تصعيد في الضفة: اعتقالات وقمع وتدنيس للمقدسات برعاية الاحتلال
تصعيد في الضفة: اعتقالات وقمع وتدنيس للمقدسات برعاية الاحتلال

تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، حيث تُكثف قوات الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين، في مشهد يومي يعكس تصاعد الاستهداف الممنهج ضد السكان والمقدسات، لا تقتصر الانتهاكات على الاعتقالات التعسفية، بل تمتد لتشمل الاعتداء على الممتلكات، واقتحام القرى والمخيمات، وإصدار أوامر هدم تطال المنازل والمنشآت، فيما يُواصل المستوطنون ممارساتهم الاستفزازية بتدنيس المساجد والاعتداء على المصلين، وفي ظل هذا التصعيد، تتزايد المخاوف من انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، وسط صمت دولي يتيح لإسرائيل المضي قدمًا في سياستها القمعية دون أي محاسبة.
*حملات اعتقال واقتحامات متصاعدة*
شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في مدن وبلدات الضفة الغربية، أسفرت عن اعتقال 21 فلسطينيًا على الأقل، بينهم أسرى محررون، وذلك بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها بوحشية، مخلفة دمارًا وخسائر في الممتلكات.
وفي محافظة الخليل وحدها، اعتقلت القوات الإسرائيلية 12 فلسطينيًا خلال اقتحامات نفّذتها فجرًا، وسط مواجهات عنيفة اندلعت بين الشبان الفلسطينيين والجنود المدججين بالسلاح.
لم تقتصر الحملة على الاعتقالات فقط، بل أقدمت قوات الاحتلال على إطلاق قنابل الغاز السام داخل الأحياء السكنية، ما أدّى إلى إصابة عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق، خاصة في منطقة الظهر جنوب الخليل، حيث تعمدت القوات استهداف المنازل أثناء تناول السكان وجبة السحور، في خطوة وُصفت بالمتعمدة لإرهاب المدنيين.
*استهداف الأسواق والبنية الاقتصادية الفلسطينية*
في إطار سياستها الممنهجة لتضييق الخناق على الفلسطينيين، استهدفت قوات الاحتلال بسطات تجارية في بلدة عناتا شمال شرقي القدس المحتلة، حيث دمرت وأتلفت بضائع التجار، وصادرت محتوياتها، مما ألحق خسائر جسيمة بالعاملين في القطاع التجاري.
هذا الاستهداف المستمر يهدف إلى تقويض سبل العيش الفلسطيني في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة نتيجة الحصار والإغلاق الإسرائيلي.
كما داهمت قوات الاحتلال بلدة العيسوية ومخيم شعفاط، حيث سلمت أوامر هدم لعدة منازل ومنشآت فلسطينية، في خطوة تزيد من معاناة السكان وتتركهم في مواجهة خطر التهجير القسري.
*تدنيس المقدسات والاعتداء على المصلين*
لم تتوقف الاعتداءات عند الاعتقالات والمداهمات، إذ واصل المستوطنون انتهاكاتهم للمقدسات الإسلامية، حيث اقتحم أربعة مستوطنين، بعضهم يرتدي زيًّا عسكريًا، مسجد بيت الشيخ في خربة طانا شرق نابلس، أثناء أداء المصلين لصلاة العشاء والتراويح.
المستوطنون لم يكتفوا بالاقتحام، بل قاموا بالاعتداء على المصلين، في مشهد يعكس التصعيد الممنهج ضد المقدسات الإسلامية تحت حماية جيش الاحتلال.
*تصعيد ممنهج وصمت دولي*
تأتي هذه الاعتداءات في سياق تصعيد إسرائيلي مستمر في الضفة الغربية، حيث يُواجه الفلسطينيون مزيجًا من الاعتقالات التعسفية، والتدمير الممنهج للممتلكات، والاعتداءات على المقدسات، وسط غياب أي تحرك دولي لوقف هذه الانتهاكات.
من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، إن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية ليس مجرد إجراءات أمنية كما تُروج له الحكومة الإسرائيلية، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى إعادة رسم الواقع الديموغرافي والجغرافي للضفة، عبر تقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة مستقبلًا.
ويضيف المنجي - في حديثه لـ"العرب مباشر" - أن الاستهداف المتكرر للمقدسات الإسلامية، والممارسات القمعية بحق السكان، يندرج ضمن محاولات فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، وإجبارهم على القبول بحكم ذاتي محدود دون سيادة حقيقية.
ويُشير إلى أن الاعتداءات على الأسواق والمنشآت التجارية ليست عشوائية، بل تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، وإجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية تحت وطأة التضييق المعيشي.
وحذر المنجي من أن غياب الردع الدولي واستمرار الصمت يمنح إسرائيل ضوءًا أخضر لمواصلة مخططها التوسعي، مشددًا على أن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف جاد لوقف هذه الانتهاكات، قبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة، مما قد يُؤدي إلى انفجار جديد في الأراضي المحتلة.