الشرق الأوسط بين تركة بايدن و مراهنات ترامب.. مسار ملتهب وتحديات متجددة
الشرق الأوسط بين تركة بايدن و مراهنات ترامب.. مسار ملتهب وتحديات متجددة
مع اقتراب عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يبدو الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة من التحولات الجيوسياسية المعقدة، خاصة في ظل الإرث الثقيل الذي تركته إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.
شهدت السنوات الأربع الماضية تحولات جذرية في ديناميكيات المنطقة، حيث سعت إدارة بايدن إلى إعادة ترتيب الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة.
وبينما أكد بايدن أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر قوة وموثوقية، إلا إن الواقع في الشرق الأوسط يشير إلى تحديات متزايدة لم تُحسم بشكل نهائي.
تحديات متراكمة
أصبحت التوترات الإقليمية أكثر تعقيداً مع استمرار الأزمات الكبرى، مثل الملف النووي الإيراني، والحرب في اليمن، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبينما سعت إدارة بايدن إلى استعادة دور واشنطن كوسيط دولي موثوق، إلا أن الانقسامات الداخلية في المنطقة، إلى جانب صعود قوى إقليمية ودولية أخرى، ساهمت في تعقيد المشهد.
تراجع الدور الأمريكي التقليدي في بعض القضايا أثار تساؤلات حول قدرة واشنطن على قيادة التفاهمات الإقليمية بفعالية. وفي المقابل، استغلت بعض القوى الإقليمية الفراغ النسبي لإعادة تشكيل أدوارها في المنطقة، ما أضاف مزيداً من التوترات.
عودة ترامب وتأثيرها المحتمل
تثير عودة ترامب المرتقبة مخاوف وآمالاً في آنٍ واحد. فمن جهة، قد يسعى ترامب إلى إعادة تفعيل سياسته السابقة القائمة على "الضغط الأقصى" تجاه إيران، وهي سياسة تسببت في تصعيد كبير خلال ولايته الأولى.
ومن جهة أخرى، قد تكون هناك محاولات لإعادة إحياء اتفاقيات السلام الإبراهيمية التي أُطلقت خلال إدارته، بهدف تحقيق استقرار نسبي في العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل.
آفاق السلام والتحديات المستقبلية
على الرغم من الجهود الدولية لتحقيق السلام في المنطقة، ما تزال القضايا الجوهرية، مثل حقوق الفلسطينيين، والانقسامات الداخلية في العديد من الدول العربية، تمثل عوائق أمام أي تقدم ملموس.
ومع تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة في إسرائيل، يزداد تعقيد فرص تحقيق تسوية دائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أما على الجانب الآخر، فإن الأوضاع في اليمن وسوريا تبقى قضايا ملحة تتطلب تدخلات دولية أكثر فعالية لإنهاء المعاناة الإنسانية المستمرة وتجنب المزيد من التصعيد.
مع انتقال السلطة في الولايات المتحدة، ستكون المرحلة المقبلة اختباراً حقيقياً لاستراتيجية واشنطن في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط.
وبينما تتطلع المنطقة إلى دور أمريكي أكثر وضوحًا واستقراراً، فإن التحولات المستمرة على المستويين الإقليمي والدولي تجعل تحقيق هذا الهدف أكثر تعقيداً.
أوضح المحلل السياسي الكويتي فهد الشليمي، أن الأزمات التي تواجهها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط هي إرث ممتد منذ عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، مرورًا بإدارة باراك أوباما، حيث تراكمت المشكلات دون حلول جذرية.
وقال: "الآن بايدن يرث أزمات عدة في المنطقة، منها الملف النووي الإيراني وتداعياته، والصراع العربي الإسرائيلي الذي تطور إلى صراع فلسطيني إسرائيلي، بالإضافة إلى الحرب في اليمن".
وأضاف الشليمي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن "جوهر الصراعات في الشرق الأوسط يكمن في القضية الفلسطينية.
للأسف، الإخوة الفلسطينيون أضاعوا فرصًا عديدة لتحقيق تقدم حقيقي في الماضي بسبب الانقسامات الداخلية والتشتت والولاءات المزدوجة. هذه الانقسامات حالت دون تحقيق نتائج ملموسة للشعب الفلسطيني وأضاعت عليهم العديد من الفرص التاريخية".
وأشار الشليمي، أن السياسة الأمريكية في عهد دونالد ترامب ركزت على التحديات العالمية الكبرى، خاصة التحدي الصيني، موضحًا: "إدارة ترامب وضعت التحدي الصيني في مقدمة أولوياتها، سواء على مستوى العجز التجاري، أو التطور التكنولوجي الصيني، أو الاتصالات، إضافة إلى بحر الصين وتايوان. ترامب كان يسعى لتخفيف الأزمات في الشرق الأوسط من خلال مبادرات سلام مثل الاتفاقيات الإبراهيمية، بهدف تحقيق استقرار يمكن المنطقة من التفرغ للتنمية".
وفيما يتعلق بالوضع الحالي، قال الشليمي: "السلام الإقليمي يعتمد بشكل كبير على معالجة قضايا الشعب الفلسطيني بطريقة عادلة وتنظيم حقوقهم. المشكلة الأساسية ليست في الجانب العربي، بل في التيار اليميني المتطرف في إسرائيل. نحتاج إلى حكومة إسرائيلية قادرة على تحمل مسؤولياتها وتوقيع اتفاقيات سلام حقيقية بعيدًا عن التطرف".
وختم الشليمي حديثه قائلاً: "الفرصة ما زالت قائمة لتحقيق تفاهمات تضمن السلام والاستقرار في المنطقة، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، وخصوصًا من الجانب الإسرائيلي، لتجاوز حالة الجمود الحالية التي تعرقل التقدم نحو سلام شامل وعادل".