلان وواسطته قوية وحابينه."
وسجّلت قطر نحو 220 ألف إصابة بالفيروس بينها 583 حالة وفاة. وتعمل الدولة الخليجية حاليا على إعادة الحياة إلى طبيعتها مع التراجع عن بعض الإغلاقات التي فرضتها في وقت سابق لوقف انتشار الفيروس.
ومنذ إعلان رئيس الوزراء القطري الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني أنّ بلاده تسعى لتوفير مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا لمشجعي منتخبات بطولة كأس العالم بكرة القدم التي تستضيفها الدولة الخليجية العام المقبل غضب قطريون من تأخر حصولهم على اللقاح كما لم يشاهد القطريون الشيخ تميم بن حمد ورئيس وزرائه وهم يبدون استعدادهم لتوفير اللقاح لجميع المواطنين والمقيمين على غرار ما فعله العديد من زعماء العالم والمنطقة لطمأنة شعوبهم.
يقول رئيس الوزراء القطري في لقاء مع رؤساء تحرير صحف محلية: إنه بسبب "وجود احتمال عدم قدرة بعض الدول على تطعيم جميع مواطنيها، لن تسمح دولة قطر بدخول الجماهير للملاعب بدون تلقيهم التطعيم الكامل ضد الفيروس".
وأضاف: "لذلك نجري حاليا مفاوضات مع إحدى الشركات لتوفير مليون لقاح ضد فيروس كورونا من أجل تحصين وتطعيم بعض القادمين إلى بطولة كأس العالم".
تحذيرات العفو الدولية
وكانت التقارير الدولية نوهت من قبل إلى نفس مخاوف القطريين، وكشفت منظمة العفو الدولية فى تقرير سابق لها عن إصابة المئات من العمال في قطر بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، في وقت تحذر فيه من تفشي الوباء بسبب الظروف التي يعيشون فيها في المنطقة الصناعية بالدوحة.
وأوضحت المنظمة إغلاق أجزاء من المنطقة الصناعية في الدوحة، بعد تسجيل مئات الإصابات بفيروس كورونا في البلاد، كما طالبت قطر بعدم التمييز في الرعاية الصحية للمصابين بكورونا.
بطء وتقاعس
قال نائب مدير منظمة العفو الدولية للقضايا العالمية، ستيف كوكبيرن: "بينما يكافح العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا، فإن العمال المهاجرين المحاصرين في مخيمات مثل تلك الموجودة في قطر معرضون بشكل أكبر لتفشي الوباء بينهم".
وأضاف: "معسكرات العمل في قطر مزدحمة للغاية وتفتقر إلى المياه الكافية والصرف الصحي يعني أن العمال سيكونون حتما أقل قدرة على حماية أنفسهم من الفيروس. كما أن قرب العمال من بعضهم البعض في المخيمات الضيقة لا يسمح بأي نوع من الابتعاد الاجتماعي".
مخيمات غير آدمية
وكانت منظمة العفو الدولية زارت معسكرات العمل في المنطقة الصناعية بالدوحة، وتبين من خلال الزيارة الميدانية كيف يتم إيواء مجموعات كبيرة من العمال المهاجرين في مساكن سيئة للغاية، حيث ينامون في أسرة بطابقين في غرف مزدحمة مع سوء الصرف الصحي وأحياناً بدون كهرباء أو تشغيل ماء.
وبسبب المذكرات الداخلية وتنافيها مع تصريحات البروباجندا القطرية الدائمة من أجل الاحتفاظ بتنظيم المونديال، كانت صحيفة "فوكس نيوز" الأميركى طرح تساؤلاً بشأن حقيقة أرقام الإصابة بفيروس كورونا في قطر، لاسيما مع تعمد قطر إخفاء عدد الوفيات.
وكانت مطالب نقل بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 من قطر إلى دولة أخرى تزايدت بسبب تقرير حصلت عليه قناة "فوكس نيوز" Fox News، وكشفت فيه عن شكوك بشأن نزاهة تقارير الدوحة عن حالات كوفيد-19.
وبحسب الصحيفة الأميركية، كتبت منظمة "كورنرستون جلوبال" Cornerstone Global Associates، ومقرها لندن، فإن مذكرة داخلية أجرتها شركة إنشاءات رائدة في قطر تعمل في مشاريع كأس العالم لكرة القدم أثارت مخاوف من أن العديد من عمالها الذين أصيبوا بالفيروس توفوا، ولكن لم يتم الإبلاغ عن تلك الوفيات".
وأشارت المذكرة إلى أن المخاوف التي أثيرت تتماشى مع المخاوف بشأن التناقض الواضح بين عدد الإصابات ومعدل الوفيات، واستشهدت المذكرة الداخلية بإعادة جثث المتوفين إلى موطنهم الأصلي نيبال والهند. وهي ممارسة تتعارض مع توصيات السلطات الصحية المختلفة حول العالم. ويشير هذا أيضًا إلى أن السلطات القطرية أخطأت في الإبلاغ عن وفيات كوفيد-19، وبالتالي تضلل مجتمع الرعاية الصحية العالمي".
وحسبما نقلت "فوكس نيوز" فى تقريرها قبل أشهر، جاء في الوثيقة المكونة من 10 صفحات بعنوان "كوفيد -19" هل ستقام بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر؟": يلاحظ أنه "مع حلول منتصف أغسطس 2020، عانت قطر من أعلى معدل إصابة بفيروس كورونا في العالم لكل فرد من السكان".
وتبدو الفحوصات في قطر روتينية لا جدية فيها؛ إذ لم تكشف إلا عن 68 إصابة فقط، بحسب البيانات القطرية، وهو رقم لا يتناسب على الإطلاق مع توغل الجائحة ووجود الظروف التي تساعد على انتشار الوباء بين العمال المهاجرين على الأقل.
مراقبون أكدوا أن الدوحة تلجأ لتزييف الأرقام لطمأنة المجتمع الدولي ومواجهة تخوف دول العالم من تنظيم كأس العالم 2022 في الدوحة بؤرة تفشي كورونا بالمنطقة.