الاتحاد الأوروبي يدرس النموذج القبرصي لتجميد الحرب الأوكرانية

الاتحاد الأوروبي يدرس النموذج القبرصي لتجميد الحرب الأوكرانية

الاتحاد الأوروبي يدرس النموذج القبرصي لتجميد الحرب الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

في ظل استمرار الحرب الأوكرانية للعام الثالث على التوالي، يبحث الاتحاد الأوروبي عن مخرج دبلوماسي يُحقق توازنًا بين دعم كييف ومنع التصعيد مع موسكو، وبرزت فكرة تطبيق "النموذج القبرصي"، كخيار لتجميد النزاع دون الاعتراف رسميًا بسيادة روسيا على الأراضي التي تُسيطر عليها، تقوم هذه الخطة على السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مع استبعاد عضويتها في حلف "الناتو"، ما يعكس محاولة أوروبية لتقديم حل وسط يضمن استمرار الدعم لكييف دون مواجهة مباشرة مع موسكو، ورغم أن هذا النموذج أثبت فاعليته في قبرص لعقود، إلا أن تطبيقه على الملف الأوكراني يواجه تحديات كبيرة، لا سيما في ظل موقف روسيا المتشدد ورفضها لأي تسوية لا تمنحها اعترافًا دوليًا بمكاسبها الميدانية، في هذا السياق، يترقب العالم تطورات اجتماع سعودي أمريكي أوكراني، حيث يسعى زيلينسكي إلى تحصيل دعم إضافي من واشنطن، وسط جمود سياسي قد يعيد رسم مستقبل النزاع.  

"النموذج القبرصي"


يسعى الاتحاد الأوروبي إلى بلورة مقاربة دبلوماسية جديدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معتمدًا على تجربة "النموذج القبرصي"، وفق ما أفادت به تقارير إعلامية عالمية. هذه المبادرة تستند إلى إبقاء النزاع في حالة تجميد، مع استمرار الدعم الغربي لكييف، دون منح موسكو اعترافًا قانونيًا بالمناطق التي سيطرت عليها منذ بداية الحرب.  


تعتمد الخطة الأوروبية على السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، رغم استمرار الاحتلال الروسي لبعض أراضيها، في حين يتم استبعاد عضويتها في "الناتو"، تجنبًا لمزيد من التصعيد.
ويستند هذا المقترح إلى تجربة قبرص التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 رغم استمرار الاحتلال التركي لشمال الجزيرة، دون اعتراف دولي بحكومة "جمهورية شمال قبرص التركية".  

جدل حول جدوى النموذج القبرصي


يمثل هذا الطرح الأوروبي محاولة لإيجاد تسوية واقعية، إلا أنه يواجه تحديات جوهرية، أبرزها الموقف الروسي الذي يصر على ترسيخ سيادته على المناطق التي ضمها، إلى جانب المخاوف الأوكرانية من أن يتحول تجميد النزاع إلى أمر واقع دائم، يحرمها من استعادة أراضيها.  

وفي هذا السياق، يرى محللون أن تطبيق "النموذج القبرصي" في أوكرانيا قد يحقق استقرارًا مؤقتًا، لكنه لن يُحقق سلامًا دائمًا، إذ إن النزاع سيظل قائمًا دون حل جذري، ما قد يُؤدي إلى جولات أخرى من التوتر والمواجهات مستقبلًا.  

تحركات دبلوماسية متسارعة


في ظل هذه الطروحات، تتواصل الجهود الدولية لحل النزاع، حيث وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جدة، للمشاركة في اجتماع ثلاثي يضم وفودًا أوكرانية وأمريكية وسعودية، لمناقشة سبل دفع المفاوضات نحو تسوية سلمية. ويُشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إلى جانب مسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى، على رأسهم رئيس موظفي زيلينسكي أندري يرماك، ووزيرا الخارجية والدفاع.  


وأكد زيلينسكي أن المحادثات الأولى بين كييف وواشنطن كانت "مرضية"، معربًا عن أمله في تحقيق نتائج ملموسة تعزز موقف بلاده عسكريًا ودبلوماسيًا. من جهته، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاؤله بشأن التوصل إلى تفاهمات قد تمهد الطريق لإنهاء الحرب، مشيرًا إلى أن واشنطن تدرس رفع التجميد عن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا.  

رؤية سياسية للموقف الأوروبي


وحول جدوى المبادرة الأوروبية، يرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن "النموذج القبرصي" قد يُحقق تهدئة مؤقتة، لكنه لن يلبي طموحات كييف أو موسكو بشكل كامل.

ويوضح فهمي لـ"العرب مباشر"، أن هذا السيناريو قد يلقى قبولًا جزئيًا من قبل الأوروبيين، الذين يسعون لاحتواء النزاع، لكنه لن يلقى ترحيبًا من أوكرانيا، التي ترى في مثل هذه المبادرات تقويضًا لحقها في استعادة أراضيها.  


ويضيف: "إذا أرادت أوروبا نجاح هذا المقترح، فإنها بحاجة إلى ضمانات أمنية واضحة لكييف، إلى جانب عقوبات مستمرة على روسيا تمنعها من تعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة". لكنه يُشير إلى أن موسكو قد تستفيد من هذا النموذج لتعزيز وجودها دون دفع ثمن سياسي، وهو ما قد يُفشل المبادرة قبل أن تبدأ.