سوريا ولبنان في دائرة التهديد.. ضم الأراضي خطوة إسرائيلية تهدد بإشعال المنطقة
سوريا ولبنان في دائرة التهديد.. ضم الأراضي خطوة إسرائيلية تهدد بإشعال المنطقة
تواصل إسرائيل دفع حدود طموحاتها الجغرافية، مدفوعة بتيار اليمين المتشدد الذي يرى في التوسع الإقليمي ضمانًا لبقاء دولة "إسرائيل الكبرى"، وتأتي الاجتماعات المكثفة التي يجريها وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، مع فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في واشنطن، لتؤكد أن الضم لم يعد يقتصر على الضفة الغربية فقط، بل تشير تقارير متزايدة إلى أن إسرائيل قد تتطلع إلى ضم أراضٍ في سوريا ولبنان، مستغلة الأوضاع الإقليمية المعقدة والدعم الذي قد توفره إدارة أمريكية متعاطفة.
تهديد استقرار المنطقة
يبدو أن نتنياهو يسعى جاهدًا لتوسيع رقعة "الحلم الإسرائيلي" ليشمل أراضٍ تتجاوز الضفة الغربية، وقد يكون هذا التحرك مدفوعًا بوعود قدّمها ترامب خلال حملته الانتخابية لعام 2024، حيث تعهد بتقديم الدعم لإسرائيل في ما وصفه بتوسيع حدودها الإقليمية.
هذه الخطوات تثير مخاوف دولية وإقليمية بشأن مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصًا أن تنفيذ هذه الخطة لن يمر دون عواقب وخيمة على علاقات إسرائيل بدول الجوار وعلى الأوضاع الداخلية في إسرائيل نفسها.
في ضوء ذلك، تلوح في الأفق سيناريوهات معقدة تهدد استقرار المنطقة، بدءًا من تدمير الأمل في حل الدولتين وصولاً إلى تداعيات واسعة على المستوى الدولي، تشمل عقوبات محتملة وضغوطات دبلوماسية.
التداعيات الداخلية لخطط الضم
على الساحة الداخلية الإسرائيلية، قد تؤدي محاولات الضم إلى تصاعد الانقسامات السياسية، فاليمين الإسرائيلي، الذي يرى في هذا الضم خطوة نحو تحقيق رؤيته لدولة إسرائيل الكبرى، يواجه معارضة قوية من الأحزاب اليسارية والوسطية التي تحذر من عواقب هذه الخطوة.
هذه الأحزاب تؤكد أن ضم أراضٍ جديدة، سواء كانت في الضفة الغربية أو أبعد من ذلك، قد يعمق الأزمة الديموغرافية لإسرائيل، التي ستجد نفسها مضطرة إما لمنح الفلسطينيين حقوقًا متساوية، ما قد يهدد الطابع اليهودي للدولة، أو فرض نظام فصل عنصري، وهو ما سيؤدي إلى إدانة دولية واسعة.
في هذا السياق، يرى المراقبون، أن إسرائيل تواجه ثلاث خيارات صعبة: إما منح الفلسطينيين في المناطق المضمومة حقوقًا متساوية، أو فرض نظام تمييز صارم، أو الدفع نحو تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار، وهو خيار يحذر الكثيرون من تبعاته الكارثية على العلاقات الإقليمية.
التأثير على العلاقات الدولية
خطط الضم الإسرائيلية لن تمر دون تداعيات على المستوى الدولي، فمن المتوقع أن تواجه إسرائيل موجة من الإدانة من جانب المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية والأوروبية التي ترفض بشدة أي خطوة من شأنها تهديد حل الدولتين.
وفقًا لتقارير عديدة، فإن الاتحاد الأوروبي قد يلجأ إلى فرض عقوبات على إسرائيل أو حتى الضغط لقطع العلاقات التجارية مع المستوطنات في الضفة الغربية.
ورغم أن ترامب قد يقدم الدعم السياسي لهذه الخطوة، إلا أن العلاقات الإسرائيلية-الأوروبية قد تدخل في مرحلة من التوتر غير المسبوق، خصوصًا أن الدول الأوروبية التي تدعم حل الدولتين قد تتحرك لفرض إجراءات عقابية للضغط على إسرائيل للتراجع عن خطواتها.
الأبعاد الإقليمية.. سوريا ولبنان في دائرة الخطر
تتزايد التقارير التي تشير إلى أن مخطط الضم الإسرائيلي قد يتجاوز الضفة الغربية ليشمل أراضٍ في سوريا ولبنان، يشير مراقبون أن نتنياهو يسعى لاستغلال الدعم الأمريكي المتوقع من إدارة ترامب لتحقيق مكاسب جغرافية جديدة على حساب الأراضي السورية واللبنانية، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة.
وفي هذا السياق، قد تواجه إسرائيل تهديدات مباشرة من حزب الله في لبنان، الذي يعدّ أي توسع إسرائيلي في الجنوب اللبناني خطًا أحمر، كما أن أي محاولة لضم أراضٍ سورية، قد تؤدي إلى مواجهات جديدة بين إسرائيل والنظام السوري، الذي قد يجد في هذه الخطوة فرصة لحشد الدعم الداخلي والخارجي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
نهاية حل الدولتين وتصاعد العنف
ضم الضفة الغربية يعني بشكل فعلي نهاية أي فرصة لتحقيق حل الدولتين، ويرى مراقبون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تصعيد التوترات مع الفلسطينيين الذين سيرون فيها نهاية لأي أمل في السلام، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اندلاع انتفاضات جديدة وموجات عنف في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد يمتد العنف إلى الداخل الإسرائيلي نفسه مع تصاعد الغضب في المدن العربية داخل إسرائيل.
وعلى المستوى الإقليمي، قد تواجه الدول التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل، مثل الإمارات والبحرين، ضغوطات شعبية وسياسية لإعادة النظر في تلك الاتفاقيات، وهو ما قد يعيد خلط الأوراق في العلاقات العربية-الإسرائيلية بشكل جذري.
الخسائر الاستراتيجية
يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن خطة الضم قد تحقق مكاسب سياسية على المدى القصير لنتنياهو، الذي يسعى لتعزيز موقفه الداخلي، إلا أن التكاليف الإستراتيجية قد تكون أكبر بكثير، مضيفًا أن المرجح أن تجد إسرائيل نفسها في عزلة دولية متزايدة، مع تصاعد الانتقادات والعقوبات المحتملة.
وأضاف المنجي -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن مخطط الضم الإسرائيلي لا يهدد فقط الاستقرار الإقليمي، بل يمثل تغييرًا جذريًا في قواعد اللعبة الدولية، ويقول: إن هذه الخطوة، إذا ما تم تنفيذها، ستدفع المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراع المفتوح، قد تمتد تأثيراتها إلى سنوات قادمة.
وأوضح المنجي، أن المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الأوروبية، قد يواجه ضغوطًا غير مسبوقة لاتخاذ موقف حازم، إلا أن التجارب السابقة تشير إلى ضعف الرد الفعلي على السياسات الإسرائيلية.
وتابع، هذا التوجه الإسرائيلي يضع مستقبل القضية الفلسطينية أمام تحديات غير مسبوقة، وهو ما يتطلب تحركًا عاجلًا من الأطراف العربية والدولية لإعادة التوازن إلى الساحة السياسية.