إيلون ماسك يغادر إدارة ترمب.. بين الإحباط السياسي وخسائر تسلا
إيلون ماسك يغادر إدارة ترمب.. بين الإحباط السياسي وخسائر تسلا

بعد أربعة أشهر مضطربة من العمل ضمن الدائرة المقربة من الرئيس دونالد ترامب، قرر الملياردير إيلون ماسك الانسحاب بهدوء من المشهد الحكومي الأمريكي، تاركًا وراءه مزيجًا من الانقسام والتساؤلات.
تولّى ماسك رئاسة وزارة غير تقليدية تُدعى "كفاءة الحكومة" (DOGE)، مهمتها تقليص النفقات الفيدرالية وتفكيك البيروقراطية، لكنه خرج منها محمّلاً بالإحباط من الأداء السياسي، وبتكلفة باهظة على صورته العامة وشركاته الخاصة، وبينما رحّب البيت الأبيض بمساهمته، يرى منتقدون أن ما بدأ كمحاولة جريئة لإعادة هندسة الدولة الفيدرالية انتهى بانقسام داخلي وخسائر ملموسة.
انسحاب ماسك لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان لافتًا، فهو الملياردير الذي دخل الحكومة بلا تفويض شعبي، لكنه خرج منها وكأنه كان الوزير الأهم.
*نهاية علاقة غير تقليدية بين وادي السيليكون وواشنطن*
في مساء الأربعاء، وعبر منشور مقتضب على منصته "إكس"، أعلن إيلون ماسك انتهاء فترته كـ"موظف حكومي خاص" في إدارة الرئيس ترمب، منهيًا بذلك واحدة من أكثر التجارب المثيرة للجدل في العلاقة بين المال، والسياسة، والحكم.
هذه الخطوة جاءت في لحظة تعاظمت فيها الضغوط على ماسك، سواء من المستثمرين أو الرأي العام أو حتى من داخل إدارة ترمب نفسها.
القرار لم يكن مفاجئًا تمامًا، إذ سبقه تراكم من الإشارات والتصريحات المبطنة حول "الإحباط من واشنطن" و"الضغوط غير العادلة" التي تعرّض لها.
لكن خلف الكواليس، هناك أكثر من مجرّد خيبة أمل شخصية، فبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن ماسك كان قد أبدى امتعاضه من مشروع الميزانية الجديد الذي طرحه ترمب، مشيرًا أنه سيزيد من العجز بدلًا من تقليصه.
كما اشتكى من صفقة مشبوهة منحت شركة منافسة عقدًا لبناء مركز بيانات في الشرق الأوسط، رغم تقديم تسلا عرضًا تقنيًا أفضل، على حد وصفه.
*تسريح أكثر من ربع مليون موظف*
ماسك، الذي وصف نفسه سابقًا بـ"الصديق الأول للرئيس"، بدا خلال الأسابيع الماضية وكأنه يعيد التموضع السياسي.
علاقته بترمب ظلت، بحسب المصادر، جيدة، لكنها لم تعد قائمة على الشراكة اليومية. الملياردير الذي وعد بدعم انتخابي سخي قدره 100 مليون دولار لم يفِ بتعهده حتى الآن، ما زاد من غموض دوافعه وانسحابه.
لكن تأثير ماسك لم يكن رمزيًا فقط، فمنذ توليه رئاسة وزارة كفاءة الحكومة، أشرف على واحدة من أكبر عمليات تقليص الجهاز الإداري في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، حيث تم تسريح نحو 260 ألف موظف، أي ما يعادل 12% من إجمالي العاملين الفيدراليين.
هذه الخطوة، التي رآها ترمب ضرورية "لتنظيف المستنقع البيروقراطي"، أثارت موجة استياء شعبي واحتجاجات قانونية، كما أحرجت المشرعين الجمهوريين في قواعدهم الانتخابية.
*تكاليف باهظة*
ورغم دفاع ماسك عن خطواته، قائلاً: إنها كانت "جزءًا من رؤية إصلاحية جريئة"، فإن كثيرين رأوا في وجوده بالحكومة محاولة لتقنين سلطته الاقتصادية في المجال السياسي، وربما حتى لمعادلة نفوذ شركات منافسة.
وبينما رحّب ترمب بمنهج ماسك "غير التقليدي"، فإن التكاليف السياسية والاقتصادية لهذا الوجود كانت باهظة.
تسلا نفسها، حسب تقديرات مالية، خسرت ما يزيد عن 14 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ إعلان ماسك انضمامه للحكومة، بسبب المخاوف من تشتته بين السياسة والعمل، فضلاً عن تراجع ثقة بعض المستثمرين في قراراته.
وفي حوار مع آرس تكنيكا، قال ماسك: "قضيت وقتًا أطول مما ينبغي في السياسة، كان الأمر مجرد تخصيص نسبي للوقت، وقد بالغت قليلاً.
هذه التصريحات تعكس تحولًا لافتًا في موقفه، بعد أن كان يُنظر إليه على أنه الرجل القادر على ترجمة عقلية وادي السيليكون إلى إدارة حكومية أكثر فاعلية.