أوضاع كارثية في إثيوبيا.. تقدم جبهة تيجراي.. وحكومة آبي أحمد تواصل جرائمها بحق الشعب
تقدمت جبهة تيجراي علي قوات الجيش الإثيوبي
رغم مرور عام على معارك إقليم تيجراي، إلا أن الوضع في الإقليم الواقع شمال إثيوبيا، أصبح كارثيا أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي خلق معاناة كبيرة لأهالي الإقليم ولا تزال، حيث دخلت البلدة الإفريقية ذات العرقيات المتعددة في حالة حرب أهلية متعددة الأطراف، فقد تصاعد العنف والدمار في البلاد واقترب إلى حد ينذر بانهيار تام، بما يهدد بقاء إثيوبيا كدولة موحدة.
وتنذر التطورات الأخيرة في المشهد الإثيوبي بمشاهد أكثر مأساوية عما لاقتها منطقة القرن الإفريقي في بداية التسعينيات، فتطورات الحرب الإثيوبية التيجرانية دخلت في منطقة اللاعودة وتصاعد احتمالية اللجوء إلى خيار الإبادة الجنسية التي اختبرتها المنطقة سابقا في الحرب الأهلية الرواندية في عام 1994، فمؤخرا أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي حالة التعبئة العامة في الجيش الإثيوبي من خلال حث المدنيين على الانخراط في صفوف الجيش وقتال جبهة تحرير التيجراي التي يبغي استئصالها تماما باعتبارها عشبة ضارة على حسب توصيفه.
وذكرت دراسة لمركز فاروس للدراسات الإفريقية أنه على الجهة المقابلة تسعى قوات جبهة تحرير التيجراي إلى حشد المزيد من أنصارها وتعزيز مواقعها الأمامية خاصة في إقليم عفار وأمهرا وإبرام اتفاقيات مع الجماعات المتمردة الأخرى في البلاد أملا في إرهاق الجيش الإثيوبي، واستعادة ذكريات تشكيل اتحاد الجبهة الثورية التي كان لها الفصل في إسقاط نظام الدرك بقيادة منجستو في عام 1991.
أغراض انتهازية
وتابعت الدراسة: إنه اندلعت الأعمال القتالية في إقليم التيجراي في الرابع من نوفمبر العام الماضي عندما ادعت الحكومة الفيدرالية مهاجمة قوات جبهة تحرير التيجراي لأحد المواقع العسكرية ونهب سلاحها؛ ما أدى لدخول الجيش الإثيوبي المدعوم من إريتريا مناطق شمال إثيوبيا وخاصة العاصمة ميكيلي وطرد قادة التيجراي منها إلى الجبال والأودية.
ولفتت الدارسة أنه سرعان ما تبدلت الأوضاع تماما في نهاية شهر يونيو 2021 أي خلال إجراء الانتخابات العامة وبدأت جبهة تحرير التيجراي في استعادة تفوقها الحربي ونجحت في استعادة العاصمة ميكلي وأسر الآلاف من قوات الجيش ونجحت أيضا في تطوير هجومها في نهاية يوليو الماضي من خلال الاستيلاء على بعض المناطق في إقليم عفار في محاولة لقطع الطريق على الحكومة الفيدرالية لتجنيد المزيد من شباب الأورومو ومحاولة تهديد الطريق الواصل بين أديس أبابا وجيبوتي الشريان التجاري الأبرز في البلاد.
لكن ثمة تحليلات سابقة أن أشارت إلى أن تقهقر الجيش الفيدرالي في يونيو/ يوليو من العام الماضي تم لأغراض انتهازية لآبي أحمد؛ إذ رغب أولا في تأمين إجراء الانتخابات العامة التي توفر له الشرعية السياسية والقانونية المناسبة للتحدث أمام المجتمع الدولي وثانيا لأجل تعقيد الأزمة الإنسانية في الإقليم ورفع مسؤوليته السياسية عنه وإلصاقها بجبة تحرير التيجراي التي باتت تسيطر على الإقليم وأيضا تفادي لأي عقوبات دولية بسبب المجاعة المحتملة في الإقليم، كما أن عملية الانسحاب الأخيرة ترافقت مع موسم الأمطار وموسم الزراعة وتجدد الحرب حاليا يترافق مع بداية موسم الحصاد المقرر ابتداؤه في شهر سبتمبر المقبل؛ الأمر الذي يهدد بفشل محصول الزراعة هذا العام مما ينذر بكارثة إنسانية كبرى في الإقليم على غرار المجاعة التي ضربت إثيوبيا عامي 1984 و1985 والتي أدت إلى وفاة مليون شخص تقريبا لنقص الغذاء والعطش في البلاد.
معاناة المواطنين
وتشير تقارير برنامج الغذاء العالمي حاليا إلى معاناة 300 ألف شخص في منطقة التيجراي من مستويات طائرة من الجوع، في حين يوجد 400 ألف آخرين على شفا مجاعة حقيقية، فيما يحتاج 4.8 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ومن المؤكد أن تلك الأرقام ستتضاعف بطريقة جنونية خلال الشهر القادم في حال فشل موسم الحصاد بسبب الحرب الأهلية الدائرة.
لذا ترى الدراسة أن آبي أحمد امتلكته أغراض انتهازية؛ إذ تلاعب بالوضع الإنساني في البلاد لممارسة المزيد من الضغوط على جبهة تحرير التيجراي وإرغامها على الاستسلام والتهديد بإفشال موسم الحصاد والذي إن حدث سيؤدي إلى حالة إبادة جماعية في التيجراي بسبب انتشار المجاعة.
وأكدت الدراسة أنه باتت دول القرن الإفريقي حاليا في حالة ترقب شديد لما ستؤول إليه الأمور نظرا لكون إثيوبيا دولة محورية, أن زعزعة استقرارها الأمني سيؤدي في النهاية إلى انتقال عدوى عدم الاستقرار إلى بقية الدول التي يعاني بعضها من تذبذب في عملية الاستقرار السياسي والأمني، في حين يعاني البعض الآخر من عدم الاستقرار كالصومال، وعلى جانب آخر فتح الصراع الأخير سوقا واعدة للسلاح تنتهزه الدول المنتجة للسلاح.
معاناة الشعب الإثيوبي
وتواصل السلطات الإثيوبية تعنتها وتقييدها لحركة المسؤولين الأمميين في البلاد، الذين يسعون لكشف حقائق الانتهاكات التي تحدث في حرب تيجراي، ويرصدون معاناة الشعب الإثيوبي من الأزمات الإنسانية التي تضربهم إثر الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
التعنت الإثيوبي
وفي أحدث سلسلة التعنت الإثيوبي بحق المسؤولين الأمميين، كشف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن 22 موظفًا محليًا تابعين للأمم المتحدة احتجزوا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وذكر دوجاريك، في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أن مسؤولي الأمن التابعين للأمم المتحدة زاروا الموظفين المحتجزين وطلبت الأمم المتحدة من وزارة الخارجية الإثيوبية إطلاق سراحهم على الفور.
وقال: إن عمليات الاعتقال جرت خلال مداهمات شنتها السلطات الإثيوبية في العاصمة أديس أبابا، مضيفًا أنه تم الإفراج عن 6 أشخاص، لكن لا يزال هناك 16 رهن الاعتقال.
واشتد الصراع في إثيوبيا بين الحكومة وقوات تيجراي وجيش أورمور، وسط تهديدات مستمرة من المتمردين بالزحف نحو العاصمة إذا لزم الأمر لإسقاط حكومة آبي أحمد.
وفي 2 نوفمبر الجاري، أعلنت إثيوبيا حالة الطوارئ على المستوى الوطني، ويسمح هذا الإعلان للحكومة بالقبض التعسفي، دون أمر من المحكمة على أي شخص يشتبه في تعاونه مع جماعة إرهابية.
تقدم تيجراي
فيما رصد تقرير لمؤسسة ماعت جروب، التطورات في تيجراي وجرائم إثيوبيا ضد شعبها وضد إقليم تيجراي، وماحدث على مدار الأيام الماضية من تعنت مستمر من الحكومة الإثيوبية.
ولفت التقرير أن منذ اندلاع الأزمة الإثيوبية وهناك تهديدات مستمرة بحق الشعب الإثيوبي، وهو ما يؤكد فشل الحكومة الإثيوبية من التعامل مع الأزمات، وتقدم جبهة تيجراي في السيطرة على الأوضاع في إثيوبيا.
وضع كارثي
وأكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، أن الصراع القائم في إثيوبيا يدفع بالوضع الإنساني الكارثي بالفعل في المنطقة إلى "حافة الهاوية"، داعية جميع الأطراف المشاركة في الصراع المتصاعد في تيجراي إلى وقف القتال على الفور.
وشهد إقليم تيجراي، في نوفمبر الماضي، مواجهات عسكرية استمرت لنحو 3 أسابيع أطاحت بجبهة تحرير تيجراي عقب دخول قوات الجيش الإثيوبي، فيما تصاعد التوتر من جديد في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة بعدما سيطرت قوات تيجراي على مدينتي "كومبولوتشا" و"ديسي" الإستراتيجيتين قبل أيام؛ ما استدعى حالة من الاستنفار داخل الحكومة الفيدرالية التي حثت المواطنين في العاصمة الإثيوبية على التسلح لمقاتلة قوات تيجراي المتجهة صوب أديس أبابا، وسط فشل الجهود الدولية الرامية إلى فرض وقف لإطلاق النار.