بين نار الصناديق ونظريات المؤامرة.. هل تهتز ثقة الأمريكيين في الديمقراطية؟

بين نار الصناديق ونظريات المؤامرة.. هل تهتز ثقة الأمريكيين في الديمقراطية؟

بين نار الصناديق ونظريات المؤامرة.. هل تهتز ثقة الأمريكيين في الديمقراطية؟
الانتخابات الرئاسية الأمريكية

تواجه الولايات المتحدة الأمريكية تحديات غير مسبوقة مع اقتراب انتخابات 2024، حيث تتصاعد المخاوف بشأن مصداقية العملية الانتخابية في ظل تزايد الحرائق "المتعمدة" التي طالت صناديق الاقتراع في عدد من الولايات.


هذه الحوادث لم تقتصر على إتلاف مئات بطاقات الاقتراع فحسب، بل أضافت مزيدًا من الوقود إلى نيران التشكيك في نزاهة الانتخابات الأمريكية، التي تعاني بالفعل من تبعات نظريات المؤامرة التي أصبحت تتردد بشكل متزايد منذ الانتخابات الرئاسية السابقة.


يأتي هذا في وقت تبذل فيه السلطات جهودًا كبيرة لإقناع الناخبين بأن آلية التصويت عبر البريد آمنة وشفافة.


ومع تزايد المخاوف الأمنية وتنامي التهديدات الداخلية التي تستهدف العاملين في الانتخابات، يبدو أن هذه الحرائق تساهم في زعزعة الثقة في الديمقراطية الأمريكية، وسط مطالبات متزايدة بتعزيز الإجراءات الأمنية لمنع المزيد من التهديدات التي قد تعصف بسلامة العملية الانتخابية.

أزمة ثقة


في ظل تفاقم الجدل حول مصداقية التصويت عبر البريد، زادت حادثة اندلاع حرائق متعمدة في صناديق الاقتراع من حدة الأزمة.


ففي ولاية أوريغون، تحديدًا في مقاطعة مولتنوماه، شهدت السلطات حادثة خطيرة، حيث تم إشعال النار في صندوقين لبطاقات الاقتراع؛ ما أدى إلى تدمير أصوات عدد من الناخبين.
بينما تمكنت السلطات من إنقاذ غالبية البطاقات باستخدام مادة إطفاء الحرائق؛ إلا أن الحادثة لم تمر دون أن تثير جدلاً واسعًا، خاصة في ظل حديث متزايد عن إمكانية تأثير هذه الحوادث على نتائج الانتخابات.


وقد فتحت السلطات تحقيقات موسعة للكشف عن ملابسات الحادثة، حيث أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في بورتلاند أن الحريقين مرتبطان، وأن هناك تحقيقات جارية لتحديد هوية المتسببين.


من جهتها، أكدت شرطة بورتلاند أن جهازًا حارقًا تم اكتشافه داخل أحد صناديق الاقتراع، مما يعزز فرضية العمل المتعمد.


تنامي نظريات المؤامرة حول الانتخابات


ليس جديدًا أن تواجه الانتخابات الأمريكية تشكيكات، لكن مع اندلاع هذه الحرائق، بدأت الأصوات ترتفع من جديد لتعيد فتح ملفات الشكوك السابقة حول نزاهة الانتخابات، خصوصًا في ما يتعلق بالتصويت عبر البريد.


الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي ما زال المرشح الجمهوري الأبرز لعام 2024، كان قد أكد مرارًا أن التصويت عبر البريد فتح الباب للتلاعب بنتائج الانتخابات السابقة، وهو ما يضفي على الأحداث الأخيرة بعدًا إضافيًا من الشك والريبة في أذهان شريحة واسعة من الناخبين.

تحقيقات مستمرة وتحذيرات أمنية


وبينما تستمر السلطات الأمريكية في التحقيقات، حذرت وكالات الاستخبارات من تهديدات متزايدة من قبل "متطرفين محليين" تغذيهم نظريات المؤامرة المتعلقة بالانتخابات.


هذه التحذيرات جاءت على لسان مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي، الذين أكدوا أن مثل هذه الهجمات قد تتكرر مع اقتراب موعد الانتخابات، خاصة أن التصويت بالبريد أصبح هدفًا رئيسيًا للتشكيك والاضطراب.


الأمر لم يتوقف عند الحرائق فقط، بل إن العاملين في لجان الانتخابات باتوا هم أيضًا عرضة للتهديدات.


في تقرير نشرته شبكة "إن بي سي"، أشارت إلى أن العاملين في الانتخابات تلقوا عشرات التهديدات، بعضها وصل إلى إرسال طرود مشبوهة تحتوي على مواد خطيرة إلى مكاتبهم.


هذه التهديدات لا تستهدف تعطيل العملية الانتخابية فقط، بل ترمي إلى زعزعة الثقة الكاملة في النظام الديمقراطي بأكمله.

نظام التصويت تحت المجهر


تعتمد الانتخابات الأمريكية بشكل متزايد على التصويت عبر البريد، وهو ما يجعل أي تهديد يستهدف هذا النظام مشكلة كبيرة. ففي انتخابات 2020، لعب التصويت بالبريد دورًا حاسمًا في ولايات مثل جورجيا، حيث كان الفرق بين المرشحين ضئيلاً للغاية، ما جعل هذا الأسلوب محط اهتمام كبير من الناخبين والمراقبين.


ورغم التأكيدات المستمرة من الجهات المعنية بأن النظام آمن، إلا أن مثل هذه الحوادث تؤدي إلى إضعاف الثقة العامة.

مخاوف من التداعيات


في تعليق على هذه الأحداث، دعت شاستي كونراد، رئيسة الحزب الديمقراطي في ولاية واشنطن، جميع الناخبين المتأثرين إلى التحقق من حالة بطاقاتهم الانتخابية لضمان عدم إتلافها.
وأكدت أن الحادثة رغم أنها تبدو معزولة، إلا أنها تمثل تهديدًا خطيرًا للعملية الانتخابية برمتها.


كما دعت إلى زيادة التدابير الأمنية حول صناديق الاقتراع وحماية العاملين في الانتخابات من أي تهديدات محتملة.


على الصعيد الوطني، تتزايد الضغوط على الجهات الأمنية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضمان سلامة العملية الانتخابية.
وفي ظل تنامي هذه التهديدات، بدأت السلطات الفيدرالية والمحلية بوضع خطط طوارئ للتعامل مع أي حوادث مشابهة قد تقع في الأسابيع القادمة.